سيناء المعضلة والحل (١) | مركز سمت للدراسات

سيناء المعضلة والحل (١)

التاريخ والوقت : الجمعة, 10 مارس 2017

هاني ياسين

 بينما كنت أقلب صفحات على موقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك استوقفتني هذه القصة والتي لخصت لي الكثير والكثير مما يحدث في سيناء، وكشفت لي عن السر في طول الفترة التي يقضيها الجيش المصري مدعوما بقوات الشرطة في إنهاء الحالة السيناوية القائمة والقضاء على الإرهاب فيها كما أعلن عن ذلك في مرات سابقة.

    لكن قبل الخوض في القصة استحضر هنا الصراع الفائت بين الدولة متمثلة في وزارة الداخلية وبين تنظيمي الجماعة الإسلامية والجهاد في منتصف التسعينيات والذي انتهي بانتصار الدولة من جهة وإعلان الجماعتين عن مبادرة وقف العنف ووثيقة ترشيد الجهاد، وعلي الرغم من كون الداخلية فقط هي التي تولت الأمر بمفردها في مواجهة جماعتين كبيرتين وقتئذ لهما مئات بل آلاف الأتباع المنتشرون في ربوع مصر من شمالها إلي جنوبها. فلا يكاد يمر يوم أو يومين إلا وتأتي الأنباء بعملية مسلحة هنا  أو هناك تارة يعلن عنها الجهاد وتارات تتبناها الجماعة الإسلامية، مرة في الصعيد وأخرى في قلب العاصمة، مرة تحصد أرواح السياح وأخرى تستهدف مسيحيين ووزارء وكتاب وشخصيات عامة وأمنية ومدنية، ومع كل هذا استطاعت الداخلية  بمفردها تحجيم  أنشطة هذه الجماعات والقبض عليها وإيداعها السجون.

    تبدأ القصة بحسب ما رواه هذا الشاب بأنه كان يسير في طريق العودة إلي بيته وهو في طريقه صادف كمين لرجال ملثمين ينتمون لولاية سيناء أو داعش سيناء كما يحلو للبعض تسميتها، بغرض اصطياد العناصر الأمنية و تصفيتها، فيطلب من هذا الشاب إخراج بطاقته الشخصية للتحقق من هويته ليفاجأ بأن من يطلب منه ذلك صوت يعرفه جيدا فيخبره الشاب أنت فلان بن فلان فيفاجأ برده نعم ،فيسأله الشاب أعلم انه ليس لك علاقة بهذه الجماعات ولم يكن لك انتماء في يوم من الأيام، فما الذي دفعك لهذا؟.

كان الرد الذي جاء من الشاب المنتمي لولاية سيناء محل تفكير من صديقه ومنا أيضا، نتفهم من رده لما طالت فترة الصراع الدائر في سيناء على الرغم من استخدام أسلحة عسكرية وطائرات حربية على نطاق واسع ومع ذلك توالت الوعود بالانتهاء من هذه الأزمة التي نراها تتفاقم، وهو ما يكشفه رد الشاب لصديقه الذي أزال عنه لبس سبب انضمامه لهذه التنظيمات الإرهابية  حيث يقول: ماذا أفعل وأنا أرى والدي يقتل أمام عيني وأمي تصاب وشقيقتي راقدة بين الحياة والموت وبيتنا تهدم بعد سقوط قذيفة عليه.

    ربما رد هذا الشاب يخلص لنا جزءا من القصة ويفسر لنا بعض طلاسم المشهد الغامض الذي حول المدينة الهادئة إلى بركة من الدماء لا تكف الطلقات المتبادلة فيها عن الصمت حتى صارت مدينة شبه خربة هجرها أهلها طوعا أو كرها، وكانت هذه نهاية شبه منتظرة للحالة التي عاشتها سيناء منذ فترة كبيرة تتعثر خطواتها بين تنظيمات إرهابية تعيث فيها فسادا و بين دولة تتعامل معها و مع أهلها بمنطق “الدمل” الذي يسبب الوجع والصداع لها بين الفترة والأخرى.

    سيناء ومعضلتها ليست وليدة اليوم ولن يكون علاج أزمتها بما نراه الآن، الأمر يحتاج لتفكير ورؤية واضحة وإجابة على تساؤلات عديدة، كيف وصل الأمر إلى ما هو عليه الآن؟ ولماذا تقف الدولة المصرية عاجزة عن إنهاء التواجد الداعشي على أرض سيناء؟ كيف تتحرك وتعيش هذه التنظيمات وكيف نمت وترعرت وكيف تحولت في استراتجية قتالها ضد الدولة؟- في مقالات قادمة نجيب على هذه التساؤلات ونطرح قضية سيناء المعضلة و الحل أمام القارئ.

 باحث في ملف الإسلام السياسي*

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر