كيف سترسم حرب أوكرانيا مستقبل الأمن في أوروبا؟ | مركز سمت للدراسات

كيف سترسم حرب أوكرانيا مستقبل الأمن في أوروبا؟

التاريخ والوقت : السبت, 26 فبراير 2022

اعتبر تقرير أن الغزو الروسي لأوكرانيا أثبت فشل هندسة الأمن في أوروبا، التي رسمتها القوى الغربية خلال العقود الثلاثة الماضية، عقب انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.

وقالت مجلة “ناشيونال إنترست” الأميركية، إن الإدارة الأميركية وحلفاءها الغربيين في أوروبا أصبحوا  بحاجة إلى إعادة تصور نظام جديد ومختلف وأكثر استقراراً للأمن متعدد الأطراف في جميع أنحاء القارة الأوروبية.

وأوضحت المجلة أن المؤسسات والآليات التي تدعم تعزيز الأمن في جميع أنحاء القارة الأوروبية، لا سيما معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وحلف شمال الأطلسي “الناتو” وحتى العقوبات التي تم استخدامها لتغيير سياسات روسيا، أثبتت أنها غير مناسبة لجعل روسيا تتنازل عما تعتبره مصالحها الأمنية  الأساسية.

وقف توسع “الناتو”

في الأشهر الأخيرة فشلت كل الجهود التي بذلتها واشنطن وباريس وبكين لإشراك روسيا في حوار ناجح لإعادة تحديد الخطوط الحمراء الأساسية لموسكو في أوكرانيا، إذ تمسكت روسيا بضرورة تقديم ضمانات قانونية على عدم انضمام كييف إلى “الناتو” نظراً لأنها ترى في ذلك تهديداً لأمنها القومي، فيما أصرت القوى الغربية على أن أوكرانيا لها حق ممارسة سيادتها واختيار حلفائها من دون إملاءات أجنبية.

واعتبرت المجلة أن “عالماً جديد بدأ يتشكل الآن”، بعدما قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذهاب إلى الحرب في أوكرانيا لإجبار الغرب على الإقرار بأنه لن يكون من الممكن بناء هيكل للأمن الأوروبي على افتراض أن موسكو سوف تقبل بشكل سلمي توسع “الناتو” غير المقيد في الشرق.

وأوضحت المجلة أن قبول روسيا توسع “الناتو” شرقاً بانضمام دول سوفيتية سابقة في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي”كان شذوذاً تاريخياً”، مشيرة إلى قصور في سياسات الغرب والحلف بشأن رد فعل روسيا.

وأضافت أن صعود بوتين إلى الحكم في ديسمبر 1999 كان نتيجة أوجه القصور في الافتراضات الأمنية التي تقود سياسة الولايات المتحدة والحلف في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي.

الحرب الشاملة “غير مطروحة”

وتابعت المجلة أنه “على الرغم من إغراءات التشبيه، فإن روسيا اليوم ليست ألمانيا النازية، وإذا كان وجه الشبه قائماً فلن يكون لدى الولايات المتحدة وحلفائها خيار سوى الذهاب إلى الحرب ضد روسيا”.

واعتبرت أن عدم النظر بجدية في هذا الخيار المحتمل في واشنطن أو عواصم “الناتو” يعكس هذا التقييم “الأكثر رصانة”.

ولفتت إلى أنه “إذا لم يكن بوتين، على الرغم من كل أخطائه، هو أدولف هتلر وغزوه لأوكرانيا ليس واقعة بيرل هاربور (التي أدت إلى دخول أميركا الحرب العالمية الثانية)، فلن تكون هناك حرب بين الناتو وروسيا في أوكرانيا، والحرب الشاملة ضد موسكو غير مطروحة على الطاولة”.

هذه المواقف هي التي عبّر عنها الرئيس الأميركي جو بايدن منذ بداية الأزمة، إذ أكد مراراً أن الدفاع العسكري عن أوكرانيا ليس من اختصاص “الناتو”.

هل يقبل الناتو “الأمر الواقع”؟

وأوضحت المجلة الأميركية أن الحلف ليس في حالة “موت سريري” كما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل بضعة أشهر، مشيرة إلى أن الحرب في أوكرانيا أعطته جرعة من الأدرينالين.

لكن هل ستشمل الهندسة الأمنية المستقبلية في أوروبا قبول “الناتو” بالأمر الواقع والسماح لروسيا بالتوسع في حدود الحلف الشرقية؟ وهل يمكن الوصول إلى ضمانات موثوقة بأن موسكو ستتوقف عن مطالبتها بانسحاب الحلف من معظم دول أوروبا الشرقية؟

وهل من الممكن بناء السلام في أوروبا من خلال أوكرانيا منزوعة السلاح وسلسلة من “اتفاقيات فك الاشتباك” الشبيهة بتلك التي تم توقيعها من قبل إسرائيل وسوريا ومصر في أعقاب حرب أكتوبر 1973؟

تقول “ناشيونال إنترنست” إن كل هذه الأسئلة ستكون في قلب المفاوضات بشأن مستقبل أوروبا الأمني عقب انتهاء الحرب في أوكرانيا، إلا في حال فشل الغزو الروسي، فحينها سيتم إحلال سلام يملي فيه الغرب شروطه.

 

المصدر: مجلة ناشيونال انترست

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر