مجلس السلم والأمن الأفريقي: نحو إعادة لضبط العلاقة مع دول شمال أفريقيا | مركز سمت للدراسات

مجلس السلم والأمن الأفريقي: نحو إعادة لضبط العلاقة مع دول شمال أفريقيا

التاريخ والوقت : الأحد, 8 مايو 2022

صلاح خليل

خلال اجتماع مجلس الأمن والسلم الأفريقي المنعقد في الفترة من 5 إلى 6 من فبراير 2022 طالبت دول شمال إفريقيا المكونة من مصر، الجزائر، ليبيا، والمغرب وموريتانيا، تونس والصحراء الغربية بالتمثيل العادل والمتساوي داخل أروقة المجلس رغبة في ضبط العلاقة بين دول شمال أفريقيا والمجلس، حيث تحظى دول شمال أفريقيا بمقعدين فقط من إجمالي 15 عضوا، فيما خصصت باقي المقاعد أقاليم القارة الأربعة بواقع ثلاثة مقاعد لكل من إقليم  وسط أفريقيا (تسع دول)، جنوب أفريقيا (عشر دول)، شرق أفريقيا(أربعة عشر دولة)، فيما نالت غرب أفريقيا (لخمسة عشر دولة) أربعة مقاعد. فما هي دوافع دول شمال القارةـ وما هي استجابة المجلس لهذه المطالب؟

مطالب دول شمال افريقيا

تعمل دول شمال أفريقيا نحو إعادة ضبط العلاقات مع مجلس السلم والأمن الإفريقي، في قمة الاتحاد الافريقى الأخيرة، التي انعقدت فى يومى الخامس والسادس من فبراير 2022 طالبت دول شمال أفريقيا بالتمثيل العادل في مجلس السلم والأمن، بحيث يكون توزيع مقاعد المجلس عادلا ومتساويا، هو الأمر الذي  دفع الاتحاد الافريقي إلى الدعوة لمحادثات بين المندوبين ودول شمال إفريقيا، فيما يتعلق بتمثيل العادل، وقفا لمعايير دولية وإقليمية تراعي نحو إعادة ضبط العلاقة بينها وبين الدول الإفريقية، باعتبار دول شمال القارة تستقبل سنويا الآلاف المهاجرين القادمين من جميع دول القارة، كما تتحمل هذه الدول العبء الأكبر من الهجرة غير الشرعية وتلعب هذه الدول دورا كبيرا في معالجة والحد من الهجرة إلى أوروبا، تلك الجهود يجب أن تدفع مجلس السلم والأمن فى الانخراط مع الترتيبات التي تقوم بها دول شمال القارة من أجل الحد من الهجرة الغير الشرعية. والعمل معا من أجل التوحيد السلمي من خلال التعاون والمساواة في العضوية بين الأعضاء. والاعتماد على أجندات أمنية تعاونية قصيرة الأمد وطويلة الأمد بين مجلس السلم والأمن الإفريقي مع دول شمال القارة.

ويعد التمثيل العادل داخل المجلس أحد مرتكزات مطالب لدول شمال أفريقيا وقفا للخبرة التراكمية التى تميزها نسبياً مقارنة بغيرها دول القارة، خاصة فى مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية، التدريب المهني وتطوير أسواق العمل في تعزيز احتياجات دول القارة الإفريقية. كما تعد دول شمال أفريقيا أحد أهم منافذ الوارد والصادر بين أوروبا والقارة الأفريقية. كما تتمتع دول شمال القارة بحضور دبلوماسي قاري ودولي مكثف، فعلى سبيل المثال تمتلك مصر وحدها حوالي 40 بعثة دبلوماسية في أفريقيا جنوب الصحراء، تقدم من خلال دور مهم فى ترسيخ مفهوم الدبلوماسية المصرية، كما تعتبر ثالث أكبر اقتصاد فى القارة بعد كل من جنوب أفريقيا ونيجيريا.

وأيضا تتميز دول فى شمال إفريقيا مثل مصر، وتونس والمغرب بوجود وكالات تعاونية دولية نفذت العديد من المشروعات الكبيرة فى الدول الإفريقية. فضلا عن القدرة الكبيرة التي تتفوق بها دول شمال أفريقيا فى الاستجابة السريعة للتهديدات الأمنية والإرهابية المتزايدة، نتيجة إلى التدفق المتزايد إلى الهجرة من جنوب القارة إلى شمال أفريقيا.

ولكن سيظل التنافس بين الدول الأعضاء مزايد بشكل كبير للحصول على مقعد في المجلس السلم والأمن، كآلية للتأثير وليس بهدف التقليل من أثر النزاعات والصراعات داخل القارة، وهو ما جعل التمثيل الغير عادل فى إثارة الجدل الكبير بين المناطق، وأيضا بين الأعضاء في المجلس.

الجدل بشأن دور المجلس

يتكون مجلس السلم والأمن الأفريقي من 15 مقاعد، منها 5 مقاعد لفترة ثلاث سنوات، و10 مقاعد لفترة سنتين. وقد أثيرت مسألة إصلاحات داخل أروقة مجلس السلم في مايو عام 2021، ولكن لم يتم اتخاذ قرار بشأن التوسع، حيث انتخب فى الدورة الحالية كل من المغرب ممثلا لمنطقة شمال لمدة ثلاثة سنوات، جيبوتي للشرق، الكاميرون للوسط، ناميبيا الجنوب الإفريقي، نيجيريا للغرب. فيما انتخب المجلس التنفيذي من عشر دول فترة مدتها سنتين، فتم اختيار لمنطقة وسط أفريقيا كل من بوروندي والكنغو، تونس للشمال، أوغندا وتنزانيا للشرق، غامبيا، غانا والسنغال لغرب أفريقيا، زيمبابوي وجنوب أفريقيا لمنطقة الجنوب الإفريقي

وعلى الرغم من الدور الكبير الذي يلعبه مجلس السلم والأمن الأفريقي، إلا أن تأثيره كان محدودا على مدى السنوات الماضية على العديد من التحديات والمشاكل التي واجهت بعض الدول الأفريقية خاصة فيما يتعلق بانعدام الأمن داخل القارة الأفريقية. وتتضمن مهام المجلس بالأساس السعي الحثيث في تنفيذ قرارات الاتحاد الإفريقي، وفى تكوينه أشبه إلى حد ما بمجلس الأمن الدولي، يتكون من 15 عضوا، يتم انتخاب الأعضاء من قبل الجمعية للاتحاد الافريقى، بحيث يعكس مجلس السلم والأمن التوازن الإقليمي للقارة الإفريقية، وفقا لمعايير اختيار الأعضاء التي تتعلق بشكل كبير بإمكانيات وقدرة الدول على المساهمة فى الاتحاد الإفريقي ماليا وعسكريا.

ومنذ تأسيسه عام 2002، يعمل بهدف تعزيز الأمن السلام والاستقرار داخل القارة الإفريقية، والحفاظ على سيادة الدول واستقلالها، وتسوية النزاعات بين الأعضاء بالطرق السلمية، وبناء السلام وإعادة التعمير وبناء السلام ما بعد النزاعات والصراعات. وتشجيع على الممارسة الديمقراطية والحكم الرشيد، وسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، فضلا عن وضع آليات لسياسات الدفاع المشتركة بين دول القارة.

وقد نص البروتوكول الخاص لمجلس السلم والأمن الإفريقي، على اختصاصات المجلس كمهمة تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني، وتبني مبدأ مسؤولية الحماية بغرض تفعيل دور المجلس فى تنفيذ قواعد القوانين ونصوصه، والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأيضا فعالية دوره ﻓﻲﺤل ﺍﻟﻨﺯﺍﻋﺎﺕ ﻓﻲ الأفريقية وتسويتها. كما ينص البروتوكول على أن يتمتع العضو بالقدرة على الخبرة في مجال السلام والأمن، ولكن تم تجاهل هذه البند إلى حد كبير من أجل مبادئ التناوب بين الأعضاء.

 وتبنى رؤساء الدول الأفريقية بروتوكول إنشاء مجلس السلم والأمن في عام 2002، والذي دخل حيز التنفيذ في عام 2003. وقفا للبروتوكول الصادر فى عام 2004، أصبح التمثيل الإقليمي وقفا لتشريعات ولوائح مجلس السلم والأمن فى توزيع مقاعد الدول الإفريقية 54.

استجابة غير واضحة

ومن المتوقع أن تبدأ المفوضية الاتحاد الأفريقي، فى التشاور مع الدول الأعضاء لمعالجة مخاوف دول شمال أفريقيا فى المجلس، خاصة أن هذه الدول تتمتع نسبة كبيرة من الاستقرار السياسي والاقتصادي، وقد يتم إصدار إعلان قبل القمة المقبلة 2023، بشأن مطالب دول شمال أفريقيا. على الرغم من افتقار مجلس الأمن والسلم إلى الرؤية الواضحة بشأن العديد من القضايا التي كانت يجب إعادة هيكلتها منذ سنوات خاصة فيما يتعلق بالأعضاء فى مجلس السلم والأمن الأفريقي.

ويمكن إعادة توزيع إجمالي العدد الحالي للأعضاء، يمنح كل منطقة ثلاثة مقاعد، ومن خلال تعديل الماد 5(1) من بروتوكول مجلس الأمن والسلم، وزيادة عدد الأعضاء فيه إلى 17، وهذا ستتمكن دول شمال أفريقيا، أن تتساوى مع الثلاثة مناطق الأخرى، وان تتناوب العضوية مع التقسيم الجغرافي للمناطق الخمسة، وأيضا هذه العدد سوف يضمن التصويت داخل المجلس دون عراقيل أو جمود.

ولكن يبدو أن الاتحاد الإفريقي، لم يحدد بشكل واضح معايير التمثيل العادل والمتساوي بين الدول في تقسيمه الجغرافي لمناطق الخمسة. هو الآمر الذي يطرح سؤلا مشروعا في كيفية تعاطي المجلس لتلك المعايير، هل تم تخصيص المقاعد وقفا لعدد السكان؟ أما بناء لتكتلات إقليمية؟ أم وضعت المعايير وقفا لعدد الدول فى المنطقة الجغرافية؟ أم وقفا للمساهمة المالية فى ميزانية الاتحاد الإفريقي؟ أم معايير أخرى؟

ومن المفترض أن يقوم الاتحاد الإفريقي، بمعالج معايير التمثيل الإقليمي العادل، من خلال إعادة توزيع مقاعد أعضاء مجلس الأمن بغرض تحسين ديناميكيات داخل أروقة مجلس الأمن والسلم بهدف أن يؤدى إلى تعزيز التعاون والاستقرار بشكل أفضل فيما يخص السلام والأمن داخل القارة الأفريقية، التي تعاني من صراعات ونزاعات مستمرة، حتى أصبحت الدول الإفريقية جنوب الصحراء كواحدة من أكثر الإقليم بؤرا التوتر والصراع في العالم.

 

المصدر: المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر