سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
وعد الشمري
“الإسلام هو الحل” مقولة راجت في السبعينيات الميلادية من القرن الماضي وما تلاها من عقود (الصحوة)، التي تزامنت مع تراجع الخطابين القومي والاشتراكي بعد “نكسة 67” ونموذج الاتحاد السوفييتي سيء السمعة.. هذه المقولة أصابها التراجع -رغم الحضور القوي للخطاب الإسلامي والإسلام السياسي- بعد أحداث (11) سبتمبر، وأصبح الإسلام هو المشكلة بعد أن كان الحل.
هذه الآراء أصبحت تردد في الغرب-ويرددها معهم بعض العرب – أن الإسلام لا يتوافق مع العلمانية والديمقراطية والليبرالية، وسند هذا الرأي أن لها جذوراً استشراقية كون مجتمع الشرق عاطفي غير عقلاني واستبدادي- التي أصبحت أكثر رواجا وقبولاً بعد أحداث (11) سبتمبر.
كان لابد من هذه المقدمة في محاولة إثبات أن الإسلاميين هم الحل، فكيف يكون الإسلاميون هم الحل؟
القارئ في التاريخ الأوروبي بعد عصر النهضة والإصلاح الديني وعصر التنوير يجد أن المسيحية وخصوصا الكاثوليكية منها، تلقت ذات التهم المواجهة للإسلام، بمعنى أنه أيضاً كان يقال عنها إنها غير متوافقة مع العلمانية والديمقراطية، وغير قابلة للفصل بين الدين والسياسة وبين الكنيسة والدولة.
لكن بعد ظهور الإصلاح الديني، وانشقاق الكنيسة في إنكلترا وبعض الدول الإسكندنافية عن الكنيسة في روما، وحروب الثلاثين عاماً، أصبحت هناك أصوات كثيرة تطالب بالفصل بين الدين والسياسة-مع العلم أن جل الفلاسفة كانوا لاهوتيين أو من جامعات ترعاها الكنيسة، بمعنى أنه كان لديهم تكوين ديني-هذه الأصوات كانت تقدم حججاً لاهوتية “لشرعنة” الفصل بين الديني والسياسي.
هذه الخطابات كانت تستند على تأويل جديد للنص الديني-بأدوات دينية- يتوافق مع العلمنة ويختلف عن التأويل الكنسي التقليدي.. وهي التي ساعدت على أن يصبح الغرب علمانياً ومن ثم ديمقراطياً ليبرالياً، وهي التي هيأت الأرضية المعرفية من القاعدة (عامة الشعب) إلى الأعلى، لأن غالب الشعوب الغربية في ذلك الوقت كانت متدينة، والدين حاضر في جميع نواحي الحياة، كحالنا في العالم العربي الإسلامي.
هذا التفاعل من الأسفل إلى الأعلى، حصل عكسه في العالم العربي، أي أن العلمانية كانت الخطاب الذي تتبناه النخب المثقفة-والتي كانت في غالبها نخباً غربية التكوين والهوى-وهذا جعل الكثير من اﻻشعوب العربية الإسلامية متشككة بالعلمانيبن وبالعلمانية، إضافة لكونها نتاجاً غربياً، والغرب يعني في المخيلة الجمعية للمسلمين الكفر والاستعمار والغزو والنهب لثروات الأوطان، وأيضاً هناك عوامل داخلية ساعدت على النفور والتشكيك من العلمانية، منها أن أغلب الدول العربية والإسلامية دول علمانية مستبدة، فشلت في عملية التحديث والعدالة الاجتماعية وتطبيق القانون.
ومن هنا يمكننا القول إن إعادة تأويل الإسلام بما يتناسب مع حقوق الإنسان و العلمانية والديمقراطية الليبرالية، عبر تيار (الإسلام التنويري)، هو ما قد يساعد على إنتاج حالة ديمقراطية علمانية، ولنا في حركة النهضة في تونس خير مثال، وما تجربة تركيا وإندونيسيا عنا ببعيد، حيث ساعد الإسلام السياسي في إنتاج صيغة إسلامية تتوافق مع العلمانية والديمقراطية الليبرالية.
باحث سعودي *
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر