سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
Eurasia Review
كشفت دراسة جديدة تستند إلى تقارير لقادة محطة الأبحاث الخاصة بكوكب المشتري عن قدر من الاختلافات في سلوك القيادة بين الإناث والذكور. فرغم أن كلاً الجنسين يركزان على المهام التي توكل إليهم، إلا أن النساء يبدين ميلاً لأن يَكُنَّ أكثر إيجابية. كما أن هناك اختلافًا على أساس النوع فيما يخص سلوك القيادة تجاه الفريق؛ فبينما يركز الرجال على الإنجازات، تؤكد النساء على الدعم المتبادل. ووفقًا لمؤلف الدراسة، “إنجا بوبوفيتو”، وهي متخصصة في علم الاجتماع بجامعة كاوناس للتكنولوجيا (KTU) في ليتوانيا، فإن النتائج تشير إلى أن النساء قد يكن أكثر ملاءمة لبعثات الفضاء طويلة الأجل.
ووفقًا للباحثة، فإنه ابتداء من عام 2021، خدمت ثلاث نساء فقط، كقائدات في محطة الفضاء الدولية خلال عقدين من عملياتها. ورغم أن هذه المساحة قد أصبحت أكثر تنوعًا، فإنه لا يُعرف سوى القليل عن الفروق بين الجنسين في القيادة في البيئات المعزولة والمحصورة والمتطرفة. فكما تقول “بوبوفيتو”، الباحثة في مجموعة أبحاث المجتمع المدني والاستدامة بجامعة كاوناس للتكنولوجيا، فإنه في غضون عشرة إلى عشرين عامًا من بداية البعثات إلى المريخ، سيتم إرسال مجموعات مختلطة من الجنسين. فهناك أيضًا إحدى رائدات الفضاء التي تستعد لرحلة إلى القمر في غضون بضع سنوات. ومع ذلك، لا يزال هناك نقص في البيانات حول النساء في مجال الفضاء بسبب مشاركتهن المحدودة في كل من الرحلات الاستكشافية القطبية ونظائرها في الفضاء؛ حيث يتم إجراء مقارنة ديناميكية للمجموعات المختلطة بناء على ديناميكيات المجموعات الذكورية”.
وبهدف المساهمة في مجموعة الأبحاث والدراسات حول هذا الموضوع، فقد قام الفريق البحثي بالتحقيق في الاختلافات المحتملة بين الجنسين في القيادة في البيئات التناظرية الفضائية. ولذلك كانت “بوبوفيتو”، عضو الفريق، تستخدم تقارير القائد من محطة أبحاث صحراء المريخ، وهي منشأة فضائية تناظرية في ولاية يوتا، حيث تشترك نظائرها في الفضاء في بعض الخصائص مع رحلات الفضاء. وقد توجد مثل هذه الأماكن لأغراض أخرى (مثل محطة أبحاث أنتاركتيكا)، أو قد تكون مُنشأة خصوصًا لتكرار أجزاء من تجربة رحلات الفضاء.
ويركز القادة من كلا الجنسين على المهام، لكن النساء يبدين أكثر دعمًا. فقد قامت “بوبوفايت” في دراستها بتحليل تقارير محطة أبحاث صحراء المريخ خلال الفترة من عام 2009 إلى عام 2016. وفي المجمل، فقد تم تحليل 824 تقريرًا لقادة من المستوى المتوسط تبلغ في متوسطها 348 كلمة (2008 أحرف) لكل منها؛ 277 منها كتبها إناث، و541 أعدها ذكور. وقد كان هناك 27 قائدة و49 قائدًا خلال تلك الفترة في محطة أبحاث صحراء المريخ.
بعد إجراء أنواع عديدة من التحليلات، مثل تحليل المشاعر الحسابية، ودراسات نوعية لمحتوى التقارير وحسابات لتكرار الكلمات، اكتشفت الباحثة بعض الاختلافات في اتصال القادة من الإناث والذكور. أولاً، سجلت تقارير النساء أعلى درجات المشاعر الإيجابية وأقل جدًا من درجات المشاعر السلبية. ثانيًا، رغم أن القادة من الإناث والذكور أظهروا سلوكًا قياديًا موجهًا نحو المهام، فقد ناقشت القائدات من النساء أعضاء طاقمهن بشكل متكرر. علاوة على ذلك، ففي مثل هذه المناقشات، ركَّز القادة الذكور على روح الفريق والولاء والإنجازات، في حين أكدت النساء على الدعم المتبادل والتحفيز والبيئة الإيجابية. ثالثًا، كشفت النتائج أن القائدات يملن إلى استخدام كلمات أقل تحديدًا أثناء الحديث عن أنشطتهن اليومية. وفي هذا تقول “بوبوفيتو”: “بينما يُنظر تقليديًا إلى أن القادة الذكور موجهون نحو المهام وأن النساء قائدات اجتماعيات بدرجة أكبر، فقد أظهرت الدراسة أن القادة الذكور والإناث على حد سواء كانوا يركزون بشكل متساوٍ على إكمال المهام. وقد كان الاختلاف الوحيد بينهما يكمن في أن النساء كثيرًا ما يشجعن فريقهن برسائل داعمة إيجابية”.
ووفقًا لـ”بوبوفيتو”، فإن النتائج التي تم التوصل إليها يتوافق مع النظرية التي تذهب إلى أن النساء اجتماعيات بدرجة أكبر مقارنة بالرجال. كما أن ذلك يعكس حُجَج الأبحاث السابقة التي تؤكد أن القادة الذكور والإناث نادرًا ما يختلفون في السلوك الموجه نحو المهام.
إن القيادة “الأنثوية” أكثر استدامة في مهمات الفضاء، فأثناء التعليق على ما توصلت إليه، تذكر “بوبوفيتو” أن النوع Gender والقيادة إنما هما أدوار اجتماعية ذات توقعات سلوكية متضاربة، حيث يُنظر إلى سمات القيادة ثقافيًا على أنها تتوافق مع السمات الذكورية وليس الأنثوية. ويتم تشجيع القيادات النسائية اجتماعيًا على إظهار المزيد من المشاعر الإيجابية تجاه الآخرين وتجنب إظهار المشاعر السلبية، مثل الغضب.
ومع ذلك، فإن هذا الجانب، الذي يميز القيادة “الأنثوية”، ربَّما يكون مفيدًا في المواقف المتطرفة. فالعاملات في مجال الفضاء أكثر إرهاقا بسبب العزلة طويلة المدى، والحبس، والموارد المحدودة؛ كما أن أي تعارض بين الأشخاص يمكن أن يُعَرِّض نجاح الفريق للخطر. وفي هذا يتفق علماء الاجتماع على أن القائد الذي يعمل في مثل هذه البيئة يجب أن يتحلى بمهارات فاعلة ومجتمعية؛ أي يجب أن تكون مهمة وموجهة للأشخاص. تقول “بوبوفيتو”: “إن المشاركة في محاكاة مهمة فضائية لا تتعلق فقط بالمغامرة والإثارة والاكتشافات. فأثناء المهمة، يقوم الطاقم بشكل أساسي بمهام عادية، مثل إعداد الطعام، وغسل الأطباق، وتجهيز البيئة. وفي هذه البيئات، يحتاج الناس إلى البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة دون الدعم العاطفي والنفسي من عائلاتهم وأصدقائهم. وهو ما يعدُّ سببًا في أن القائد، الذي يهتم بالاحتياجات العاطفية لفريقه، يصبح أكثر استدامة، لا سيَّما في المراحل اللاحقة من المهمة”.
لذلك، تشير الباحثة إلى أن النساء قد يكن أكثر ملاءمة لبعثات الفضاء طويلة المدى مقارنة بالرجال. ومع ذلك، فهناك حاجة إلى مزيد من البحث حول هذا الموضوع.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: eurasiareview
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر