سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ميرفت محمد
في مارس (آذار) الماضي فرضت المحكمة المركزية الإسرائيلية السجن الفعلي على (المواطنة الإسرائيلية) صابرين زبيدات ذات الثلاثين عامًا، لمدة 50 شهرًا، وأيضًا لمدة 12 شهرًا أخرى مع وقف التنفيذ، ناهيك عن غرامة طائلة.
أدينت زبيدات التي أحدثت قضيتها ضجة كبيرة بـ”التواصل مع عميل أجنبي، الخروج بطريقة غير مشروعة من البلاد، العضوية في تنظيم داعش الإرهابي”، لقد كانت هذه المرأة وهي أم وزوجة أول من حوكم في قضية انضمام عائلتها لـ”داعش” داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي، لكنها لم تكن المرأة الأولى على مستوى العالم التي تحاكم بتهمة الانضمام لهذا التنظيم، قررت أن أبدأ مقالتي تلك بقصة “زبيدات” بسبب الكم الهائل من الاستغراب الذي لاحقني وأنا أتخيل مدى قوة الإرادة التي تملكت هذه المرأة في الوصول إلى (داعش) مع عائلتها وفيها أطفالها، وبالتحديد لامرأة تقطن في منطقة كدولة الاحتلال الإسرائيلي التي تشدد إجراءاتها الأمنية لأبعد الحدود.
في الحقيقة، يشكل انضمام النساء إلى (تنظيم الدولة)، كارثة حقيقة، فعلى سبيل المثال كانت نسبة النساء اللاتي غادرن فرنسا للانضمام إلى التنظيم 35% من بين الملتحقين بالتنظيم، لذلك فإن “عاشقات الشهادة” كما يسميهن الباحث حسن أبو هنية في كتابه المشترك مع محمد أبو رمان، يشكلن قضية يمكن تدارسها تحت نطاق الجهادية النسوية في (تنظيم الدولة)، قضية تُفسر فيها بدقة دوافع تلك النسوة في الذهاب وهي تصطحب أطفالها وتشجع زوجها نحو أماكن تواجد (داعش) المغلقة والتي من الطبيعي أن يتساءل أي عاقل قبل الذهاب: ما حقيقة ما يحدث هناك؟، ورغم أن الكثير من الدراسات أكدت أنه من السهل استمالة النساء، وخاصة الفتيات القاصرات، اللواتي يعشقن المغامرة والمخاطرة، ويردن الزواج من مقاتل، لكننا بحاجة ماسة للوقوف على حقيقة سرعة حدوث ذلك بمجرد تعارف على الشبكة العنكبوتية لأحد الأشخاص الموالين للتنظيم، يدرك أن هدفه بترغيب فتاة أو امرأة بالوصول إليهم في سوريا أو العراق هدف سهل التحقيق في ظل الظروف التي تعيشها المرأة في المجتمعات، فتعب الوصول من إحدى الدولة العربية أو الغربية سيزول بمجرد وضع قدمها في هذه المناطق، وهو ما يدلل على عمق غسيل الدماغ الذي تتعرض له والذي جعلها تخاطر بحمل أطفالها أحيانًا إلى هذا الطريق الخطر، بأمل تحقيق حلم التواجد في هذه المناطق المزعوم أنها “دولة الخلافة”.
وبينما تخرج المرأة إلى (المشاركة في الجهاد ومحاربة أعداء الإسلام)، لن يجدي ما سوف تكتشفه هناك من واقع مرير بعودتها، فالناجيات من التنظيم قلة، وكما تقول إحدى الهاربات من التنظيم : “استغلوا سذاجتي وضعفي، وانعدام الأمن في بلدي، لقد كرهتُ نفسي”، أما أخرى فتقول : “حتى هدّدوني، وقالوا إنني امرأة وحيدة مع طفل، ولا يمكن أن أذهب إلى أي مكان، وإذا حاولت الرحيل سيتم رجمي أو قتلي”.
أرى أن المجتمع النسوي الذي غرق بدراسة قضايا تقليدية و يركز على تغيرات تعارض الفطرة والدين، عليه البحث بجدية والتطرق نحو مستجدات تسلل الإرهاب إلى المجتمع النسوي، الذي هو يعني تسلل إلى كل المجتمع، فوصول الأطفال إلى (داعش) وقيامهم بتشرب الإرهاب منذ الصغر، واستغرابنا من ذبح وقطع أعناق الضحايا على يد الأطفال هو في الغالب مسؤولية المرأة التي قدمت كل شيء لهذا التنظيم، نحن نريد دراسة جدية تتحدث عن الأسباب العائلية والمجتمعية التي تدفع النساء على وجه التحديد نحو التنظيمات الإرهابية، فإذا ما قلنا أن النساء الغربيات قدمت إلى (داعش) كونهن يشعرن بالعزلة والتهميش في مجتمعاتهن، وهربًا من العنف الذي يمارس ضدهن، فهل هذه الدوافع قائمة في المجتمعات العربية أم هناك دوافع أخرى، كعدم الوعي بالعلم الشرعي وفقدان الأمن الفكري!!.
صحفية وباحثة فلسطينية*
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر