سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
عفت السراج
منذ الثورة الصناعية كانت التكنولوجيا في طليعة التغييرات الرئيسية التي طرأت على حياتنا، وبخاصة مع ظهور الإنترنت، حيث كان على العالم بأسره أن يلحق بمجموعة متنوعة من الطرق المهمة التي وُلِدَت من حاجتنا للتواصل. فقد غيرت وسائل التواصل الاجتماعي في البيئة التي نعيش فيها؛ إذ لم تعد فيها الأمور كما كانت. ومثلما غيرت وظائفنا وحياتنا وترفيهنا وتفاعلاتنا، فقد غيرت السياسة أيضًا. فنجد “تويتر”، على وجه الخصوص، قد ضرب بشدة وغير إلى الأبد قواعد اللعبة دبلوماسيًا وإعلاميًا.
وكما وصف “تركي الدخيل، سفير المملكة العربية السعودية لدى الإمارات العربية المتحدة، فإن الأمر “مخالف للقواعد”. فقد تغيرت الطريقة النموذجية التي يستجيب بها الدبلوماسيون والسياسيون المشهورون للأحداث الكبرى حول العالم. وقد تحولت الخطب إلى تغريدات، وأصبح الإلحاح الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى. إذ تكمن البلاغة في الإيجاز، الذي هو فن إظهار المشاعر الصحيحة والمنظور الصحيح بأقل عدد من الكلمات، أو بالأحرى الشخصيات.
أمَّا الآن، فالتحديات الأساسية تكمن في السرعة والعولمة والبلاغة. فبالنسبة لأي شخصية مهمة على الساحة السياسية، بات من المتعين أن تكون الإجراءات سريعة وفي الوقت المناسب. فبمجرد وقوع الحدث الذي يحتاج إلى استجابة، على المرء التصرف بسرعة. ذلك أن الجميع يعلمون أن التغريد لا يستغرق سوى بضع ثوانٍ، لذلك لا يتم التسامح مع التأخير؛ إذ يمكن اعتبار التأخير ليوم واحد فقط موقفًا سلبيًا من موضوع مهم.
وبعد ذلك تأتي العولمة؛ فبمجرد أن تغرد، يمكن لأي شخص في جميع أنحاء العالم الوصول إليك، ويمكن حتى أن يترجمه الـ”تويتر” لهم إذا لم يفهم أحد لغتك. وفي غضون ثوان، يمكنك جعل وجهات نظرك معروفة للعالم كله. وفي حين أن هذا يعد امتيازًا من حيث الوصول، إلا أنه يمثل تحديًا كبيرًا من حيث توضيح وجهة نظرك عبر الحواجز اللغوية والثقافية والوقوف على مبادئك دون الإساءة إلى أي شخص.
وأخيرًا، فإن التحدي الرئيس يكمن في البلاغة؛ ففي حين لديك 280 حرفًا فقط لتوضيح وجهة نظرك، فإنك تحتاج إلى العثور على الكلمات الصحيحة تمامًا التي يمكنها توصيل رسالتك دون المخاطرة بتفسيرها بشكل خاطئ. وفي حين أنه من السهل نظريًا الرد وتوضيح أي سوء تفاهم، إلا أنه لا يزال من الصعب للغاية إقناع الناس بأن هذا التوضيح كان دائمًا هدفك الحقيقي، بل إنه من الصعب جعل الناس يقرؤون الرد في المقام الأول.
ومع ذلك، فإن هذه التحديات لا مفرَّ منها، حيث تعتبر دول العالم الآن الدبلوماسية الرقمية جزءًا لا يتجزأ من سياسات الشؤون الخارجية. فدول مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة لديها فرق وإدارات مخصصة فقط لهذا الجزء من استراتيجيات العلاقات الدولية. حتى هنا في المملكة العربية السعودية، فإننا بصدد جهود كبيرة لتحسين الدبلوماسية الرقمية للبلاد.
إن الدبلوماسية الرقمية تبدأ على مستوى وزارة الخارجية، لكنها تتفرع إلى السفارات المنتشرة في جميع أنحاء العالم. وهي، على كلا المستويين، تعد أداة أساسية وفعالة يمكن للدول من خلالها الاهتمام بشؤونها والحفاظ على صورة إيجابية لها. إنها توفر للبلدان قناة اتصال سريعة وفعالة لتحسين علاقاتها العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن القوة المطلقة لتغريدة واحدة من شخصية جيدة المتابعة على الساحة السياسية، يمكن أن تكون قوية مثل الإعلان العام أو الخطاب المكلف للغاية. إن هذه التكلفة المنخفضة تمنح البلدان قدرة أفضل على المناورة، لا سيما عند معالجة القضايا الصغيرة.
وبعبارة أخرى، فإن الدبلوماسية الرقمية بالنسبة للدول تعتبر مكافئة لما يعنيه التسويق الرقمي للشركات، كما أنها تتضمن الاقتراب من الجماهير، وبناء العلاقات، والعلامات التجارية. وفي الوقت الراهن، لا يمكن لأي بلد أن يعيش بدونها.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: Arab News
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر