سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
خالد عمر بن ققه
في خطاب سياسي واضح وعلني، تسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن مخرج من أزمة الطاقة التي ستحل بها قريباً في ظل الأوضاع الروسية الدائرة حاليا في أوكرانيا، وذلك بإعلانها تخفيض التمويل الروسي بالغاز إلى الثلثين بنهاية السنة الجارية 2022، والاستغناء عنه كلياً في العام 2027، الأمر الذي استرعى انتباه المراقبين، وطرح العديد من التساؤلات، قد تأتي إجابتها، أو على الأقل بعضها، في اجتماع الاتحاد مايو المقبل.
في القراءة الأولية لموقف دول الاتحاد الأوروبي، يبدو واضحاً أن هناك اتّفاقاً من ناحية المبدأ، لكن في التفاصيل تظهر المصلحة الوطنية لبعضها محكومة بمعطيات ووقائع على الأرض يعصب تخطيها أو حتى تغييرها، والمثال الصارخ هنا هو ألمانيا، التي يميل خطابها الرسمي إلى تطويع السياسة لصالح الاقتصاد، في حين تُفضل، بل وتعمل علانيّة، دول الاتحاد الأخرى بالإضافة إلى بريطانيا -وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية- على التطويع القسري للاقتصاد حتى يخدم السياسة تجاه روسيا، ضمن رؤية استراتيجيّة بعيدة المدى، تُنهي التحكم الطاقوي الروسي لأوروبا.
مشروع «أنابيب نابوكو» يقوم على مدّ أنابيب الغاز نحو أوروبا من كازاخستان وإيران ودول الشرق الأوسط
عمليّاً، تتبع دول الاتحاد الأوروبي -من خلال المفوضية- نهج سياسة مشتركة الغرض منها في الوقت الراهن، ليس فقط إنهاء السيطرة الروسية على تمويلها بالطاقة، وإنما لإنهاء دورها المؤثر، وما تبعه من تأثير على حركة حياة شعوبها، وذلك من خلال: تنويع مصادر الحصول على الغاز، وتوسيع خطوط الإمداد من مناطق أخرى كوسط آسيا والشرق الأوسط، لكن هذا في نظر المراقبين لا يمكن التعويل عليه، لأن ما تستهلكه أوروبا من الغاز، يشكل التمويل الروسي منه 40%، وقد يصعب تعويضه من الدول الأخرى، ناهيك عن بعد المسافة، وزيادة سعر التكلفة، الأمر الذي يتطلب حلا استراتيجيّاً ودائماً.
هنا تعود من جديد فكرة مشروع “خط أنابيب نابوكو“، والذي يقوم على أساس مدّ أنابيب الغاز إلى أوروبا من كازاخستان وإيران ودول الشرق الأوسط عبر تركيا ودول البلقان، وهو من وجهة نظر الأمريكيين والأوربيين لا يزال مهمّاً استراتيجياً على صعيد المواجهة مع روسيا وتحجيم مناوراتها إقليمياً، كما أن هذا المشروع الاستراتيجي يلبي رغبة إسقاط، ما يعدّه الأوروبيون، ورقة مبيعات الغـاز من يد روسيا.
غير أن مساعي دول الاتحاد الأوروبي الراهنة -تحت ضغط الحرب والبحث عن البدائل- من خلال إحياء مشروع نابوكو كما يذكر بعض خبراء الاقتصاد، تتطلب وقتاً طويلا، كما أنها ستواجه بموقف من روسيا أكثر شراسة -وهي في الحرب- من ذلك الذي قامت به أثناء سنوات السلم في بداية القرن الوحد والعشرين، وانتهى بإفشال المشروع.
المصدر: صحيفة الرؤية
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر