في سجون الأسد، كيف أصبح الموت أسمى أمنية؟! | مركز سمت للدراسات

في سجون الأسد، كيف أصبح الموت أسمى أمنية؟!

التاريخ والوقت : السبت, 11 فبراير 2017

ميرفت محمد

 

بينما كانت وسائل الإعلام الفرنسية بل والأوربية تعج احتجاجًا على قضية اغتصاب أربعة رجال شرطة فرنسيين لشاب محتجز من مدينة (d’Aulnay-sous-Bois)، يدعي “ثيو” وكانت شوارع فرنسا تنتفض بالمظاهرات كانت السلطات المصرية وتحديداً الخميس الماضي “تٌشمع” المركز الوحيد الذي يعالج ضحايا العنف في مصر وهو مركز “النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب”، متحججة بأن هذا الإغلاق لكون رخصة المركز  كتب فيها “عيادة نفسية وعصبية”، لكن النشاط الفعلي “تأهيل نفسي” وعليه تم التشميع!

بعيداً عن المقارنة حقوقياً وإنسانياً بين مصر وفرنسا، يطرأ على هذا المقال تناول قضية لا يمكن وصف وجعها تزامنت مع الحدثين السابقين، تتعلق هذه الحادثة بصدور تقرير لمنظمة العفو الدولية “أمنستي”  أثبت بالأدلة والوثائق والشهادات مقتل 13 ألف سوري  في الفترة الواقعة بين 2011 إلى 2015، قتل هؤلاء المعتقلون في سجن “صيدنايا” الذي يعد واحد من أسوأ سجون العالم سمعة.

إن ما علينا تأكيده قبل الخوض فيما يحمله هذا التقرير هو أن مآسي المعتقلين السوريين تصادف أي حادثة وقعت خلال ست سنوات من الحرب السورية كونها مستمرة، بل أننا مضطرون ومجبرون لإعتبار شهادة السوري “عمر” بأن “أحد الحراس أجبر اثنين من المعتقلين على خلع ملابسهما، وأمر أحدهما باغتصاب الآخر، وهدده بالموت إن لم يفعل” هي الأخف إجراماً بين ما يتعرض له المعتقلون في سجون الأسد التي انتهجت سياسة الإبادة دون رادع.

نعود لتقرير “أمنستي”، لقد كانت عناصر النظام السوري تسحب كل أسبوع ما لا يقل عن خمسين نزيل من سجن صيدنايا إلى خارج الزنزانات ويُضربونهم ثم يُشنقونهم في منتصف الليل، في سرية تامة، آخرين كان يقضون نحبهم في الحجز بجوار من يبقى من الأحياء في الزنازين، أولئك يبقى بوسعهم أن يشتموا رائحة التعذيب، وصفت تلك الرائحة بأنها تمتزج فيها روائح الرطوبة والدم والعرق، وهي ناجمة عن تعرض المعتقلين لشتى أنواع التعذيب من بينها الصعق بالصدمات الكهربائية ونزع أظافر الأيدي والأرجل والسلق بالمياه الساخنة، ليصبح الموت أمنيةً ما على وجه الأرض أجمل منها !!

عندما تحدثت إلى الحقوقية السورية التي كانت  ضمن فريق أمينستي وقد سجل اسمها المستعار بـ(اورنمو) أخبرتني بدموعها وقهرها “إن الأسوأ هو الذي لم ينشر” وأن ” لا يوجد شيء مكتوب يعكس أوجاعهم”، لذلك علينا أن نتساءل هل كتب في هذا التقرير أن “صوت تساقط الدم من جسد المعتقل يشبه صوت ارتطام أكداس الجثث حين كانوا يرمونها فوق بعضها”، كما قال أحد الشهود، بالطبع لا، فجعبة التقرير الحقوقي يتطلب البوح بعيدًا عن المشاعر.

ثمة قضية أكثر وجعًا، لا يمكن لهذا المقال أن يمر دون التطرق لها، أنها قضية اغتصاب الأطفال في السجون السورية، فقد نجح الحقوقيان “سيسيل أندريفسكي” وليلي مينيانو” بإصدار تقرير قبل يومين يوثق جرائم اغتصاب الأطفال من قبل نظام الأسد.

فإذا، ما اكتفينا باستعراض قصة الطفلة نورا فهي كفيلة بتعميم فاجعة المعتقلات  اللواتي يتم توزيع حبوب منع حمل عليهن كل صباح، حتى أن الصغيرات منهن تعطى حقناً أيضاً، يروى الحقوقيان انه تم اقتياد نورا خارج زنزانتها، وخلف الجنود ملابسها وادخلوها لرجل أشيب هو رئيس القاعدة العسكرية، فقد قالت الصغيرة «أخذني. اغتصبني. نام معي… هي صرخت، حاولت الفرار، عاركت من أجل أن يسمحوا لها بالخروج»، . ثم روت أنه : «قدّم لها حبة صفراء صغيرة، وأعطاها حقنة في يدها اليمنى. ثم ضربها بشدّة إلى أن شعرت بالدوار».

أن صدور مثل هذا التقرير وإصرار المجتمع الدولي على الصمت إزاء جرائم النظام السوري دون التحرك لمنع إفلات النظام السوري من العقاب، يؤكد أن هذا المجتمع شريك للأسد في الفظاعة التي يرتكبها في حق الشعب السوري من أجل البقاء في السلطة !!

 صحفية وباحثة فلسطينية*

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر