سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
زيو جيان بينغ
من المتوقع أن يبدأ عدد سكان الصين بالانخفاض، لأول مرة، منذ المجاعة الكبرى قبل ستين عاماً، لماذا؟ وكيف سيؤثر ذلك على العالم؟
زيو جيان بينغ؛ الباحثة في مركز الدراسات السياسية في جامعة فيكتوريا، كتبت في موقع “بي بي سي” مقالاً تجيب فيه عن هذه التساؤلات.
تقول بينغ إن الصين تضم أكثر من سدس سكان العالم، حيث تضاعف عدد سكانها خلال العقود الأربعة الأخيرة من 660 مليون إلى 1.4 مليار نسمة، ولكن هذا العدد في طريقه للانخفاض ابتداءً من هذا العام. ووفقاً لأرقام المركز الوطني الصيني للإحصاء، لم تتجاوز زيادة عدد سكان الصين العام الماضي 480 ألف نسمة، وهي زيادة منخفضة للغاية، بالمقارنة مع معدل النمو في العقد الماضي الذي كان يصل إلى ثمانية ملايين نسمة سنوياً.
ربما تكون جائحة كوفيد-19 قد ساهمت في إحجام كثيرين عن الإنجاب في العام الماضي، ولكن هذه الظاهرة بدأت منذ بضع سنوات. فقد كان معدل الخصوبة (عدد المواليد لكل امرأة) في الصين 2.6 في الثمانينيات، وتراجع إلى 1.7 في عام 1994 وإلى 1.15 في عام 2021.
وعلى سبيل المقارنة، تبلغ نسبة الخصوبة في الولايات المتحدة وأستراليا 1.6 وفي اليابان التي تعاني من شيخوخة المجتمع 1.3. وقد حدث هذا التراجع في الصين على الرغم من تخلي حكومتها عن سياسة الطفل الواحد منذ عام 2016 وإطلاقها لسياسة الأطفال الثلاثة المدعومة بالتخفيضات الضريبية، والحوافز الأخرى العام الماضي.
وتعزو الكاتبة هذا التراجع إلى عوامل عدة منها؛ أن الصينيين قد اعتادوا على الأسر الصغيرة، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، وتأخر سن الزواج. ولكن عاملاً آخر لا يقل أهمية، وهو أن نسبة النساء في سن الإنجاب في الصين هي أقل مما هو متوقع، ويرجع ذلك إلى سياسة الطفل الواحد التي كانت سائدة في البلاد، حيث عمد كثيرٌ من الصينيين منذ عام 1980 إلى تحديد جنس المولود، وبلغت نسبة الأولاد الذكور في الصين بين 120 و130 ولداً لكل مئة بنت بالمقارنة مع نسبة 106 أولاد لكل 100 بنت السائدة في معظم دول العالم.
يتوقع فريق أكاديمية شنغهاي للعلوم الاجتماعية انخفاضاً سنوياً بمعدل 1.1 % بعد عام 2021، وهذا يعني انخفاض عدد سكان الصين إلى النصف بحلول عام 2100. وقد جاء هذا التوقع في ضوء الانخفاض المتوقع لمعدل الخصوبة من 1.15 الآن إلى 1.1 عام 2030. ولا شك أن هذا الانحدار السريع في عدد السكان سيكون له تأثيرات عميقة على الاقتصاد الصيني.
بلغت نسبة السكان الصينيين في سن العمل ذروتها في عام 2014، ومن المتوقع أن تتقلص هذه النسبة إلى الثلث بحلول عام 2100، حيث سيزيد عدد من تجاوزوا سن الخامسة والستين إلى أن يتجاوز عددَ من هم في سن العمل بحلول عام 2080.
وهذا يعني أنه في مقابل 100 صيني في سن العمل حالياً يدعمون 20 مسناً، فإنه بحلول عام 2100 سيتعين على كل 100 صيني عامل أن يدعموا 120 مسناً. وهذا الانخفاض السنوي في عدد السكان في سن العمل سوف يؤخر النمو الاقتصادي إلى حد كبير، حيث سيؤدي النقص المتسارع في القوة العاملة إلى ارتفاع الأجور، مما سيدفع بالصناعات التي تتطلب عمالة كثيفة إلى الهجرة من الصين إلى دولٍ أخرى؛ مثل فيتنام وبنغلاديش والهند.
وفي الوقت نفسه، سوف يتعين على الحكومة الصينية توجيه المزيد من الموارد لتوفير الخدمات الصحية ورعاية المسنين. وقد أشارت دراسة إلى أن مدفوعات المعاشات التقاعدية في الصين سوف تتضاعف خمس مرات لتصل إلى 20% من الناتج المحلي لإجمالي عام 2100.
وبالنسبة للدول المصدرة للموارد مثل أستراليا، فإن هذا الأمر يعني إعادة توجيه صادراتها نحو الشركات المصنعة خارج الصين، أما الدول المستوردة للسلع، مثل الولايات المتحدة، فسيعني تحول مصدر السلع نحو مراكز التصنيع الجديدة الناشئة.
وعلى الرغم من التوقعات بأن هذا القرن سيكون القرن الصيني، فإن هذه التوقعات تشير إلى أن هذا التأثير قد ينتقل إلى دولٍ أخرى، بما فيها الهند التي من المتوقع أن يتجاوز عدد سكانها الصين خلال العقد القادم.
المصدر: كيو بوست
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر