التفكير خارج الصندوق: التعليم في العصر الرقمي | مركز سمت للدراسات

التفكير خارج الصندوق: التعليم في العصر الرقمي

التاريخ والوقت : السبت, 5 نوفمبر 2022

ميلان كوردستاني

تركز العديد من الشركات على الامتيازات المتمثلة في عضويات الرياضات البدنية أو المكاتب الدائمة والتطوير الوظيفي. ومع ذلك، فإن التعليم التنظيمي له تأثير كبير جدًا على القدرة على التكيف والكفاءة والمشاركة والاحتفاظ به. ولتلبية توقعات الموظفين وتعزيز الأعمال التجارية، بات من المتعين على القادة أن يفكروا في أدوات وخبرات التعليم الرقمي المتاحة.

لقد كانت خبرة الموظف تمثل مصدر قلقٍ لسنوات طويلة حتى الآن، إذ تؤثر بشكل مباشر على مشاركة الموظفين، وغالبًا ما تُترجم المستويات العالية من المشاركة إلى زيادة الإنتاجية والابتكار ومعدلات الاحتفاظ والإيرادات، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من المزايا. ومع ذلك، تكرس معظم الشركات اهتمامها على مثل هذه الامتيازات. فغالبًا ما تتصدر قائمة هذه الامتيازات عضويات الألعاب الرياضية، والوجبات المجانية، ومساعدة رعاية الأطفال.

وفي حين أن لكل من هذه الأمور مزاياها، فإن تجربة الموظف تعدُّ في الواقع محصلة لكل الخبرات السابقة، بما في ذلك تجربة الارتقاء الوظيفي. فقد أظهرت الدراسات السابقة أن ثقافات التعليم التنظيمي القوية تؤثر في كل شيء، بدءًا من مشاركة المعرفة وتطوير القيادة إلى القدرة على التكيف والكفاءة. ففي الواقع، تتمتع الشركات ذات الثقافات التعليمية القوية بمعدلات مشاركة تزيد على نسبة 15%، ومعدلات احتفاظ أعلى بنسبة 30% إلى 50%.

إن فرص التعليم تفيد أرباب العمل والموظفين على حد سواء. بجانب ذلك، يريد الناس المزيد من التطوير المهني في الأيام الراهنة. فقد خلصت إحدى الدراسات إلى أن 68% من الموظفين سيبقون في شركة تعمل على تطوير مهاراتهم، بينما أبدى 52% من المبحوثين إحساسهم بأنهم بحاجة إلى تعلم المزيد من المهارات الجديدة خلال العام المقبل وذلك بغرض مواصلة حياتهم المهنية.

ونظرًا لكوننا نحيا في العصر الرقمي، فقد أصبحت التكنولوجيا بطبيعة الحال تمثل عامل تمكين لفرص التعليم والتطوير، وبخاصة عندما يرغب 89% من الموظفين في الوصول إلى التدريب في أي مكان وزمان. كما أنهم يرغبون في اختيار جدول التدريب (بنسبة 85% من المبحوثين)، ويعتقدون أن التدريب المنتظم أكثر أهمية من التدريب “التقليدي” في مكان العمل.

ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن السؤال يكمن في: كيف يشرع قادة التعليم والتطوير في تصميم تجارب التعلم الرقمي الصحيحة التي يبحث عنها الموظفون؟

أولاً: وحدات تعليمية قابلة للتخصيص

إن العديد من برامج التدريب التقليدية لا تفعل الكثير لتطوير مهارات الموظفين، لأنها غالبًا ما تكون أساسية جدًا، وواسعة جدًا، لكنها تكون مملة للغاية. فلم يعد نهج “نموذج واحد يناسب الجميع” للتدريب والتطوير يعمل إذا نجح بالفعل على الإطلاق. أمَّا اليوم، فيسعى الموظفون إلى الحصول على خبرات تعليمية مُصَمَّمة خصوصًا لتناسب احتياجاتهم الفردية ونقاط قوتهم ومستويات تعليمهم.

وتتيح الوحدات القصيرة والمُرَكَّزة والتفاعلية المقدمة من خلال القنوات الرقمية لأعضاء الفريق، التعليم بالسرعة التي تناسبهم. وهي قابلة للتخصيص بسهولة وتضمن احتواء التدريب على المحتوى الأكثر صلة وذات مغزى للمهارة أو الوظيفة أو المؤسسة. لذا ينبغي التفكير في الأمر على أنه تعليم في صورة “وجبات خفيفة” يمكن أن يتناسب بسهولة مع جدول أي موظف تقريبًا.

وأهم من ذلك، أنه يمكن تسهيل الوصول إلى وحدات التعليم المصغرة والرقمية. ويمكن للموظفين اختيار وقت ومكان التعليم، وبالطريقة التي يفضلونها (مثل سطح المكتب، والكمبيوتر المحمول، والهاتف المحمول، وما إلى ذلك). وستعمل كل من المرونة والراحة على تحسين معدلات المشاركة بين الفريق، وتوفير بيئة ذات ضغط منخفض بالنسبة لأولئك الذين يقاومون التعليم.

ثانيًا: عناصر التدريب على “التلعيب” Gamification

يعرف التلعيب بأنه تطبيق عناصر اللعبة وآليات عملها في سياقات ومجالات أخرى غير مرتبطة بالألعاب كالتسويق والأعمال والإعلام والتعليم، لمشاركة المستخدمين في حل المشاكل وتحقيق أهداف محددة، وزيادة تفاعل ومساهمة الفرد. ويعد التلعيب أكثر من مجرد تصميم وحدات تدريبية لتقليد الألعاب التي يلعبها الأشخاص، رغم أن ذلك يزيد من المشاركة في تعلم مهارات جديدة. فالتدريب على اللعب يتضمن تطبيق كافة عناصر اللعب على عملية تطوير الموظفين كلها، ومعظمها من خلال الأدوات الرقمية.

مثلاً التعليقات، بدلاً من تقديم مدخلات في نهاية الدورة التدريبية، يسمح التلعيب لقادة التعلم والتطوير بتقديمها طوال الوقت. إنها تشبه إلى حد كبير البرامج التعليمية المقدمة من خلال أي لعبة فيديو تقريبًا. تتيح مطالبات التدريب، إن جاز التعبير، للناس تعلم الأساسيات والبناء عليها. ويساعد هذا في ضمان تعلم الجميع لما يحتاجون إليه خلال كل جلسة، ويمكن أن يساعد الموظفين على استيعاب مفاهيم أكثر تعقيدًا.

يمكن أيضًا أن يكون التعليم عن طريق اللعب، فمثلاً، يمكن للموظفين التعلم والكسب باستخدام مجموعة تطبيقات الأعمال المفتوحة المصدر التي تغطي جميع احتياجات الشركات، والتي تعرف باسم “Audo”، وهو ما يمكن قوله بالنسبة للمواعيد النهائية أو الدورات التدريبية. هنا يكفي محاولة تكريم الموظفين عند إكمالهم كل قسم والتقدم في “اللعبة”. فإذا احتاجت منظمة إلى الوصول إلى مؤشرات أداء رئيسية معينة، يمكن لقادة التعليم والتطوير إنشاء لوحة “ليدربورد” الرقمية لتتبع التقدم. وبالتالي، فإن القليل من المنافسة الصحية يمكن أن تفيد الفرق، ولا تنتهي خيارات التلعيب Gamification.

ثالثًا: التطوير عن طريق المحاكاة

تمثل المحاكاة أحد أشكال تدريب الموظفين وتطويرهم بما يكسبهم الشعبية في غالبية أماكن العمل التقليدية، إذ يتم استخدام المواقف المتعلقة بالعمل لنقل المعرفة العملية وتطوير المهارات الخاصة بالوظيفة بين الموظفين. وبدلاً من وجود جزء ثابت ومحدد من المحتوى، يتفاعل الأفراد مع أحد التطبيقات، وأحيانًا ما تكون مكتوبة، أو سيناريوهات رقمية. غير أن هذا كله يتوقف على نوع التدريب.

وللمساعدة في الإعداد، ربما تختار الشركة محاكاة بعض التحديات اليومية الأكثر شيوعًا التي يواجهها مندوبو خدمة العملاء والتي تتطلب مزيدًا من البراعة. وفي نفس السياق، يمكن للمؤسسة إقران نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) بجهاز محمول لتقديم محتوى تدريبي بناءً على موقع عضو الفريق في المبنى. فالتصنيع، مثلاً، قد يختار السير في هذا الطريق، أو لكافة الشركات من أجل تعريف العمال الجدد بالأقسام الأخرى في العمليات. ومع توفر جميع الأدوات الرقمية حاليًا، فإن قادة التعلم والتطوير يلحقون الضرر بالفرق لأنهم لا يستخدمون ولو عددًا قليلاً منها. فقط ينبغي أن نحصل على الوقت الكافي لمراجعة ما هو متاح، ثم نحدد الخيارات الأكثر منطقية، إنها مسألة بسيطة جدًا.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: CEO World Magazine

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر