سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ظهر الفرع الأم لجماعة الإخوان المسلمين الدولية، الفرع الذي يتخذ من مصر مقرًا له، يظهر مؤشرات على التفكك، حسبما وثّق موقع عين أوروبية على التطرف في شهر أكتوبر. وهذا الاتجاه مستمر منذ ذلك الوقت.
باختصار:
يشغل إبراهيم منير منصب القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المصرية منذ اعتقال سلفه محمود عزت في أغسطس 2020. وتظهر جماعة الإخوان المسلمين، المنقسمة عمليًا على مدى السنوات الثماني الماضية، الآن انقسامات “رسمية” في الوقت الذي يحاول فيه قادة الإخوان المتمركزون في اسطنبول إزاحة منير المقيم في لندن، وتعيين الأمين العام السابق محمود حسين.
أعلن منير تعليق عضوية محمود حسين، المقيم في إسطنبول، في جماعة الإخوان المسلمين، وأحال حسين-إلى جانب خمسة من حلفائه: همام يوسف، وممدوح مبروك، ومدحت الحداد، ومحمد عبد الوهاب، ورجب البنا- للتحقيق الداخلي على أساس “مخالفات مالية وإدارية”.
لكن الإخوة في إسطنبول يرفضون الاعتراف بسلطة منير، زاعمين أن تأجيل انتخابات مجلس الشورى (اللجنة التنفيذية للجماعة)، التي كان من المفترض أن تعقد في يوليو، يعني أن شرعيته قد وصلت إلى نهايتها.
لا يتم الطعن في منير لهذه الأسس الإجرائية فحسب: فالعديد من الإخوان يشعرون بأن التطورات في تونس، بالإضافة إلى الفشل في تحدي الحكومة في مصر، تُظهر أنه غير قادر على أن يكون قائًدا فعالًا، ليس أقلها أنه يقيم بعيد جدًا في المملكة المتحدة.
وقد تعمّق هذا الصدع -وهو تعبير علني غير عادي عن المعارضة داخل جماعة تخضع لنظام محكم بقوة وتسلسل هرمي صارم- في مقابلةٍ علنية مع حسين في نهاية شهر نوفمبر انطوت على انتقاداتٍ صادمة. وفي حين أصر حسين على أن منير لا يزال معترفًا به كعضو في جماعة الإخوان المسلمين، فقد أعلن أن مجلس الشورى في إسطنبول قد أقال منير من جميع مناصبه الرسمية، وألغى جميع القرارات التي اتخذها خلال فترة الطعن هذه.
قال حسين إن “منير أخ، لكن لم يعد لديه أي مسؤوليات حالية داخل الجماعة، وقراراته الأخيرة منعدمة الأثر”. وأوضح أن ذلك يعني أن قرار منير بتجميد عضوية حسين ورفاقه في جماعة الإخوان المسلمين، والتحقيق معهم في جرائم مالية، لاغٍ وباطل. وقد ألغيت التغييرات الهيكلية التي أجريت في الجماعة، مثل حلِّ بعض اللجان، وفقًا لما قاله حسين.
وذهب حسين للمطالبة بلقب القائم بأعمال المرشد العام، وتلقى الدعم لذلك ليس فقط في إسطنبول، ولكن في لندن أيضًا، حيث أنشأ فصيلٌ من الإخوان موقعًا رسميًا جديدًا يعترف بحسين كزعيم له.
ورد منير، كما هو متوقع، برفض حق حسين في القيام بذلك، وأعلن أن ثلاثة وسبعين آخرين من الإخوة الموالين لحسين قد جُمدت عضويتهم. وبعد أيام، في أوائل شهر ديسمبر، دعم العلماء داخل جماعة الإخوان المسلمين منير، داعين قيادة الجماعة وشبابها للالتفاف حول زعيمهم، وطالبوا حسين باحترام تعهده بالولاء لمنير كمرشد عام.
في لندن، يبدو أن منير يكسب هذا الصراع. ويبدو أنه يسيطر على المؤسسات الإخوانية الرئيسة التابعة لمكتب لندن، التي تتمحور حول المتحدث الرسمي أسامة سليمان، والمسؤول الإعلامي صهيب عبد المقصود، العضو في جناح الشباب لجماعة الإخوان المسلمين.
ورغم الجهود المختلفة التي بُذلت في الأيام الأخيرة، لإعادة توحيد الفصائل الموالية لمنير والمؤيدة لحسين في جماعة الإخوان المسلمين، لاسيّما من قبل يوسف القرضاوي. أحد أعلى المراجع الدينية في العالم لجماعة الإخوان المسلمين، لا تظهر أي من هذه الجهود مؤشراتٍ على النجاح.
لقد حدث تحول في الوضع السياسي الإقليمي ضد الإخوان بشكل عام، كما أشار موقع عين أوروبية على التطرف قبل شهرين، وفي الفترة الفاصلة، أوضح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أحد الداعمين الرئيسيين المتبقين من الدولة لجماعة الإخوان، تحت ضغط الأزمات الداخلية، أنه يريد تحسين العلاقات مع مصر، وكان جزء من ذلك تقليص دعم الحكومة التركية للإخوان. وحيثما كان أردوغان يتدخل سابقًا لتسوية الخلافات في مجلس شورى الإخوان، فقد حال مزيج المشتتات المحلية وأغصان الزيتون الممدودة إلى القاهرة دون القيام بذلك هذه المرة.
إذن، كيف سيؤول حال الإخوان في ظلِّ هذه التحولات؟
ربما العامل المهم هو المال. فإذا تمكّن حسين، كما تشير بعض التقارير، من تأمين مصادر تمويل مستقلة خارج قنوات الإخوان الرسمية، فربما تكون له الغلبة والسيطرة. وفي حين يبدو أن الإخوان اللندنيين يميلون إلى منير، ما لا يثير الدهشة لأنه يقيم هناك ويسيطر بشكل أكثر مباشرة على الشبكة، يبدو أن الإخوان في إسطنبول يتخندقون بقوة في معسكر حسين، لا سيّما -وهو الأمر الحاسم- على مستوى القيادة. وإذا استطاع حسين طمأنة المنشقين المحتملين أنهم سيستمرون في الحصول على رواتبهم، وبالتالي سيظلون قادرين على إطعام عائلاتهم حال الانضمام إليه، فمن الصعب تصور أن الدعم الذي يحظى به منير لن يتآكل. ذلك أن منير لا يحظى بشعبية كبيرة، خاصة مع قطاعات الشباب في المنظمة، بسبب عدم فعاليته المتصوّرة.
ومع ذلك، فليس هناك ما يضمن حل هذا الصراع على الزعامة، وقد يفضي إلى انقسام واضح. فلقد نشبت حرب إعلامية واسعة النطاق بين منير وحسين، حيث تبادلا مع وكلائهما الاتهامات بالفساد، ومن الصعب عودة الأمور إلى ما كانت عليه.
وسواء تم تسوية النزاع لصالح منير أو حسين أو لا أحد منهما، فقد لحق بجماعة الإخوان ضرر بالغ بالفعل. لقد أصيبت صورتهم وسمعتهم من حيث الكفاءة ونظافة اليد والنظام بجروح بالغة؛ فالجماعة تبدو الآن مهلهلة، حيث يتبارز فصيلان يتمتعان بالحد الأدنى من السلطة الحقيقية بالعداء علنًا ويتقاذفان تهمًا مخزية تجعل الجميع يبدو دنيئًا وتافهًا. وستستمر الروح المعنوية في الجماعة في التدهور، ما يزيد من عدم فعالية الإدارة وإلى نزيفٍ بطيء في شكل عدد الأعضاء المغادرين، ناهيك عن ضعف استقطاب أعضاء جدد.
وختامًا، يمكن القول إن جماعة الإخوان المسلمين تمر بأخطر أزمة منذ تأسيسها قبل تسعين عامًا، وليس هناك ما يشير إلى أنها ستجد مخرجًا، في أي وقت قريب.
المصدر: كيو بوست
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر