هل هناك حالة واحدة مقنعة لصعود للدولار؟ | مركز سمت للدراسات

هل هناك حالة واحدة مقنعة لصعود للدولار؟

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 14 أكتوبر 2025

جيمي ماكجيفر

حقق الدولار الأمريكي للتو أفضل أداء أسبوعي له في شهرين، وهي خطوة قد يعتبرها كثيرون انتعاشًا قصير الأجل في ظل تراجع طويل الأجل، خاصة مع اقتراب انخفاض أسعار الفائدة الأمريكية. لكن حالة الصعود للدولار المتراجع مقنعة بشكل مفاجئ.

كان ارتفاع قيمة الدولار بنسبة 1.3% الأسبوع الماضي نتيجةً رئيسيةً للانخفاض الحاد للين استجابةً للتطورات السياسية في اليابان. وإذا استثنينا ذلك، فإن التوقعات القاتمة للدولار لم تتحسن كثيرًا.

يخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بينما توقف معظم نظرائه عن تخفيف سياستهم النقدية. الأهم من ذلك، أن الرئيس دونالد ترمب ووزير الخزانة سكوت بيسنت جعلا من ضعف الدولار ركيزةً أساسيةً لإستراتيجيتهما الاقتصادية لتعزيز الصادرات الأمريكية، وخفض العجز التجاري، وإنعاش قاعدة التصنيع الأمريكية.

أضف إلى ذلك سردية “التخلي عن الدولرة”، حيث يُقلل العالم من تعرضه للأصول الأمريكية استجابةً لأجندة ترمب السياسية المثيرة للجدل، وقد تتساءل عن طبيعة الحجج التفاؤلية للدولار.

يُعد ستيفن إنجلاندر، رئيس قسم أبحاث العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في ستاندرد تشارترد، وفريقه من بين المحللين القلائل الذين يتوقعون نهايةً لتراجع الدولار. ويتوقعون أن ينخفض اليورو إلى 1.12 دولار خلال العام من 1.16 دولار حاليًا.

ترتكز فرضيتهم على 3  فرضيات مترابطة: سيظل نمو الإنتاجية في الولايات المتحدة قويًا، وستحافظ البلاد على ريادتها في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي، وستظل أسعار الفائدة الأمريكية الحقيقية مرتفعة نسبيًا.إنها حجة مقنعة للغاية.

الإنتاجية، اندماج الذكاء الاصطناعي
أولًا: الإنتاجية. ساعدت ديناميكية الاقتصاد الأمريكي ومرونته في الحفاظ على ميزة إنتاجية تفوق عديدا من نظرائه لفترات طويلة. وهناك مؤشرات على إمكانية اتساع هذه الميزة.

بلغ نمو الإنتاجية في الولايات المتحدة 1.6% في  2023، وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو معدل أعلى بكثير من متوسط المنظمة البالغ 0.6%، ويتناقض بشكل صارخ مع الانخفاض الذي شهدته منطقة اليورو في ذلك العام بنسبة 0.9%. ومع حلول 2025، يستمر هذا الاتجاه. فقد ارتفعت الإنتاجية السنوية للولايات المتحدة بنسبة 3.3% في الربع الثاني، متجاوزةً الاقتصادات المتقدمة الأخرى. ويتوقع إنجلاندر وزملاؤه أن ترتفع هذه النسبة إلى 5.0% في الربع الثالث.

وأشاروا إلى أن نمو الإنتاجية المتوقع قد يرتفع أيضًا، ويعود الفضل في ذلك بشكل كبير إلى الذكاء الاصطناعي. وفي حين أن فوائد الإنتاجية “الكبيرة” من الذكاء الاصطناعي لم تُرَ بعد، وفقًا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فمن المنطقي افتراض أن الولايات المتحدة ستتمتع بها بشكل غير متناسب بمجرد ظهورها. أشاروا إلى مكانة البلاد الحالية في سباق الذكاء الاصطناعي، ورأس المال الفكري القوي، واللوائح التنظيمية المتساهلة نسبيًا، ومرونة سوق العمل.

يُعدّ الجمع بين ارتفاع الإنتاجية واستمرار هيمنة الذكاء الاصطناعي، ما يُحفّز نموًا قويًا، عاملًا جذابًا للمستثمرين الأجانب، إلا أنه يبدو متناقضًا مع رغبة ترمب في خفض أسعار الفائدة بشكل كبير.

وكتب فريق ستاندرد تشارترد: “من المرجح أن تؤدي أسعار الفائدة الحقيقية المنخفضة بشكل مصطنع إلى فرط النشاط الاقتصادي، خاصةً إذا كان الاقتصاد يعمل فعلا بشكل أسرع بفضل ارتفاع الإنتاجية والربحية”. وأضاف: “نشك بشدة في قدرة الولايات المتحدة على تحقيق أسعار فائدة حقيقية منخفضة بشكل مستدام، ودولار أضعف، ونمو قوي في الإنتاجية”.

لا تزال أسعار الفائدة الأمريكية المعدلة حسب التضخم مرتفعة وفقًا للمعايير العالمية، وما لم تُخفّض أسعار الفائدة بشكل كبير، فمن غير المرجح أن يتغير هذا الوضع قريبًا.

هل هذا مُسلّم به؟ ليس بهذه السرعة
ولكن ماذا عن المخاوف العالمية بشأن السياسة الأمريكية غير الحكيمة والصيحات المألوفة بأن الذكاء الاصطناعي وشركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى هي أم الفقاعات؟ هذه التصريحات صحيحة، ولكنها ليست قاطعة. أولاً: لكي يتدفق رأس المال خارج الولايات المتحدة، فإنه يحتاج إلى بديل جذاب – والمستثمرون لا يملكون كثيرا منه.

لا تقتصر التوجهات نحو سياسة مالية أكثر مرونة – وربما سياسة نقدية أكثر مرونة – على الولايات المتحدة، كما أظهرت أحداث اليابان الأسبوع الماضي. فقد انخفض الين إلى أدنى مستوى قياسي له مقابل اليورو، ويقترب من أدنى مستوى له في 30 عامًا مقابل الدولار. وتخيم مخاوف “انخفاض قيمة العملة” على عديد من العملات، وليس الدولار فقط.

ثم هناك مسألة فقاعة الذكاء الاصطناعي. يبدو اليقين التكنولوجي الأمريكي سطحيًا، بالنظر إلى الارتفاع الحاد في الأسعار والتقييمات وتركيز السوق. ولكن بالمقارنة مع طفرة الإنترنت في أواخر التسعينيات، يبدو أن هذه الطفرة لا تزال في مراحلها الأولى. وكما كتب ستيفن جين وجوانا فريري من Eurizon SLJ يوم الجمعة: “فقاعة دوت كوم 2.0: نحن في المعسكر الأساسي فقط”. قد تُشكّل السياسة الأمريكية عائقًا: انظروا إلى قرار ترمب المتهور يوم الجمعة بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الواردات من الصين. لكن الأدلة الأخيرة تُشير إلى أن ترمب من غير المُرجّح أن يُصرّ على موقفه إذا اعترضت الأسواق.
لذا، على الرغم من أن فرضية انخفاض الدولار لا تزال من أكثر الآراء شيوعًا في مجتمع الاستثمار العالمي، فإنها قد لا تكون بهذه البساطة.
المصدر: الاقتصادية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

[mc4wp_form id="5449"]

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر