سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
محمود شعبان بيومي
في خضم استعداد طهران لاستقبال رئيس جديد في ظل الانتخابات الجارية حاليًا في البلاد، فمن المرتقب أن يجتمع عشرات القادة في الرياض تحت رعاية الملك سلمان، وبحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في أولى زياراته الخارجية رئيسًا جديدًا للولايات المتحدة الأميركية.
المشاكسة الإعلامية لا تتوقف من جانب إيران بطبيعة حال، حتى في ظل انشغالها بالانتخابات الرئاسية، خاصة أنها تقدِّم نفسها كـ “ندٍّ” للمملكة العربية السعودية في المنطقة وكأنها راعية للتوجه التحرري في الشرق الأوسط بالكامل.
وقبل أيام تمادت طهران في خطاب التهديد الإعلامي للرياض على لسان وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، الذي هدَّد في خطاب غريب بأن بلاده لن تبقي أي مكان آمن في السعودية باستثناء الأماكن المقدسة إذا ارتكبت الرياض أي حماقة وذلك ردًا على تصريحات ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في لقائه التليفزيوني الشهير.
في المقابل يقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب على أقصى اليسار من الاتفاق النووي الإيراني رافضًا هذا الاتفاق، خاصة أنه سبق أن صرح في أثناء جولته الانتخابية، أنه حال فوزه بالانتخابات الرئاسية فسوف يعمل على إلغاء الاتفاق النووي مع إيران.
وسبق أن وصف ترمب النظام الإيراني بالدولة المحتلة بسبب تدخلاته الجارية في العراق، وبعد وصوله للرئاسة اتهم الرئيس الأمريكي إيران بأنها دولة إرهابية وتسببت في تدمير الشرق الأوسط.
ومع الوجود الواضح لإيران في سوريا، ورفضها الرضوخ لأي حلول سياسية تمنع استمرار الأزمة السياسية في سوريا على وضعها الحالي، بات من الطبيعي التأكيد على أن التوجه الأمريكي يتلاقى مع الجانب العربي في ضرورة الوقوف أمام التوغل الإيراني في المنطقة في ظل هشاشة الواقع السياسي ومعاناة بعض الدول العربية من عدم استقرار سياسي واضح في الداخل، إلى جانب انشغال البعض الآخر في مشاكله الاقتصادية والسياسية، ومن ثم بات الملعب متاحًا لتحرك إيراني دون رادع.
إحدى البواعث القوية الأخرى التي تدفع الإدارة الأميركية إلى تغيير موقفها من طهران، هو الملف اليمني في ظل تمسك الحوثيين بموقفهم من الصراع مع السعودية، ورفضهم المطلق للتفاوض مع الرياض لإنقاذ ما يمكن إنقاذه داخل البلاد وحقن دماء الشعب اليمني في ظل محاولة إيران المستميتة لمحاربة السعودية على الأراضي اليمنية، ولو على حساب الأمن القومي واللوجستي السعودي.
قبل أن أبرح الملف الإيراني لا بدَّ من الإشارة إلى بعض بؤر الصراع الشيعي السني في إفريقيا ومحاولة طهران منافسة الوجود السني، وعلى رأسه السعودية في إفريقيا، فعلى سبيل المثال تقول التقارير المنشورة إن إيران نجحت في نشر التشيع في نيجيريا، إذ وصل عدد المتشيعين إلى ما لا يقل عن 7 ملايين هناك، والقفز على الوجود السني ودور السعودية وحتى دور الأزهر هناك، محاولة خلق ما يسمى بالجيتو الشيعي في القاهرة السوداء المشهود لها بانتشار المذاهب السنية، وكانت حتى فترة قريبة جدًا لا علاقة لها بالمذهب الشيعي على الإطلاق.
في المقابل ثارت خلال الأيام القليلة الماضية أزمة التحرك الشيعي في تونس والجزائر بشكل واضح. واللافت للنظر أن مثقفي الدولتين العربيتين السنيتين قاموا بتوقيع بيانات وجيَّشوا الخطاب الإعلامي للتوعية بخطورة الوجود الإيراني في شمال إفريقيا بالكامل مع غياب واضح لتحرك أو خطاب سني، سواء رسمي أو شعبوي للوقوف ضد التوغل الإيراني في المنطقة.
ومع ضبابية المشهد في القاهرة وعدم استقرار الوضع، ورغبة إيران في عدم الظهور بشكل واضح في الملف المصري، إلا أنه لا يخفى على المتابعين الدور الإيراني في تقريب وجهات النظر بين القاهرة وبغداد من أجل ضخ النفط العراقي إلى الحكومة المصرية بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الأخيرة.
لذلك، فإن طهران تحاول التمدد في المنطقة سواء كان فكريًا أو دينيًا أو سياسيًا أو حتى اقتصاديًا على حساب الوجود السني وفي القلب منه النفوذ السياسي للرياض في المنطقة.
في المقابل تظل هناك قضايا هامة في المنطقة، عالقة دون القدرة على علاجها بشكل قوي، وجوهري وسريع، ويأتي على رأسها الملف السوري، الذي يزداد تعقيدًا طيلة الوقت بسبب خلافات الأطراف المختلفة حول التسوية وشكلها النهائي في دمشق. ومع الترتيبات الجارية للقمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض، فمن المتوقع أن تشهد القمة شكلاً من أشكال النقاش حول الملف السوري ما بين واشنطن والقاهرة والرياض، فضلاً عن دمشق.
بخاصة أن الملف السوري كان سببًا في تصاعد الخلاف في الأسابيع القليلة الماضية بين القاهرة وحلفائها في المنطقة بسبب تمسك الأولى بموقف سياسي بعيد عن توجهات كثير من الدول العربية بخصوص بقاء بشار الأسد في السلطة، فضلاً عمَّا تم تسريبه من أخبار في الصحافة اللبنانية عن وجود عسكري مصري في قواعد عسكرية سورية يتمثل فيما لا يقل عن 200 خبير عسكري مصري لدعم الجيش السوري.
وملف الإرهاب، ومعالجة أزمة تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية أو “داعش”، سوف يكون أحد الملفات الهامة التي سوف يتم تناولها في اللقاء بطبيعة الحال، خاصة أن لقاء ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في واشنطن في آذار (مارس) الماضي مع الرئيس الأمريكي كان من أولوياته أيضًا، ملف الإرهاب وهو ما قُوبل من واشنطن بترحاب حتى إن الرئيس الأميركي قال عقب اللقاء إنه يعول على حلفائه الخليجيين في معركته ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وتمدد “داعش” في المنطقة شمالاً وجنوبًا حتى سيناء المصرية دون وجود حلول جذرية لمواجهة التنظيم، سوف يدفع المجتمعين في الرياض وعلى رأسهم الملك سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى إيجاد صيغة جامعة متفق عليها من أجل معالجة أزمة التنظيمات الإرهابية وملف الإرهاب بشكل كامل خلال الفترة المقبلة، مع رغبة حثيثة من جانب الإدارة الأمريكية الجديدة في المضي قدمًا لوضع تتمة النهاية لكثير من الملفات العالقة في منطقة الشرق الأوسط، على خلاف ما عجزت عنه الإدارة الأميركية السابقة، وانسحابها من ملف الشرق الأوسط بالكامل وانتباهها إلى ملفات هي رأت في وقتها ذات أولوية لها.
إذًا، فالملف اليمني والملف الإيراني وملف الإرهاب، فضلاً عن محاولة التأكيد على وقوف الإدارة الأمريكية بجانب المنطقة في ملفاتها المعقدة والمطروحة للنقاش منذ فترة كملف القضية الفلسطينية الذي تم إثارته في لقاء ترمب مع محمود عباس وقبله عبدالفتاح السيسي في واشنطن في الأسابيع الماضية. كل هذه الملفات من المنتظر أن تتبلور لها رؤية مشتركة وواضحة في المنطقة بعد انتهاء لقاء ترمب والرؤساء العرب في الرياض تحت رعاية الملك سلمان.
باحث سياسي مصري*
@mahmoud1472583
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر