سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
محمد القحطاني
المتتبع لأدبيات ميليشيا حزب الله الإرهابي، يعرف أن هذا الحزب يعتمد في أدائه على السياسة الإيرانية بالتبعية المطلقة، وهو فرع عربي لطهران، غرسته المخابرات الإيرانية ليكون ذا صولة وجولة في محيط المنطقة، “وأقصد منطقة الشام”.
حزب الله لم يلد من رحم سويسرا، ولا من ظهر الديمقراطية، بل نشأ على قاعدة القتل والتهجير في الخفاء، والبكاء والعويل واللطميات في الظاهر، وهو أكثر الأحزاب الإرهابية تقية في خطاباته السياسية.
فجأة وبدون مقدمات، بات دولة رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري، مطلبًا وبطلاً قوميًا عند حزب الله، وهو الحزب الإرهابي الذي اغتال الشهيد رفيق الحريري، وما تلا ذلك من سلسلة اغتيالات وتفجيرات شهدتها لبنان في السنوات الماضية.
سعد الحريري الذي ذرف الحزب الدموع عليه، هو ذات الشخص الذي تفاخر الحزب وحلفاؤه بقتله “سياسيًا” في فترة ماضية، وهو ذات الحزب الذي انسحب من الحكومة بثلثه المعطل سنة 2008م، حين كان سعد الحريري يعقد اجتماعًا مع الرئيس الأميركي.
لنعد إلى أدبيات الحزب، ولنعد إلى مئات السنين، عن طائفة الحشاشين التي انفصلت عن الفاطميين في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي، والتي كانت تتبع الاستراتيجية العسكرية المعتمدة على الاغتيالات التي يقوم بها “انتحاريون” لا يأبهون بالموت في سبيل تحقيق هدفهم. إذ كان هؤلاء الفدائيون يُلقون الرعب في قلوب الحكّام والأمراء المعادين لهم، وتمكنوا من اغتيال العديد من الشخصيات المهمة جدًا في ذلك الوقت؛ مثل الوزير السلجوقي نظام الملك، والخليفتين العباسيين المسترشد والراشد، وملك بيت المقدس كونراد.
هذه الطائفة “الشاذة” يجعل منها حزب الله الإرهابي أنموذجًا له، فهو يضع بندقيته دومًا على طاولة المفاوضات. ولعل ما حدث مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، حين تشكيل حكومة نجيب ميقاتي، أكبر دليل على ذلك، حين هددوا بتصفية نجله الأكبر “تيمور”، ما لم يمضِ قدمًا في تأييد الحكومة.
التأريخ لا ينسى، وأهل بيروت لا يحملون ذاكرة السمك، فقد أشرقت شمس يوم السابع من أيار سنة 2008، ليجد اللبنانيون أنفسهم محتلين من ميليشيا حزب الله، أو ما سمي حينها بـ”القمصان السوداء”، ورافقها أحداث أمنية في بيروت وبعض مناطق جبل لبنان بين المعارضة والموالاة، واعتبرت الأكثر خطورة وعنفًا منذ انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990.
هذه الأحداث خلفت نحو 71 قتيلاً من كلا الجانبين، واضطرت الدولة أمام “إرهاب” حزب الله، إلى أن تسحب قرارين وزاريين، هما: اعتبار “شبكة الاتصالات الهاتفية التي أقامها حزب الله غير شرعية وغير قانونية وتشكل اعتداء على سيادة الدولة والمال العام، والقرار الثاني: هو إقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد (وفيق شقير) من منصبه وإعادته إلى ملاك الجيش”.
منذ نحو خمسة أعوام، وأمين ميليشيا حزب الله، الإرهابي حسن نصر الله، يكيل أبشع العبارات للمملكة العربية السعودية، التي منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم، تدعم لبنان، حكومة وشعبًا، وهي الدولة التي سهّلت العملية السياسية فيها، وباركت خطواتها الاقتصادية وكانت أكثر الدول دعمًا لصندوق إعادة الإعمار بعد الحرب الأهلية.
الرياض، لم تتخذ إجراءاتها التصاعدية ضد “حكومة” لبنان، نتيجة أفعال قريبة، بل كانت تراكمية؛ إذ ليس من المقبول أن يتم إهانة أكبر دولة إقليمية في المنطقة من منظمة إرهابية، ثم تأتي الرياض وتضغط على جرحها كل يوم.
القول بأن السعودية تعاقب لبنان، هذا خطأ، والخطأ الأكبر أن يعتقد أن السعودية اختارت لبنان ليكون ساحة حرب جديدة مع إيران، لكن الأكيد أن الرياض اختارت أن تعيد لبنان إلى الصف العربي بالكامل، وليس بطريقة جزئية مثلما حدث سابقًا، فليس من المعقول أن يكون لرئيس الحكومة رأي إقليمي بينما يعارضه وزير خارجيته، وليس من المقبول “دوليًا” أن تشارك منظمة إرهابية في حكومة ديمقراطية، هذا لا يستوي.
لا أعتقد أنه في المدى المنظور ستقبل السعودية بـ”تسويات”، ولا بإبر التخدير؛ لأن الموقف السعودي الحالي، هو لاستئصال المرض، وهي عازمة على ذلك، وبالتأكيد فإنها لن تتخلى عن لبنان ولا شعبه.
وخلال الأسبوع الماضي، هدأت بشكل كبير نبرة الصوت العالية لحزب الله ضد السعودية؛ لأن الرسالة وصلت تمامًا، وهم يعلمون جيدًا بخطورة الموقف الذي سيرتد عليهم من الداخل اللبناني، خاصة أن البيئة الحاضنة لحزب الله بدأت تتململ وتتضايق ويعلو صوتها ضد ممارسات الحزب الصبيانية.
كاتب وصحافي سعودي*
@mohadqahtani
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر