استراتيجية العمل المناخي والتنموي الأجدى في أفريقيا | مركز سمت للدراسات

استراتيجية العمل المناخي والتنموي الأجدى في أفريقيا

التاريخ والوقت : الأربعاء, 15 ديسمبر 2021

أكينوومي أ. أديسينا ونغوزي* نجوزي أوكونجو إيويالا ** فيرا سونغوي

 

 

بعد مرور عامين تقريباً على انتشار جائحة فيروس «كوفيد 19»، أصبحت الطبيعة غير المتكافئة للاستجابة العالمية للأزمة واضحة بشكل صارخ.

في حين تمكن عدد قليل جداً من البلدان الأفريقية من إنفاق ما يعادل حتى %1 من ناتجها المحلي الإجمالي لمكافحة هذه الحالة الصحية الطارئة غير المسبوقة تقريباً.

فقد حشدت الاقتصادات الغربية أكثر من 10 تريليونات دولار، أو %30 من ناتجها المحلي الإجمالي المشترك، لمكافحة هذه الأزمة.

وقد قامت أوروبا والولايات المتحدة بتطعيم %75 و %70 من السكان البالغين على التوالي ضد فيروس «كورونا» المُستجد، في حين تم تطعيم أقل من %6 من الأفارقة. وبينما تقوم بعض الدول الغربية بالفعل بتحصين سكانها من خلال منحهم جرعات معززة، لم تتمكن أفريقيا من الحصول على الجرعات الأولية.

يتجلى هذا التفاوت النظامي/‏‏‏‏الشامل بشكل متساوٍ في الجهود المبذولة لمعالجة أزمة المناخ. إن الكوارث المناخية، مثلها في ذلك مثل الفيروسات، لا تعرف حدودًا.

ومع ذلك، في حين تستجيب الحكومات في الشمال العالمي لمثل هذه الأحداث من خلال الاقتراض من أسواق رأس المال بتكلفة زهيدة من أجل تمويل الحوافز وحزم الاستثمار، يتعين على البلدان الأفريقية الاعتماد إما على جزء ضئيل من السيولة من خلال مبادرات تعليق سداد الديون، أو تعهدات المعونة، أو التمويل الباهظ التكلفة لأسواق رأس المال.

لا يوفر أي من هذه الخيارات حاليًا لهذه الاقتصادات ما تحتاجه من استثمارات رأسمالية لتحسين توقعاتها على المدى الطويل.

تحتاج أفريقيا إلى عمل جماعي حاسم بدلاً من الكلمات المُشجعة. لذلك نقترح تنفيذ حزمة مالية وتجارية إستراتيجية يمكنها تحويل عدم المساواة المناخية إلى شمولية من خلال ضمان تحول انتقالي للموارد من مصادر انبعاثات غازات الدفيئة التاريخية إلى أفريقيا.

ترتكز خطتنا على أربعة عوامل رئيسية. أولاً، يجب على الاقتصادات المتقدمة الوفاء بالوعد الذي قطعته في اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 بتقديم 100 مليار دولار سنويًا للمساعدة في تغطية تكاليف التكيف والانتقال في البلدان النامية.

بعد كل شيء، كانت الالتزامات التي تعهدت بها البلدان النامية في باريس مشروطة بهذا التعهد.

إن الإخفاق في الوفاء بهذا الالتزام الذي فات موعده الآن، مع تخصيص نصف مبلغ 100 مليار دولار لتكاليف التكيف، سيقوض مبدأ العمل المتعدد الأطراف ذاته. إنه حكم في اتفاقية دولية ويجب احترامه.

تُوضح حقيقة أن العالم المتقدم حشد 10 تريليونات دولار لمواجهة الوباء في عام 2020 وحده مدى صغر حجم مبلغ 100 مليار دولار سنويًا. ومع ذلك، في نفس الفترة، زادت المساعدة الإنمائية الرسمية بنسبة 3.5 ٪ فقط بالقيمة الحقيقية.

تتركز الركيزة الثانية في مواءمة الأسواق المالية مع أهداف اتفاقية باريس. يعد دمج تأثير تغير المناخ في القرارات المُتعلقة بالاستثمار أمرًا بالغ الأهمية، ومن شأن التوزيع الحكيم لرأس المال الخاص في القطاعات الخضراء أن يُحول البلدان الأفريقية والاقتصادات النامية بشكل عام.

وتحقيقًا لهذه الغاية، نجح تحالف غلاسكو المالي من أجل صافي انبعاثات صفري، الذي يرأسه محافظ بنك إنجلترا السابق مارك كارني، في الجمع بين شركات يبلغ مجموع أصولها 90 تريليون دولار.

يتعين الآن بذل جهود عاجلة وحازمة لتوجيه هذا التمويل الخاص إلى القطاعات المتنامية الصديقة للمناخ في أفريقيا وغيرها من البلدان النامية.

مع أخذ ذلك بعين الاعتبار، اقترحت اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا العام إنشاء مرفق للسيولة والاستدامة يهدف إلى خفض تكاليف الاقتراض المرتبطة بالاستثمارات الخضراء من خلال تطوير سوق إعادة الشراء «أو سوق الريبو» للقارة.

تهدف هذه المبادرة، التي سيتم تمويلها بشكل مثالي من خلال التمويل الأولي بقيمة 3 مليارات دولار في حقوق السحب الخاصة (الأصول الاحتياطية لصندوق النقد الدولي)، إلى الحد من مخاطر الاستثمارات الخاصة في أفريقيا ومساعدة المنطقة على زيادة حصتها في سوق السندات الخضراء العالمية – التي تبلغ حاليًا أقل من %1.

وقد أصدرت جمهورية جنوب أفريقيا مؤخرًا سندات خضراء بقيمة 3 مليارات راند (196 مليون دولار) لإعادة تمويل قطاع الطاقة لديها. مثل هذه الإصدارات هي مثال على نوع الاستثمار الممكن من خلال فتح أسواق السندات لأفريقيا. نحن بحاجة إلى جعل مثل هذه الاستثمارات القاعدة وليس الاستثناء.

بالإضافة إلى ذلك، اقترحت مجموعة بنك التنمية الأفريقي إنشاء آلية أفريقية لتحقيق الاستقرار المالي. ومن شأن مثل هذا المخطط أن يُساعد في منع الصدمات المالية المستقبلية في أفريقيا – القارة الوحيدة التي ليس لديها ترتيب تمويل إقليمي – من إحداث آثار غير مباشرة.

تتلخص الركيزة الثالثة في توفير الموارد اللازمة التي تحتاجها أفريقيا لتمكين اقتصاداتها من التكيف مع ظاهرة الاحترار العالمي.

وبدلاً من مجرد انتظار تحقيق مثل هذا التمويل، تعمل أفريقيا على معالجة مسألة التكيف مع المناخ مباشرةً من خلال الاستعانة بحلول محلية. يُخصص بنك التنمية الأفريقي حاليًا %63 من تمويله في مجال المناخ للتكيف، وهو أعلى نصيب من أي مؤسسة مالية متعددة الأطراف، كما تعهد بمضاعفة هذا التمويل إلى 25 مليار دولار بحلول عام 2025.

كما أنشأ بنك التنمية الأفريقي والمركز العالمي للتكيف برنامج تسريع التكيف في أفريقيا للمساعدة في توسيع نطاق استثمارات التكيف القابلة للتمويل في المنطقة. ستكون تعبئة 25 مليار دولار عبر برنامج تسريع التكيف الأفريقي خطوة أولى نحو الاستثمار في الانتعاش الأخضر لأفريقيا.

وأخيرًا، يجب أن يعالج أي حل لتغير المناخ قضايا التجارة، والتي تُعد أساس الاقتصاد العالمي. يتمثل الحل الفعال لإنهاء أزمتنا الاقتصادية الحالية في ضمان استمرار الانفتاح وإمكانية التنبؤ، بما في ذلك من خلال الالتزام بقواعد التجارة العالمية التي تتماشى مع أهداف اتفاقية باريس.

يمكن للكتل الإقليمية مثل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التي تم تشكيلها حديثًا أن توفر حافزًا لتعزيز التزامنا بالتنمية منخفضة الكربون. يجب أن ندرك الاحتياجات الخاصة لأفريقيا، ونعترف بضعف القارة أمام التغيرات المناخية، وأن نُحدد المناطق والمجتمعات التي تسببت فيها عواقب التغيرات المناخية في أكبر قدر من الضرر.

ستُعقد قمة الأمم المتحدة بشأن المناخ «كوب 27» في العام المقبل في أفريقيا، ونحن نتطلع إلى الترحيب بجميع دول العالم. لكن يتعين على الدول المتقدمة، وفي مقدمها بريطانيا وفرنسا وأمريكا، أن تعزز استراتيجيات التنمية والعمل المناخي الفاعلة في أفريقيا.

 

المصدر: صحيفة البيان

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر