تحديات الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي | مركز سمت للدراسات

تحديات الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي

التاريخ والوقت : الجمعة, 28 يناير 2022

د. عبدالحق عزوزي

 

تسلمت فرنسا اعتباراً من فاتح يناير الجاري رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي الممثل لمصالح الدول الأعضاء الـ27 أمام المفوضية والبرلمان الأوروبيين، خلفاً لسلوفينيا. وهي المرة الثالثة عشرة منذ سنة 1958 التي تتولى فيها فرنسا رئاسة التكتل لنصف عام، وكانت آخر مرة في سنة 2008.

كما ستتزامن الرئاسة الأوروبية مع الانتخابات الرئاسية الفرنسية في أبريل المقبل، ومع الانتخابات التشريعية في يونيو. وهو سيناريو سبق أن حصل سنة 1995، بفارق أن فرانسوا ميتران كان في ذلك الحين يشارف على نهاية رئاسته بعد ولايتين متتاليتين وخلَفه جاك شيراك في مايو، في حين أن ماكرون سيكون بصفة شبه مؤكدة مرشحاً لولاية جديدة.

وحدد الرئيس ماكرون ثلاث أولويات للرئاسة الفرنسية، هي تحديد حد أدنى للأجور في كل أنحاء الاتحاد الأوروبي، وضبط عمالقة «الإنترنت»، وفرض ضريبة كربون على الحدود. وهي أهداف طموحة، لكنها ستصطدم بالمدة القصيرة المتبقية للرئاسة الفرنسية وتأتي في ظل أوضاع جد صعبة ما بين تفشي وباء «كوفيد-19»، والحشد العسكري الروسي على أبواب أوكرانيا.

وفي هذا الصدد، قدّم ماكرون مؤخراً خطاباً أمام النواب الأوروبيين في ستراسبورغ سرَدَ فيه أولويات بلاده بمناسبة رئاستها للاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الستة الأولى من 2022، وتحدّث فيه عن قضايا الديمقراطية والبيئة والسلم في القارة العجوز. كما دعا إلى اقتراح تحالف جديد مع الدول الأفريقية في مجالات الاستثمار والصحة والأمن، وأعلن أن فرنسا ستنظم قمة أوروبية أفريقية في فبراير القادم هدفها إعادة بناء الشراكة بين القارتين. ونعلم أن هناك اليوم مشاكل مستعصية بين فرنسا وبعض الدول الأفريقية، على رأسها مالي التي عرفت عاصمتُها مؤخراً مظاهرات حاشدة تنديداً بعقوبات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وبالتدخل الفرنسي في الشؤون الداخلية للبلاد. وفي هذا الإطار، يوضح ناشطون سياسيون أنهم ليسوا ضد فرنسا، بل ضد خيارات الحكومة الفرنسية في مالي ودول منطقة الساحل والصحراء.

وشدد ماكرون على أن الأوروبيين بحاجة إلى تأسيس «نظام جديد للأمن والاستقرار» يستدعي عملية «إعادة تسلح استراتيجية»، وإيجاد خريطة طريق تشاركها مع الحلفاء في إطار حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ثم تطرح للتفاوض مع روسيا.. لكننا نعلم محدودية هذه الرؤية. فمسألة الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي ما هي إلا وهم من الأوهام، إذ لن يتمكن الأوروبيون من لعب دور أميركا الحاسم كضامن للأمن في القارة العجوز؛ ويكفي أن الاجتماعات الماراتونية مع روسيا بشأن أوكرانيا تجري مع أميركا أولاً وأخيراً.

إن إعادة بناء البيت الأوروبي من الناحية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية مسألة معقدة لنوعية النظام العالمي الجديد، حيث الطابع الانغلاقي لدوّله والتي ستكون هي القاعدة في المدى المتوسط، ناهيك عن الاحتكار والصراع الصيني الأميركي اللذين لا يبشران بخير.

 

المصدر: صحيفة الاتحاد

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر