سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Daniel Moss
يواجه وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية المجتمعون في واشنطن للمشاركة في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي، نظاماً تجارياً عالمياً يعاني من الفوضى، وعدم يقين بشأن وضع الدولار والمسار المحتمل لأسعار الفائدة، وأسواقاً ماليةً متراخيةً، حتى الآن، بشكل مقلق.
وسط كل هذه التحديات، يجب على صانعي السياسات إيلاء اهتمام خاص لتحدٍّ آخر هو أن الدين العام برز كخطر متزايد بعد سنوات من الإهمال.
قبل خمس سنوات، ارتفع عجز الموازنات في جميع أنحاء العالم بسبب الجائحة، إذ أدت الإغلاقات إلى خنق النشاط الاقتصادي وتقليص الإيرادات الضريبية، بينما ارتفع الإنفاق العام بحدة مع سعي الحكومات لحماية الفئات الضعيفة.
ارتفع العجز من مستوى 3.5% من الناتج العالمي في العام الذي سبق حالة الطوارئ إلى 9.5% في عام 2020. لا شك أن استجابة مالية قوية كانت ضرورية – لكن، كما حاجج كثيرون آنذاك، كان ينبغي عكسها في الوقت المناسب. لكن لم يحدث ذلك. حتى الآن، ما تزال العجوزات أعلى مما كانت عليه في عام 2019.
قبل الجائحة، كان الدين الحكومي يوازي 84% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ويبلغ حالياً 95%. يتجه هذا الدين على مسار مواصلة النمو بوتيرة أسرع من الناتج المحلي الإجمالي. في دولة تلو الأخرى، ومنها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومعظم دول الاتحاد الأوروبي.
بحلول عام 2030، حتى لو سارت الأمور على ما يرام، فقد تتجاوز نسبة الدين العالمي المستوى الذي بلغته في عام 2020، عندما كانت حالة الطوارئ المالية في أسوأ حالاتها.
ليس هناك سقف ارتفاع آمن للدين
من باب نفي النقض، الدين العام ليس سيئاً في حد ذاته، وليس هناك سقف ثابت لارتفاعه الآمن. لكن مع ارتفاعه، تتقلص القدرة المالية، ما يُقلل مساحة مناورة الحكومات عند حلول الأزمة التالية.
في نهاية المطاف، يمكن لمزيج من عدم الانضباط المطول والتطورات الاقتصادية السيئة وتدهور الأسواق المالية أن يغرق الدول في مأزق عميق لدرجة أن السبيل الوحيد للخروج منه هو شكل من أشكال التخلف عن سداد الديون، سواء كان صريحاً أو مقنعاً بارتفاع التضخم.
تغيرت المواقف بعد الركود العالمي عام 2008، وسيتعين عليها العودة إلى الوراء. ولأن التعافي الذي تلا الأزمة كان بطيئاً جداً، فقد اكتسب شد الحزام، أي محاولة التراجع عن التحفيز السابق، سمعة سيئة. يتردد ذكر “ركود مزمن” مع انخفاض أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية، التي كان يعتقد آنذاك أنها دائمة.
أدى انخفاض أسعار الفائدة لسنوات مقبلة إلى جعل عجز الموازنة الأكبر متقبلاً مع إمكانية تحقيق التوازن في الميزانية بحيث يغطي الاقتراض العام تكاليفه بنفسه.
لقد تغيرت الحقائق، لكن هذه العقلية ما تزال قائمة. لقد توقف معظم صانعي السياسات الأميركيين عن الاهتمام بالديون المتزايدة باستمرار. في أماكن أخرى، قد تتظاهر الحكومات بالحاجة إلى الانضباط – في بعض الحالات باعتماد قواعد الميزانية أو إنشاء “مجالس مالية” لمعالجة المشكلة – لكن إجراءاتها لم تُفلح.
إذا تجاوزت أسعار الفائدة طويلة الأجل المعدلة لاحتساب أثر التضخم النمو الاقتصادي وارتفعت أكثر، فسيستمر الدين في الارتفاع، وسيصبح خفض العجز أصعب، وهذا مرجح جداً. في الولايات المتحدة وأوروبا، تُسهم شيخوخة السكان في رفع نسب الإعالة، ما يُخفض الإيرادات ويُعزز الإنفاق الاجتماعي.
تُقرّ الحكومات بالحاجة إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، وهناك حاجة ماسة إلى بنية تحتية جديدة ومُحسّنة، بما في ذلك للانتقال إلى الطاقة النظيفة. والتعامل مع الركود الاقتصادي التالي، ناهيكم عن الجائحة التالية، مسألة وقت لا أكثر.
البديل الوحيد للانهيار المالي المُحتمل هو الجمع بين ضبط الإنفاق وزيادة الإيرادات. لكن، أولا، يجب على صانعي السياسات إدراك مدى هشاشة اقتصاداتهم. لقد حان الوقت لإعادة ضبط الميزانية – والتخطيط فعلياً لاتخاذ إجراء حيال ذلك.
المصدر: الشرق Bloomberg
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر