سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
آدم مينتر
أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أن المسؤولين الأميركيين سيقاطعون أولمبياد بكين المقرر في فبراير (شباط) المقبل بسبب سجل الصين في مجال حقوق الإنسان. وسرعان ما انضمت إليها أستراليا وكندا والمملكة المتحدة، ومن المرجح أن تتبعها دول ديمقراطية أخرى. وكما هو متوقع، وعدت الصين بـ«إجراءات مضادة حازمة».
وأياً كانت هذه الإجراءات، فإن الولايات المتحدة ليس لديها ما تخشاه. وطموحات الصين الرياضية العالمية لا تترك لها خياراً سوى الاستمرار في إشراك بقية العالم في اللعب.
لعقود من الزمان، استخدمت الصين الأحداث الرياضية الدولية لإبراز نهضتها في الداخل والخارج. ولم تصل هذه الجهود إلى ذروتها حتى صوّتت اللجنة الأولمبية الدولية في عام 1979 للسماح للصين بالمشاركة في الألعاب (شارك رياضي صيني واحد في أولمبياد عام 1952). وبعد خمس سنوات، وصل فريق صيني إلى ألعاب لوس أنجليس تحت شعار «الخروج من آسيا والتقدم في العالم». ولمحت العبارة إلى طموحات الصين الجريئة، وأنهى الفريق المنافسات في المركز الرابع بصورة مفاجئة في جدول الميداليات.
منذ ذلك الحين، نما استثمار الصين في الرياضة فقط. فمن وجهة نظر الحزب الشيوعي، فإن استضافة بكين لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2008 أكدت ليس فقط وصول الصين إلى منصات التتويج، بل أيضاً التماسك السياسي الذي سيكون ضرورياً لاستمرار صعودها. وحتى بعد مرور 13 عاماً، أصبحت المقارنات الخادعة بين تلك الألعاب والألعاب الأولمبية اللاحقة (والحكومات المسؤولة عنها) شائعة في التغطية الإخبارية الصينية ووسائل التواصل الاجتماعي والمحادثات في الشوارع.
ومع ذلك، فإن هذه القومية الرياضية ليست مطلقة، خاصة عندما تهدد قدرة البلاد على المنافسة في الألعاب العالمية البارزة. ففي أولمبياد طوكيو الصيف الجاري، ارتدى اثنان من الرياضيين الصينيين دبابيس تحمل صورة الرئيس الراحل ماو تسي تونغ خلال حفل توزيع الميداليات، ومن المحتمل أن ينتهكوا الحظر الذي تفرضه اللجنة الأولمبية الدولية على التعبير السياسي. احتفلت وسائل الإعلام الحكومية الصينية في البداية بهذه البادرة، ولكن بعد أن بدأت اللجنة الأولمبية الدولية تحقيقاً، قام المراقبون بإخفاء الدبابيس خلال البث ووعدت اللجنة الأولمبية الصينية بسرعة بأن مثل هذه العروض لن تحدث مرة أخرى.
كما يفسر تفوق البراغماتية على الروح الوطنية رغبة الصين في طلب المساعدة الأجنبية لتحسين رياضييها. فالمدربون الأجانب المستوردون منتشرون بشكل متزايد، خاصة في الألعاب الرياضية التي لم تنجح فيها الصين على المستوى الدولي بعد. ومن الشائع أيضاً أن ترسل الصين الرياضيين المتميزين إلى الخارج للتدريب، بما في ذلك إلى الجامعات الأميركية. فمنذ أن جرى التعاقد مع ياو مينغ في الدوري الأميركي للمحترفين في عام 2002، ساعدت الصين نجومها الرياضيين على المنافسة في أفضل الأماكن الاحترافية في الخارج.
حتى في الأمور الأكثر حساسية، فإن التطبيق العملي يسود في العادة. فعندما قام أحد المسؤولين التنفيذيين في الدوري الأميركي للمحترفين بنشر تغريدة لدعم الحركة الديمقراطية في هونغ كونغ في عام 2019، ردت الصين بشدة بسحب البث القيم للدوري من التلفزيون الحكومي وخدمات البث الخاصة. وبعد ذلك بعامين، تراجعت الحكومة بهدوء في مواجهة الشعبية الهائلة للدوري – والتوقعات المحرجة بأن اللاعبين الصينيين قد يطمحون إلى المنافسة في دوري محظور.
في عام 2019، أصدر مجلس الدولة الحاكم في الصين «مخططاً لبناء أمة رياضية رائدة»، تصور تحول البلاد إلى «قوة رياضية حديثة» مثل الولايات المتحدة بحلول عام 2050. ولتحقيق ذلك، دعا المجلس إلى تعزيز القدرة التنافسية العالمية للصين لتعزيز صناعة اللياقة البدنية والرياضة المحلية. ورغم ذلك، سلّطت الضوء أيضاً على مأزق: كل من هذه الأهداف يتطلب المشاركة مع الرياضيين والمدربين والمنظمات الدولية التي تروّج لشيء مسيء عن الصين. ولن يؤدي فك الارتباط إلا إلى الإضرار بالرياضيين والرعاة والمشجعين الصينيين.
أصبح الموقف محبطاً للسلطات، فعلى مدى نصف العقد الماضي، أعطوا الأولوية للاكتفاء الذاتي الوطني في كل شيء من أشباه الموصلات إلى فول الصويا. ولكن لا توجد طريقة واقعية للصين لـ«فصل» رياضييها عن البطولات والمسابقات العالمية، والبدائل المحلية لن تكون كافية.
يبدو أن ذلك بدأ يظهر على الشركات الصينية، إن لم تكن الحكومة. ففي الأسبوع الماضي، وبعد أن أعرب اتحاد التنس النسائي عن قلقه بشأن بينغ شوناي، النجمة الصينية التي اتهمت مسؤولاً حكومياً سابقاً بالاعتداء الجنسي، طلبت منصة البث «أيكوي إنك» إزالة شعارها من موقع المجموعة على الويب. ورغم ذلك، لم تسعَ إلى إنهاء اتفاقية الحقوق الرقمية المربحة. فعلى الأرجح، تأمل المنصة أن ينتهي الجدل حتى يمكن استئناف تأسيس التنس في واحدة من أكثر الرياضات شعبية في البلاد.
من المرجح أن تتخذ الصين مقاربة رمزية مماثلة للمقاطعة الدبلوماسية. ففي الوقت الحالي، لا يمكنها عزل المذيعين الأميركيين والجهات الراعية العالمية، ومن المؤكد أنها لا تستطيع المخاطرة بإبعاد لاعبيها عن التدريبات والمنافسة ذات المستوى العالمي.. فبالنسبة للصين، الألعاب الأولمبية يجب أن تستمر.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر