سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ميرفت محمد
بخفة دمها ولهجتها السورية تبدأ الإعلامية السورية (نور حداد) مسترسلة في فيديو بعنوان “تعلم أصول التشبيح في 5 تقارير مع فرانس برس”، تُظهر حداد في البداية رئيس النظام السوري “بشار الأسد” كرجل مكسور القلب على أطفال سوريا ولا ينام ليله، ثم تتناول خبرا يفيد بوجود هجرة للسوريين من دمشق بسبب التخوف من ضربة أمريكية جديدة بعد الضربة المركّزة التي استهدفت مطار الشعيرات شرقي، وثالثة تظهر حياة الرقص واللهو كواقع طبيعي في مناطق النظام.
ما سبق هو طريقة (حداد) الساخرة لإظهار مدى انفصام التقارير الصحفية لوكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس) عن الواقع السوري، والتي تأتي بهدف تقديم صورة إعلامية متواطئة مع النظام ورئيسه عند تغطية الشأن السوري.
كان لهذا الفيديو أن يمر كما سبقه من الفيديوهات الساخرة التي حملت رسالتها ومضت للأرشفة، لكن متابعتي لقرار الوكالة الفرنسية التي تعتبر الأقدم في العالم (تعود إلى عام 1853 ) بتوجيه كتاب شديد اللهجة إلى إدارة مجموعة “أورينت” الإعلامية، استوقفني تعجبًا، من أين أتت الوكالة بتلك الجرأة لتهديد الآخرين باللجوء إلى القضاء لمجرد فيديو ساخر لم تتفوه مقدمته بكلمة واحدة دون صورة تؤكد على ما قالته سخرية، فقد منحت الوكالة (أورينت) مهلة حتى الساعة 12 لحذف الفيديو من صفحة (تيلي أورينت) التابعة له، والمختصة بالإعلام الجديد، لأنها رأت في الفيديو إضرارا بـ”مصالح الوكالة” و”تشهيرًا بأحد صحافييها”، فلم يعجب الوكالة نقدها لتقديم أخبار كاذبة بشكل بديهي جدًا، وهي تريد صمت الجميع عن الإعلام المسيس الذي تنتهجه ويخدم الأسد وزمرته، لم يعجبها التعقيب على انعدام أدنى درجات الإحساس الإنساني والمهني لها وهي تستضيف الأسد مباشرة بعد ارتكابه مجزرة الكيماوي في “خان شيخون”، وقدمته ليدافع عن نفسه وهو الذي تسبب بمقتل مئات آلاف المدنيين من الأطفال والشيوخ والنساء والرجال.
لم تكن “أورينت” وحدها التي انتقدت المقابلة ورأت فيها انتهاكا كبيرا، فحتى على الصعيد الفرنسي الداخلي انتقدت العديد من الشخصيات البارزة، كوزير الخارجية الفرنسي هذه المقابلة، بل أن قناة (سي إن إن) رفضت بث المقابلة لأنها رأت فيها مشاركة في نشر دعاية لهذا السفاح الذي ما يزال يرتكب جرائم ضد الإنسانية.
وكما جاء في رد “أورينت” على رسالة الوكالة الفرنسية قامت الوكالة في يوم واحد خلال العام 2014م بنشر مجموعة من الأخبار الكاذبة كـ”أن المسيحيين في سورية يصلبون إذا رفضوا إعلان إسلامهم” و “أن مسلمين سوريين يقطعون رؤوس المسيحيين، ثم يلعبون بها كرة القدم” و “أن مسلمين سوريين علّقوا أجنة مسيحيين من حبالهم السرية على الأشجار في بلدة معلولا”.
لقد صدعنا الإعلام الغربي بحرية الرأي والتعبير وتقبل الرأي الآخر، حتى أنه لم يترك شيئا إلا تعرض له بالإساءة تحت قناعاته تلك، وقد كانت المعركة همجية للنيل من الإسلام ونبينا محمد (عليه أفضل الصلاة والسلام) تحت بند حرية التعبير.
ثم يأتي هذا الفيديو الهزلي ليتكلم عن واقع يلاحظه الجميع، فتعترض إدارة إعلامية عالمية وتطالب بحذفه، ما الذي تريده هذه القناة من المحروقة قلوبهم على أطفال خان شيخون القتلى بدون دماء، وما الذي تريده من السوريين وهي تظهر باستمرار التحيز القذر تجاه النظام السوري، إن هذا المعركة على قدر ما تركت فينا من استفزاز ستبقى شاهدًا على زيف مبادئ حرية الرأي والتعبير التي تتغني فيها وسائل الإعلام الغربية والتي تأتي على حساب دماء الأبرياء، ودعم سافكي دمائهم بكل ما أوتوا من قوة بسبب رضاها عن التحيز الشخصي لبعض الإعلاميين العاملين فيها.
صحفية وباحثة فلسطينية*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر