سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Juliana Guaqueta Ospina
يمكن أن تكون التقنيات الجديدة مثيرة ومزعجة في الوقت نفسه. خلال السنوات القليلة الماضية، لم تكن هناك ابتكارات أكثر إثارة للجدل من الذكاء الاصطناعي “AI”. إنه يغير الطريقة التي نفكر بها حول متى وأين وكيف نعمل، وما هي المهارات التي يحتاجها العمال ليزدهروا في عالم يسوده الآلات الذكية والحوسبة المعرفية. لكن يأتي ذلك مع تحذير ضخم. كيف سيؤثر في الوظائف وسبل العيش؟ وما الخطوات التي يمكننا اتخاذها الآن لتأمين مستقبل قوانا العاملة وتجهيزهم بالمهارات والمعرفة التي سيحتاجونها للنجاح في سوق عمل أكثر رقمية وأتمتة وسرعة؟
إعادة تشكيل الوظائف – أو إعادة تكوينها – هي مصدر قلق رئيسي. الأعمال التي تتطلب كثافة عمالية، مثل: تجميع الإلكترونيات أو السيارات، والتعامل مع المواد، والإشراف على سلاسل التوريد – وهي مهن توظف عشرات الملايين من العمال، والتي تعتبر حيوية لاقتصادات العديد من الدول النامية – ستتأثر بالتأكيد مع الأنشطة التي تدعمها الذكاء الاصطناعي، مثل مراقبة الجودة والروبوتات، التي قد تحل محل بعض الوظائف. قد يحتاج العمال في المجالات المعرفية مثل: البنوك، والتسويق، والموارد البشرية بالفعل إلى تحسين مهاراتهم للتعايش مع التكنولوجيات المتطورة؛ لتحليل البيانات المالية، والتداول الخوارزمي، والتحليلات التنبئية، وتطوير البرمجيات.
سيكون للذكاء الاصطناعي تأثير هائل على القوى العاملة
قدّر صندوق النقد الدولي، مؤخرًا، أن ما يقرب من 40% من الوظائف ستتأثر بالذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يختلف هذا التأثير بحسب مستوى دخل البلد. قد تتأثر حوالي 60% من الوظائف في الاقتصادات المتقدمة بالذكاء الاصطناعي، بينما التأثر في الأسواق الناشئة هو 40%، وفي البلدان منخفضة الدخل 26%. بينما تكون الاضطرابات قصيرة الأجل الناجمة عن الذكاء الاصطناعي، أقل في الاقتصادات الناشئة والنامية. هناك أيضًا خطر أن يفوت العمال في هذه البلدان الاستفادة من الفوائد المحتملة.
تمتد تداعيات نشر الذكاء الاصطناعي إلى ما هو أبعد من تعطيل الوظائف. الاقتصادات المتقدمة تعتمد الذكاء الاصطناعي بشكل أسرع من العالم النامي، مما يطرح تحديات للاقتصادات الناشئة؛ إذ قد يعيق نقص المهارات وعدم الألفة بالتقنيات الابتكارية الأساسية التقدُّم. هناك بالفعل مؤشرات على أن نقص العمال المهرة تقنيًا في بعض البلدان، يثبط الاستثمار في سلاسل التوريد لصناعات هامة، مثل: تصنيع وتجميع بطاريات السيارات الكهربائية. وإذا لم يُعالج هذا، فإن الفجوة بين المهارات في الشمال والجنوب ستتسع، مما قد يفاقم من عدم المساواة في الدخل، ويحد من قدرة بعض الاقتصادات على الاستفادة من الفرص ذات القيمة العالية، ويؤجج مجموعة من المشكلات الأخرى التي يمكن أن تتخطى الحدود.
أصبح من المسلّم به الآن أن العمال – في أي مكان تقريبًا وفي أي وظيفة تقريبًا – يحتاجون إلى أن يكونوا أكثر كفاءة في المهارات التقنية والرقمية، أكثر من أي وقت مضى. حتى مع تهديد بعض الوظائف بالزوال، فإن الطلب على الفنيين والتقنيين والمهندسين في ازدياد مستمر. في استطلاع حديث لأصحاب المصلحة في صناعة السيارات بأونتاريو، حدد ثلثا المستطلعين “نقص خيارات التعليم والتدريب المناسبة” للطلاب والخريجين الجدد كسبب رئيسي للنقص المتوقع في المهارات المستقبلية. وحدد أكثر من نصف المستجيبين “نقص خيارات إعادة التأهيل وإعادة التدريب للعمال الحاليين” كتحدٍ آخر. ومن المرجح أن تكون الفجوات في الأسواق الناشئة مماثلة أو أسوأ.
يجب ألا يكون التعليم في موقف المتابع للذكاء الاصطناعي
تعكس تلك الحقيقة السوق التعليمية السريعة النمو، التي من المتوقع أن تصل قيمتها إلى أكثر من 7 تريليونات دولار بحلول عام 2027. اليوم، يُخصص جزء صغير فقط من المبادرات والاستثمارات التعليمية للتقنيات الناشئة، مثل: التعلم الآلي، والحوسبة المعرفية، والروبوتات، وأنظمة الجيل التالي، ولم تُدمج هذه بعد في أنظمة التعليم على نطاق واسع. ومع ذلك، المنتجات التعليمية التقليدية أو منتجات التكنولوجيا التعليمية وحدها لن تكون كافية. مع وتيرة الابتكار التكنولوجي اليوم، يعتبر التدريب التقني التطبيقي، وبرامج التعلم المستمر، والتطوير المستمر للمهارات، ضرورية لتجهيز العمال بالقدرة على فهم وتشغيل التقنيات ونماذج الأعمال المتطورة، وفي نهاية المطاف للبقاء في وظائف مُجدية.
يحتاج صانعو السياسات إلى إعطاء الأولوية للتدريب المبني على المهارات، مع وضع الاقتصاد المدعوم بالذكاء الاصطناعي في الاعتبار. الاقتصادات الناجحة من الماضي، مثل: ألمانيا، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، واليابان، تقدم دروسًا قيمة. ركزت هذه الدول على التميز الهندسي، والابتكار التقني، والتدريب الفني المتين؛ لدفع اقتصاداتها، وتحسين قابلية توظيف العمال، وتوفير المهارات اللازمة للتنافس في الاقتصاد العالمي. وأنشأت هذه البلدان إطارات المهارات وحفزت الشركات على الاستثمار في التدريب. والنتائج معروفة جيدًا.
إعادة التأهيل تتطلب تعاونًا بين أصحاب المصلحة
في عصر الذكاء الاصطناعي، تعدُّ مشاركة الصناعة والنهج التعاونية، حاسمة لتضييق الفجوة بين التعليم العالي التقليدي وواقع العمل. إذ يحتاج العمال إلى الخبرة العملية مع التقنيات المتطورة. ويحتاج المعلمون ومؤسسات التعليم إلى إعادة تصور المسارات وصياغة برامج تعليمية تتماشى مع الواقع التقني والعملي لسوق العمل اليوم. في بعض الحالات، يجب إعادة تصور وتحديث الشهادات التعليمية التقليدية والأشكال. ويحتاج جميع أصحاب المصلحة إلى التعاون لتحديد متطلبات المهارات الجديدة، وإنشاء نماذج مستدامة لتحسين مهارات العمال وإعادة تأهيلهم على نطاق واسع وبسرعة.
من خلال تشكيل الشراكات والاستثمار في رأس المال البشري، يمكن للاقتصادات الناشئة والنامية أن تنمو خارج دائرة الفقر وتنتقل إلى اقتصادات أكثر حيوية وعدالة وحداثة. يمكن لمؤسسة التمويل الدولية أن تساعد؛ إذ لديها خبرة عميقة وقد استثمرت أكثر من 2.4 مليار دولار في التعليم في الأسواق الناشئة. كما أنها مستثمرة كبيرة في الصناعات ذات العمالة العالية، مثل: التصنيع، والأعمال الزراعية، والصيدلة والرعاية الصحية. ولديها عقود من الخبرة في تعبئة الموارد وتجميع أصحاب المصلحة لإنشاء حلول نظامية. وهي ملتزمة بتحديد ودعم حلول التدريب القابلة للتوسع التي تتماشى مع احتياجات المهارات في الأسواق الناشئة.
تنمية رأس المال البشري أمر ضروري لمستقبل مزدهر. هناك حاجة إلى نُهج جديدة للتحسين المستمر والسريع للمهارات وإعادة التأهيل. يمكن لمنصات التعلم الإلكتروني، المؤهلات المصغرة، والمبادرات التعاونية بين المؤسسات التعليمية والصناعة، أن تدعم هذا الجهد وتسرع الانتقال إلى عالم أكثر خضرة وكفاءة وشمولية، تتوفر فيه فرص العمل ومسارات تطوير المهارات بسهولة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: World Economic Forum
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر