سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
كريم شفيق
يوشك العام الحالي على الأفول، بعد أحداث سياسية وإقليمية عديدة، وتطورات جمة في الساحة العالمية، وتحديداً فيما يتصل بقضايا الإرهاب والتطرف؛ إذ إن التنظيمات الراديكالية المسلحة ما تزال تشكل تهديدات متفاوتة على أكثر من مستوى، سياسي وأمني واقتصادي، خاصة في ظل النزاعات بالمنطقة التي تستغلها تلك التنظيمات لإعادة تموضعها، كما هو الحال في ليبيا واليمن وسوريا وساحل الصحراء، فضلاً عن تداعيات الانسحاب الأميركي من أفغانستان التي تسببت في الصعود المباغت لهجمات داعش. وبالرغم من التراجع “الجزئي” في العمليات الإرهابية، بحسب مؤشرات الإرهاب العالمية، لكن ثمة خريطة انتشار جديدة تبعث بتحديات هائلة كما تفرض استراتيجيات مغايرة.
اليمين الأوروبي ينافس التطرف الإسلامي
ووفق التقرير الأميركي السنوي عن الإرهاب في دول العالم، والذي يقدم “تقييماً صريحاً للتحديات التي نواجهها، فإنّ هناك زيادة في عدد الهجمات الإرهابية، بحسب ملحق المعلومات الإحصائية بالتقرير”؛ حيث “ارتفع إجمالي عدد القتلى الناتج عن الهجمات الإرهابية لنحو 10٪ في العام الماضي مقارنة بعام 2019؛ إذ تعكس هذه الأرقام جزئياً انتشار فروع وشبكات تنظيم الدولة الإسلامية، وتنظيم القاعدة، ولا سيما في أفريقيا. كما تم التطرق للتهديد المتزايد من المجموعات المتطرفة العنيفة، بدوافع عنصرية، أو عرقية، بما في ذلك أولئك الذين يروجون لتفوق العرق الأبيض، وذلك في قسم جديد أضيف إلى التقرير لأول مرة”.
ورغم انحسار نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، بعد مقتل قيادات حركية مهمة ومؤثرة، مثل عبد الملك دروكدال، أمير ما يسمى بتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، إلا أنّ فلول التنظيم نجحوا في الحصول على الموارد المالية، وتجنيد وتعبئة أفراد جدد، واستغلال ثغرات أمنية في مناطق النزاع السياسي والميداني بالمنطقة، وعليه؛ واصلوا تنفيذ هجماتهم الإرهابية، بالإضافة لمحاولة الظهور في مساحات جغرافية جديدة، كما جرى في أفغانستان بالتزامن مع الانسحاب الأميركي.
التقرير الأميركي ألمح، للمرة الأولى، إلى مخاطر صعود اليمين الأوروبي المتطرف؛ حيث إن لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن بالأمم المتحدة، رصدت زيادة بنسبة 320% لـ”الإرهاب اليميني المتطرف”
يتفق والرأي ذاته، القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب بالخارجية الأميركية، جون جودفري، والذي يقول إنّه بالرغم من خسارة داعش جميع الأراضي التي استولى عليها في العراق وسوريا، لكن التنظيم وفروعه واصلوا شن حملة إرهابية عالمية، كما نفذوا هجمات قاتلة على مستوى العالم.
وعقّب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، على التقرير الأميركي السنوي حول الإرهاب، بأنّ عدد الهجمات الإرهابية والضحايا الذين سقطوا على خلفية العمليات المسلحة، قد تضاعف بنسبة 10 في المائة عن العام الماضي، وقال بلينكن إنّ هذه الأرقام تؤكد على انتشار فروع وشبكات التنظيم الإرهابي (داعش)، وكذا عناصر القاعدة، خاصة في أفريقيا، ولافتاً إلى “تضاعف نسبة تهديد مجموعة المتطرفين، بدوافع عنصرية، ومن بينهم اليمين المتطرف في أوروبا”.
استراتيجية الولايات المتحدة لمواجهة داعش
وعمدت الولايات المتحدة، بحسب تقريرها السنوي، إلى توسيع دائرة التحالف العالمي لهزيمة داعش، بحيث أضحى يضم قرابة 83 دولة، لجهة “معالجة مناطق القلق الجديدة”، ومواجهة تنامي مخاطر التنظيم الإرهابي في غرب أفريقيا والساحل؛ حيث إنّ داعش والجماعات الموالية له قد زادت من هجماتها، بصورة لافتة، في غرب القارة الأفريقية، وفي حوض بحيرة تشاد، وشمال موزمبيق، كما ارتفع عدد القتلى في غرب أفريقيا من حوالي 2700، في عام 2017، إلى نحو 5000، العام الماضي. وفي موزمبيق، بلغ عدد القتلى، على خلفية هجمات داعش، فقط، قرابة 1500 شخص.
كما يلفت التقرير الأميركي، إلى أنّ تنظيم القاعدة الإرهابي، نجح كذلك في استعادة نشاطه الحركي والتنظيمي، وتقوية مرتكزاته في منطقة الشرق الأوسط؛ حيث ما يزال “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب” و”حركة الشباب في القرن الأفريقي” و”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” في منطقة الساحل من بين أكثر التنظيمات الإرهابية التي تنفذ عمليات مؤثرة وعنيفة، ويردف: “مطلع العام، هاجم تنظيم “حركة الشباب” قاعدة عسكرية مشتركة بين القوات العسكرية الأميركية والكينية في ماندا باي، في كينيا، الأمر الذي نجم عنه مقتل جندي أميركي واثنين من المتعاقدين الأميركيين، وهو الحادث الأكثر دموية ضد القوات العسكرية منذ عام 2017″.
واللافت أنّ التقرير ألمح، للمرة الأولى، إلى مخاطر وتهديدات الإرهاب الأبيض، وصعود اليمين الأوروبي المتطرف؛ إذ إنّ لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن بالأمم المتحدة، رصدت زيادة بنسبة 320% لـ”الإرهاب اليميني المتطرف” في سائر دول العام، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2020. وبحسب اللجنة الأممية؛ ففي شباط (فبراير) العام الماضي، قام “متطرف، بدوافع عنصرية، بإطلاق النار على تسعة أشخاص في هاناو بألمانيا، مما تسبب بمقتلهم، ثم عاد إلى المنزل ليطلق النار على والدته وأخيراً على نفسه”.
لبنان يوفر ملاذات آمنة للإرهابيين
عرج التقرير الأميركي على مواصلة النظام الإيراني دعم تنظيمات الإسلام السياسي، وتوفير ملاذات آمنة لقياداتها، تحديداً القاعدة، بالإضافة إلى الدعم التقليدي، المالي والعسكري واللوجيستي، للتنظيمات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني و”فيلق القدس”، وقد رصد التقرير استمرار تدفق الدعم الإيراني لوكلائه المحليين في البحرين والعراق ولبنان وسوريا واليمن، مثل عصائب أهل الحق في العراق، وسرايا المختار في البحرين، وكذا حزب الله بلبنان، وحماس في غزة، كما واصل قادة تنظيم القاعدة المتواجدين في طهران التخطيط والتنفيذ للعمليات الإرهابية، وتابع: “قامت تسع دول بإدراج حزب الله اللبناني على قوائم الإرهاب أو حظره أو تقييده”.
ويوضح مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أنّ إيران تولي اهتماماً خاصاً بالصومال، للعديد من الأسباب، من بينها محاولة استغلال ثرواتها، فقد تم سابقاً رصد عمليات صيد للسفن الإيرانية في المياه الإقليمية الصومالية، دون الحصول على تراخيص من الجهات الرسمية في الصومال، وتوظيف الجماعات المتطرفة لتحقيق أجنداتها في الشرق الأوسط، ومن ثم؛ عملت على تأسيس علاقات سرية مع حركة “شباب المجاهدين” في الصومال، حيث تنشط الحركة في منطقة القرن الأفريقي، وجنوب البحر الأحمر.
وصف التقرير الأميركي لبنان بأنّها من بين البلدان التي تقدم ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية؛ حيث تتوافر لمقاتلي حزب الله في مناطق نفوذ الأخير وسيطرته السياسية والميدانية إمكانية التدريب والتجنيد
ووفقاً لمؤشر الإرهاب العالمي، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، فإنّ حركة الشباب الصومالية تعد من بين أكثر الجماعات الإرهابية دموية في أفريقيا، عام 2019، حيث تتصدر الصومال المركز الخامس للدول الأكثر تعرضاً لعمليات إرهابية، وتابع: “أسفرت العمليات الإرهابية في الصومال، خلال عام 2019، عن مقتل 569 شخصاً، وكانت حركة “الشباب” مسئولة عن 88% منهم”.
كما تصدرت الحركة المسلحة مؤشر العمليات الإرهابية لمرصد الأزهر، في أيلول (سبتمبر) الماضي، بواقع 22 عملية، 20 منها في الصومال، و2 في كينيا؛ إذ أسفرت تلك العمليات عن مقتل 62 شخصاً، وإصابة 70 آخرين.
وبحسب مركز الأهرام، فإنّ منطقة القرن الأفريقي تمثل أهمية استراتيجية للولايات المتحدة الأميركية، وتقع فيها القاعدة العسكرية الأميركية الوحيدة في القارة، وتمتلك الأخيرة استثمارات واسعة بالمنطقة، لذا؛ تستغل إيران علاقاتها مع حركة الشباب في تنفيذ هجمات تهدد تلك المصالح، وتحتوي على رسائل بأنّ النفوذ الإيراني يمكنه الوصول إلى مصالحها هناك.
ووصف التقرير الأميركي لبنان بأنها من بين البلدان التي تقدم ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية؛ حيث تتوافر لمقاتلي حزب الله في مناطق نفوذ الأخير وسيطرته السياسية والميدانية إمكانية التدريب، والتجنيد، والحصول على الأموال، مشيراً إلى تراخي الحكومة اللبنانية عن تنفيذ إجراءات نزع السلاح من قبضة الحزب المدعوم من طهران، بحسب قرار مجلس الأمن رقم 1701.
وتابع: “لم يكن لدى الحكومة اللبنانية سيطرة كاملة على جميع مناطق البلاد. كما أنها لم تقم، بشكل كامل، بالسيطرة على حدودها مع سوريا وإسرائيل. كان حزب الله يسيطر على طرق الوصول إلى أجزاء من البلاد. وكان له تأثير على بعض العناصر داخل الأجهزة الأمنية اللبنانية”.
ويختتم: “فرضت لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن عقوبات على قادة داعش، في غرب إفريقيا والصحراء الكبرى وليبيا واليمن وإندونيسيا، بينما دشنت واشنطن ونيجيريا اجتماعاً لأعضاء التحالف الدولي لهزيمة داعش لمواجهة تهديدات التنظيم الإرهابي في غرب أفريقيا والساحل. كما انخرطت الولايات المتحدة في الاجتماع الوزاري الثالث لمكافحة الإرهاب في نصف الكرة الغربي في عاصمة كولومبيا، بوغوتا، وهو المؤتمر الذي أسفر عن اعتراف خمس دول في أميركا الجنوبية والوسطى بالجماعة على أنّها منظمة إرهابية”.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر