سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
شافيير فيفز
أحدثت أسعار الفائدة التي تتزايد بوتيرة سريعة ثقباً في فقاعة العملة المشفرة، وكشفت عن الهشاشة وسوء الإدارة، بل وحتى الاحتيال في العديد من الشركات، خصوصاً في بورصة العملات المشفرة «FTX».
ويأتي الانهيار الكبير لشركة «FTX» في أعقاب الإخفاقات الأخرى التي تعرضت لها أخيراً شركات التشفير، مثل «تيرا لونا»، أو «ثري أروز كابيتل» أو «فواياجي ديجيتال».
ويذكرنا سفر الجامعة بأنه «ليس هناك شيء جديد تحت الشمس». وفي المقر الرئيسي لشركة «FTX» تحت شمس جزر الباهاما، حذرت إعلانات الشركة العملاء من «تفويت» «فرصة كبيرة قادمة» العملات القائمة على سلسلة الكتل «البلوكتشين»، والمنتجات المالية، والرموز غير القابلة للاستبدال، ولكن الأصول هي الشيء الجديد في هذه الفرصة، إذ بدأ سرد أزمة العملات الرقمية منذ أمد بعيد.
وكما يحدث في كثير من الأحيان، بدأ الانهيار بفقاعة، وتجاوز طلب المستثمرين التوقعات المنطقية على المدى القريب لما يمكن أن تحققه العملات المشفرة. ونظراً لكون «بيتكوين» و«إيثيريوم» وغيرهما من العملات غير عملية كوسيلة للتبادل، فقد اقتصر استخدامها على المضاربة المالية والنشاط غير القانوني. ولكن الانخفاض التاريخي لأسعار الفائدة غذت الهوس بشأن مستقبل التشفير. وأصبحت جهود التقصي أدنى من أسعار الأصول التي كانت ترتفع ارتفاعاً صاروخياً. وسهلت النقود قليلة التكلفة مهمة اتخاذ رافعة مالية مفرطة بالنسبة للشركات، إذ كان المستثمرون يحتاجون إلى عوائد متزايدة الحجم للتغلب على السوق وعلى منافسيهم، وهذا يعني المزيد من النفوذ والمزيد من المخاطرة.
وعندما تنفجر الفقاعات أو تتقلص، تتعثر الأرباح. وتكشف الظروف الأخف حدة عن هشاشة النظام واللوائح التنظيمية غير الملائمة، وسوء الإدارة، والجهات الفاعلة السيئة التي كان من السهل إخفاؤها في يوم من الأيام. وتذهب الشركات إلى أبعد حد، حيث تخفي الخسائر بالاحتيال. وعندما تسقط إحدى الشركات، تنتشر العدوى إلى الكيانات التي تكون معرضة للخطر.
لقد أراد مؤسس «FTX» اللامع، سام بانكمان فرايد، أن يجعل العملة المشفرة سائدة، واستثمرت الصناديق الكبرى مثل صندوق الثروة السيادية في سنغافورة، في المشروع. وروّج مشاهير مثل «توم برادي» و«لاري ديفيد» للتبادل في إعلانات «Super Bowl». وبدأت تظهر ملامح حقبة مالية جديدة، والشيء الوحيد الذي كان يخشاه المستثمرون هو تفويت فرصها.
ولكن حماسهم كان أشبه بمنزل من ورق، إذ بدأ انهيار العملة المشفرة بانهيار النظام البيئي «للعملة المستقرة» لـ«Terra-Luna»، وهي مجموعة من العملات الرقمية التي فقدت ربط عملتها بالدولار تماماً، عندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة في أوائل عام 2022.
وانتقلت العدوى إلى «ثري أروز كابيتل»، التي أصبحت الآن صندوق التحوط المشفر البائد الذي تأثر إلى حد كبير بـ«تيرا لونا». وحاولت «FTX» وقف العدوى، وإنقاذ شركات مثل «Voyager» و«BlockFi». وشبه البعض «بانكمان فرايد» بالأسطوري «جي بي مورغان»، الذي اشتهر بتدخله المالي الخاص في كبح جماح الذعر عام 1907.
إن التنبيه المشؤوم بدأ بنزاع عام بين «بانكمان فرايد» و«تشانغبنغ تجاو»، مؤسس بورصة المنافسة «باينانس». وقال «تجاو» إن «باينانس» خططت لبيع 529 مليون دولار من رموز «FTT» (رمز العملة المشفرة الأصلي لمنصة تداول المشتقات المشفرة FTX)، مما دفع عملاء «FTX» إلى البدء في سحب الأموال من المنصة. وواجهت «FTX» أزمة سيولة هائلة، وسرعان ما أصبحت معسرة. وبعد أن قال إن «باينانس» ستشتري البورصة المعطلة، تراجع «تجاو» عندما رأى كتب «FTX». واستقال «بانكمان فرايد» من منصب الرئيس التنفيذي بعد ذلك بوقت قصير، وأفلست الشركة.
وأدى انهيار«FTX» إلى إلحاق أضرار بالغة برؤية الغلاف المشفر لنظام مالي غير منظم وغير مركزي، ولكن هذا لا يعني أن التكنولوجيا هي المسؤولة عن الفوضى. فقد تعمل الأشكال الأخرى للتمويل الرقمي وتقنية سلسلة الكتل مثل العقود الذكية على تحسين أنظمة الدفع وتوسيع الشمول المالي. وتشارك العديد من البنوك المركزية في العملية، وتطلق عملاتها الرقمية الخاصة لدعم السيادة النقدية والاستقرار المالي.
المصدر: صحيفة البيان
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر