أحمد بن سميط
هناك زيادة عالمية في الحاجة الملحة للانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة والمستدامة. ومع ذلك، فإن تصميم مصادر الطاقة الخضراء وتطويرها وتحسينها ودمجها في البنية التحتية الحالية للطاقة يمثل مجموعة فريدة من التحديات. ومع زيادة حصة الطاقة المتجددة في الشبكة الكهربائية، سوف تستمر هذه التحديات في النمو؛ لذلك فإننا نلاحظ من خلال التجارب اليومية في العمل الاستشاري في مجال الطاقة المستدامة التآزر المتزايد باستمرار بين الطاقة المتجددة والتكنولوجيا. أشعر أن الإنجازات التكنولوجية الأخيرة أوصلتنا إلى نقطة حيث بدأ التحول المستدام والإمكانات الهائلة التي تتمتع بها هذه التكنولوجيا لتمكين التحول إلى الطاقة النظيفة على مستوى العالم الذي بدأ يتشكل أخيراً على أساس عالمي.
لقد كان الذكاء الاصطناعي بمثابة تحول في قدرته على التنبؤ وتطوير معرفة أكثر دقة للطاقة المتجددة المتاحة في موقع معين والتي تترجم هذه التحسينات في الدقة بشكل مباشر إلى تخطيط أفضل من قبل مطور الطاقة المتجددة وشركة المرافق الكهربائية المحلية، وأعاد الذكاء الاصطناعي أيضاً تشكيل الطريقة التي نحلل بها الطلب على الطاقة ونتوقعه خاصة الذين يأخذون في الاعتبار الآلاف من المتغيرات المتغيرة باستمرار مثل أنماط الطقس والعطلات المحلية والاستخدام التاريخي لتوفير توقعات أكثر دقة للطلب. وهذا سيسمح لمنتجي الطاقة والمرافق باتخاذ قرارات مستنيرة فيما يتعلق بتوزيع الطاقة، وتحسين نفقاتهم واستثماراتهم.
إن تطوير مشروع لتوليد الطاقة النظيفة بأسعار معقولة وموثوق بها، وخاصة المشروع الذي يستخدم نهجاً هجيناً (على سبيل المثال، الجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة)، يتطلب نهجاً يجمع بين المنهجيات التقليدية والرشيقة في إدارة المشاريع، والذي يختلف من شبكة إلى أخرى وأحياناً من مرفق إلى آخر. هذا هو المجال الذي تمكننا فيه الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، جنباً إلى جنب مع الخبرة البشرية والإبداع، من تحسين كل مشروع لدمج مشاريع التوليد الهجين المعقدة هذه في شبكة الطاقة من خلال المرور بملايين التكوينات والسيناريوهات المحتملة، واختيار الأفضل في العالم خلال فترة زمنية قصيرة جداً، ويمكن لأنظمة إدارة الشبكة القائمة على الذكاء الاصطناعي التنبؤ باستهلاك الطاقة وضبط توليد الطاقة وتوزيعها ديناميكياً وتحليل البيانات التاريخية والظروف الحالية للتنبؤ بأفضل الأوقات لأداء كل هذه الوظائف والقيام بذلك بطريقة فعالة للغاية. وهذا يضمن إمدادات طاقة مستقرة مع تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري كبديل.
واحدة من أكبر العقبات التي تواجه أصول الطاقة المتجددة مثل توربينات الرياح أو الألواح الشمسية هي الصيانة وغالباً ما توجد هذه الأصول في مناطق نائية، مما يجعل عمليات التفتيش اليدوية كثيفة العمالة ومكلفة. يمكن لأنظمة الصيانة التنبؤية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات من أجهزة الاستشعار المدمجة في هذه الأصول للتنبؤ بالوقت المحتمل للفشل أو الحاجة إلى الصيانة، وبالتالي جدولة أنشطة الصيانة بشكل استراتيجي لتقليل الاضطرابات.
يجب على الذين يتطلعون إلى تكامل الذكاء الاصطناعي أن يحددوا أولاً أهدافهم بوضوح، مثل تحسين تخزين الطاقة، أو التنبؤ بصيانة المعدات، أو تعزيز كفاءة الشبكة. وجود أهداف واضحة يضمن نشر الذكاء الاصطناعي المستهدف وبعد ذلك، ينبغي تقييم مدى توفر البيانات وجودتها والتحقق من صحتها بشكل مستمر لكي يتمكن الذكاء الاصطناعي من تقديم رؤى قيمة، فإنه يحتاج إلى مصادر بيانات قوية وذات صلة ومنظمة بشكل جيد. وأخيراً، فإن تنمية الثقافة التنظيمية التي تعطي الأولوية للتعلم المستمر أمر حيوي مع التطور السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، يعد البقاء على اطلاع بأحدث التطورات أمراً أساسياً لتحقيق النجاح المستدام.
يوفر التقاطع بين الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة إمكانات هائلة، لكنه لا يخلو من التحديات. وهناك عقبة كبيرة تتمثل في فجوة الخبرة؛ تتطلب مشاريع الذكاء الاصطناعي الناجحة في هذا القطاع مزيجاً من إتقان الذكاء الاصطناعي والفهم العميق لأنظمة الطاقة لذلك فإنه من خلال التجارب، تعد جودة البيانات أمراً بالغ الأهمية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالبنية التحتية الحيوية. يمكن أن تؤدي البيانات غير الدقيقة أو غير التمثيلية إلى قيام الذكاء الاصطناعي بتقديم حلول دون المستوى الأمثل.
إن اتحاد الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة يَعِد بمستقبل أكثر إشراقاً ونظافة لتوليد الطاقة ولكوكبنا ككل. وبينما نقف على أعتاب ثورة الطاقة النظيفة، فإن الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تحفز هذا التحول، مما يجعل طريقنا إلى توليد الطاقة الخالية من الكربون أكثر سلاسة وأسرع وأكثر كفاءة.ورغم أن التحديات لا تزال قائمة، فأنا على ثقة من أن الذكاء الاصطناعي سوف يلعب دوراً محورياً في تشكيل مشهد طاقة صديق للبيئة، ولن يعود بالنفع على أجيال المستقبل فحسب، بل على أجيالنا أيضاً.
المصدر: البيان