سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
استحوذت زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة الأميركية على جانب واسع من اهتمام الإعلام الأميركي، لا سيما في ظل تغيرات جذرية تشهدها المملكة العربية السعودية، وهو ما أدى إلى اهتمام كبير تجاه شخصية الأمير الشاب التي فرضت نفسها على المستويين الإقليمي والدولي، وبدت الصورة المشتركة لكافة التغطيات الغربية، ترسم شخصية الأمير ورؤيته التنموية، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات سياسية واقتصادية عديدة، حيث اعتبرت أغلب الصحف في مقالات افتتاحية أو آراء محللين، أنّ تلك الزيارة تستكمل ترسيخ أطر مرحلة جديدة للسعودية على يد الأمير الشاب.
وفرضت جولة ولي العهد الثانية بمنصبه الجديد، نفسها بقوة على الرأي العام العالمي، فبرزت عدة زوايا من بين التغطيات التي تناولت – في المجمل – محاور بعضها يتعلق بمحاولات ولي العهد تدشين شراكات اقتصادية قوية مع الغرب من خلال طرح تفاصيل خطته التنموية بعيدة المدى، فضلاً عن أحاديث بشأن التوسع في الطاقة النووية، وأخرى تتصل بتبديد المخاوف الغربية إزاء التحولات التي تشهدها المملكة حديثًا، بالإضافة إلى بناء شراكة دولية لمواجهة الإرهاب، جميع تلك المحاور لم تغفل الالتفات إلى شخصية الأمير باعتباره زعيمًا شابًا يمتلك من المقومات ما يجعله يدشن مرحلة جديدة للمملكة، وفق ما نقلت صحف كلٍّ من: واشنطن بوست، و”إس بي إس نيوز”، ونيويورك تايمز، وغيرها من وسائل الإعلام الأميركية.
الاقتصاد في المقدمة
بدا الاهتمام بالجانب الاقتصادي من زيارة ولي العهد، واضحًا من خلال تغطية صحيفة “واشنطن بوست”، التي قالت إن الأمير محمد بن سلمان، سيركز في زيارته لأميركا على الاستثمارات، معتبرة أنّ “محمد بن سلمان الذي هو الوجه الجديد للمملكة، تحرك بسرعة لتنويع اقتصاد البلاد وتعزيز سلطته وقوته كزعيم للعالم العربي، حيث سيبدأ جولة تستغرق أسبوعين من الساحل إلى الساحل في مراكز الأعمال والتكنولوجيا الأميركية على أمل جذب الاستثمارات الجديدة وإقناع الأميركيين بأن البلدين شريكان قديمان، إذ من المحتمل أن تكون بعض هذه المهام أسهل من غيرها.(1)
الأمر نفسه طرحته مجلة “بروسبكت” التي قالت إن الإصلاح الاقتصادي مطروح على طاولة الزيارة بقوة، وبخاصة في ظل إصلاحات المملكة التي شملت تخفيضات كبيرة في الإنفاق العام وخططًا لخصخصة أرامكو (أكبر مشروع مملوك للدولة في العالم)، وإن العديد من الإصلاحات الاجتماعية مدفوعة بالطموحات الاقتصادية، لافتة إلى أن “السعوديين ينفقون ما يقدر بنحو 30 مليار دولار على الترفيه والسياحة في بقية أنحاء الشرق الأوسط، والكثير منها في دبي المجاورة، ويمكن إنفاق هذه الأموال في الوطن وخلق فرص العمل”، هكذا اعتبرت مشروع السعودية الجديد للتحول إلى مركز إقليمي استثماريًا وسياحيًا.(2)
وبدا الجانب الاقتصادي أكثر بروزًا من خلال تغطية مجلة “فورين بوليسي” التي قالت إن المملكة العربية السعودية انتقلت إلى العمل السريع تحت قيادة الأمير محمد بن سلمان، الذي قدَّم مجموعة من خطط الإصلاح الاقتصادي الطموحة، بما في ذلك أول برنامج تعديل مالي سنوي في المملكة، وخطط للاكتتاب العام الجزئي لشركة النفط الوطنية أرامكو السعودية، وخطة خصخصة واسعة النطاق، والعديد من البرامج للاستثمارات الحكومية في الصناعات الجديدة.(3)
وبكثير من التناول العميق للاقتصاد السعودي، رأت الصحيفة الأميركية أن سياسات ولي العهد، تساعد في الوصول إلى الحد الأدنى من التطور الاقتصادي، حيث يواجه الاقتصاد السعودي تحديات هيكلية عميقة، بما في ذلك عجز مالي كبير بسبب انخفاض أسعار النفط، لافتة إلى أنّ المملكة العربية السعودية تعاملت مع الإصلاحات المالية بشكل أكثر قوة، حيث تم إدخال تدابير غير مسبوقة على الضرائب وأسعار الطاقة، بما في ذلك فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، وضرائب جديدة على العمال الأجانب، وزيادة في أسعار الكهرباء والوقود، فضلاً عن قيام الحكومة الآن بتعزيز تجربة القطاعات غير النفطية الجديدة، بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والتصنيع الدفاعي.
مجلة “فوربس” هي الأخرى تطرقت إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه ولي العهد السعودي، للتنمية الاقتصادية وبناء شركات واسعة المدى، حيث من المقرر أن يزور الأمير محمد بن سلمان، شركة أوبر التي تحظى بشعبية كبيرة في المملكة، كما أن صندوق الاستثمار العام السعودي مستثمر رئيسي في أوبر (3.5 مليار دولار).(4)
الطاقة النووية
اهتمام الإعلام الأميركي ركّز في إحدى محطاته على التوجه نحو الطاقة النووية في المملكة، وهو ما بدا في تغطية صحيفة “إس بي إس نيوز”، التي قالت إن ولي العهد يحاول تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة في إطار مبادرة “رؤية السعودية 2030” الطموحة لبناء اقتصاد أقل اعتمادًا على النفط مع جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، لذلك تريد الرياض تسريع وتيرة برنامجها للطاقة النووية المدنية، من خلال بناء 16 مفاعلًا على مدار العشرين عامًا القادمة، بتكلفة تبلغ حوالي 80 مليار يورو (98 مليار دولار)، وهو ما اعتبرته الصحيفة الأميركية تكاملاً لبرنامج اقتصادي طموح يسعى الأمير الشاب إلى تحقيقه خلال الفترة الحالية.(5)
السعودية تدخل في إطار هذا الاهتمام من خلال بناء محور شراكة يعمل على توفير التكنولوجيا اللازمة لتنفيذ المشروع الطموح، وفق الصحيفة نفسها، التي رأت أن ثمة مواجهة للاعبين منافسين محتملين، لا سيَّما أن الصين وروسيا وفرنسا قادرة – أيضًا – على سد احتياجات السعودية في الملف النووي.
ورأت “فوربس” أيضًا أنّ الأهداف المشتركة للبلدين، سيفرضان احتمالية مناقشة إعادة فرض العقوبات ضد إيران، وبخاصة مع محاولات إيران بناء أسلحة نووية والمشاركة في النزاعات الإقليمية، مع “رغبة المملكة العربية السعودية في شراء واحدة أو أكثر من محطات الطاقة النووية والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في الموافقة على السماح لشركة مثل جنرال إلكتريك بالقيام بهذا العمل”، وهو الجانب الذي اعتبرته الأهم في زيارة ولي العهد إلى الولايات المتحدة الأميركية.(6)
شخصية الأمير
شخصية ولي العهد وزيارته، فرضت نفسها بقوة على مجمل تغطيات الصحافة الأميركية، حيث اعتبرت مجلة “فورين أفيرز” أنّ الأمير الشاب يحمل “مخططات وأحلام الملك السعودي القادم”، حيث قالت إن “الأمير محمد بن سلمان، الأمير الشاب البالغ من العمر 32 عامًا فقط، بالفعل الشخصية الأقوى في التاريخ السعودي المعاصر، ومن الممكن له أن يفعل أشياء عظيمة. وقد استطاع إزالة القيود التي جعلت السياسة الخارجية والداخلية السعودية حذرة ومحافظة وسط أزمات الشرق الأوسط الحديث”، فيما جاءت أغلب التحليلات التي تناولت شخصية ولي العهد، برصد براعة الأمير محمد بن سلمان الذي يقف خلف رؤية السعودية 2030 التي وضعتها المملكة، ووصفتها بـ”الخطة الطموحة”، بالإضافة إلى رؤيته الانفتاحية التي فرضها بشجاعة.(7)
تغييرات اجتماعية
كان الانفتاح الذي بدت عليه المملكة العربية السعودية، مؤخرًا، محط اهتمام الصحافة الأميركية، وهو ما ظهر جليًا في تغطيات مجلة “فورين بوليسي” التي اعتبرت الأمر الأكثر إثارة للاهتمام، هو أن ولي العهد بدأ تحرير السياسات الاجتماعية التقليدية للمملكة، منها السماح للنساء بالقيادة قريبًا، وتقليص صلاحيات الشرطة الدينية التي كانت تسبب مضايقات في السابق، وتخفيف الضوابط الدينية على المجال العام، وتسهيل التنويع في السياحة والترفيه.(8)
الاهتمام الأكبر جاء في تغطية “نيويورك تايمز” التي قالت إن التغيير المجتمعي بات أكثر انفتاحًا، إذ إن النساء في السعودية على قدم المساواة مع الرجال، فضلاً عن تغيير رؤية اعترف بها الأمير في السابق بأن المملكة كان يسيطر عليها فكر متشدد دينيًا، والنساء كن محرومات من الحقوق الأساسية، وتقليص الحياة الاجتماعية من خلال حظر دور السينما والموسيقى، وهو ما بات متلاشيًا في المملكة في عهدها الجديد.(9)
نتائج
– تشير مجمل التغطيات الإعلامية الأميركية إلى اهتمام واسع بزيارة ولي العهد السعودي، خاصة ما يتعلق بالجانب الاقتصادي منها، ومحاولات بناء محور شراكة غير محدود، في وقت تحاول فيه السعودية الانتقال من مرحلة الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المتعدد.
– الاهتمام الأميركي ركّز في إحدى محطاته على التوجه نحو الطاقة النووية في المملكة حيث يحاول ولي العهد تدشين شراكة في المجال التكنولوجي.
– جانب آخر من التغطيات الغربية أبرز شخصية ولي العهد، التي فرضت نفسها بقوة على مجمل التغيطات، حيث اعتبرت إحدى التغطيات أنّ الأمير الشاب يحمل “مخططات وأحلام الملك السعودي القادم”.
– التغطيات الإعلامية الأميركية لم تكن بعيدة عن التغيرات الاجتماعية التي طرأت على المملكة، سواء ما يتعلق بالمرأة، أو توسيع الحياة الاجتماعية من خلال رفع الحظر عن دور السينما والموسيقى.
وحدة الرصد والمتابعة*
المراجع
1- سياسات التجزئة والقواعد الصارمة والقيادة الشابة.. ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة (واشنطن بوست).
2- هل يستطيع محمد بن سلمان إنقاذ المملكة العربية السعودية؟ (بروسبكت).
3- محمد بن سلمان يزور واشنطن (فورين بوليسي).
4- العد التنازلي 7 اجتماعات كبيرة من المرجح على جدول أعمال الأمير ولي العهد السعودي (فوربس).
5- الأمير السعودي الذي هز المملكة يزور ترمب (إس بي إس نيوز).
6- العد التنازلي 7 اجتماعات كبيرة من المرجح على جدول أعمال الأمير ولي العهد السعودي (فوربس).
7- مخططات وأحلام الملك السعودي القادم (فورين أفيرز).
8- محمد بن سلمان يزور واشنطن (فورين بوليسي)
9- ولي العهد السعودي: النساء على قدم المساواة مع الرجل (نيويورك تايمز).
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر