سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
سام جيل
صرح الرئيس الصيني، “شي جين بينغ”، في الأمم المتحدة، مؤخرًا، أن الصين ستكثف دعمها للدول النامية الأخرى في تطوير الطاقة المتجددة ومنخفضة الكربون، ولن تبني مشاريع طاقة جديدة تعمل بالفحم في الخارج.
لقد كان تصريحًا قصيرًا وغامضًا ولم يكن غير متوقع تمامًا، لكنها تعتبر لحظة حاسمة. وسيمثل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي الدورة 26 في نوفمبر في غلاسكو، أول فرصة منذ توقيع اتفاقية الأمم المتحدة في باريس لعام 2015 للدول المُنضمة لزيادة الالتزامات الواردة في تعهداتها، والمعروفة باسم المساهمات المحددة وطنيًا. تحتاج البلدان إلى زيادة طموحاتها في المساهمات المحددة وطنيًا بمقدار خمسة أضعاف إذا كان العالم يريد أن يصل إلى هدف، وهو عدم ارتفاع درجة حرارة الأرض بأكثر من 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي. يبدو تصريح الرئيس الصيني “شي” الذي يمثل فعليًا نهاية التمويل العام الدولي لطاقة الفحم مطابقًا للطموح اللازم من أجل تلك اللحظة.
التعهد يُعبر عن خطأ رئيسي في المناقشات السابقة لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي. مبادرة الحزام والطريق الصينية، هي الخطة الكبرى لتعزيز التجارة والترابط في معظم أنحاء العالم النامي. وإنشاء أسواق خارجية للطاقة الصناعية الصينية الزائدة وتتجه بشدة نحو البنية التحتية عالية الكربون. خلال الحملة الانتخابية الرئاسية العام الماضي، حرص “جو بايدن” على توضيح ذلك، وقال: “الصين … واقتراحهم الخاص بالحزام والطريق”، “إنهم يأخذون أقذر فحم في العالم من منغوليا وينشرونه في جميع أنحاء العالم”.
إذن، ما معنى تصريحات “شي”؟ جاء هذا التصريح في الذكرى السنوية الأولى لتعهد الصين بجعل الاقتصاد محايدًا للمناخ بحلول عام 2060، إمَّا عن طريق القضاء على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تمامًا أو موازنة ذلك مع إزالة الكربون. وقد صرح أيضًا بها من جانب واحد في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي ربطها بشكل لا رجعة فيه بإرثه السياسي الشخصي. لكن تظل الأسئلة مطروحة: كيف سيتم تنفيذ التخلص التدريجي من الفحم؟ ما مصير مشاريع توليد الطاقة من الفحم التي تم التخطيط لها أو قيد الإنشاء؟ ما هو نطاق كلمة “بناء”؟ هل يشمل إنهاء التمويل الدولي للفحم أيضًا؟ ماذا عن العمالة الصينية أو الهندسية في مشروع محلي؟ هل يشمل الشركات الخاصة أم البنوك والشركات المملوكة للدولة فقط؟
في ظل عدم وجود إجابات واضحة لكل هذه الأسئلة قد ننظر إلى تأثير الإعلان المتعلق بعام 2060 المصرح به منذ عام. فباختصار: لقد كان هائلاً وكان الأمر مهمًا (حيث اكتشف متعقب العمل المناخي أن التعهد وحده خفض الاحتباس الحراري العالمي بمقدار 0.2 – 0.3 درجة مئوية، وهو أكبر تغيير فردي متوقع تم تسجيله). وقد وُضعت السياسات والخرائط القطاعية في السنة الفاصلة. والشعارات (“1 + N”؛ “30-60”)، التي تشكل جزءًا مهمًا من الحكم الصيني تم تحديدها. ونائب رئيس الوزراء الصيني، “هان تشنغ” – المسؤول أيضًا عن فريق التفتيش المركزي المخيف، مع سلطة الانقضاض على الهيئات التي تخرج عن الخط وفرض اللوم عليها – تولى قيادة مجموعة قادة المناخ التي تشرف على هدف صافٍ صفري.
لم يكن التقدم مستقيمًا: فالنظام الصيني ليس تكنوقراطيًا بسلاسة، وهناك قوة دفع وجذب بين الصناعات الأساسية والثانوية، والصناعات القائمة والمتحدية. يمكن أن تُنجز الأمور بشكل أسرع، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتخلص التدريجي من أسطول الفحم المحلي في الصين. ستعمل الخطة الخمسية الرابعة عشرة للصين، للفترة بين 2021-2025 على تقليل الكربون والطاقة المنبعثة لكل وحدة من الناتج الاقتصادي، وزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لديها. ولكنها لا تلزم الدولة بحد أقصى لانبعاثات الكربون أو استخدام الفحم كما كان يأمل علماء البيئة المحليون. من السهل نسبيًا تحقيق “عام الذروة” الكربوني لعام 2030، وفي حين أن الصين معروفة “بعدم الوفاء بالوعد والتسليم” بشأن أهداف المناخ. فإن الافتقار إلى الطموح في إزالة الكربون محليًا على المدى القريب هو إشارة إلى أن البلاد ستزيد من الإجراءات الوقائية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى البيئة الاقتصادية غير المستقرة.
ومع ذلك، من المهم أن التصريح الأخير يشير إلى أن الصين مستعدة لمواصلة العمل على الدبلوماسية المناخية بالرغم من تصاعد التوترات الجيوسياسية، خاصة مع الولايات المتحدة. يمثل الاقتصادان معًا حوالي 40% من الانبعاثات العالمية، وتم التفاهم قبل انتخاب “دونالد ترمب” على ركيزة أساسية للتعاون المناخي. بينما يصف مراقبو السياسة الخارجية مشاركة الصين في قضية تغير المناخ بأنها “نقطة ضغط” لفرض تنازلات في مجالات أخرى. إن التعهد الأخير يظهر أنها مستعدة للمضي قدمًا في إزالة الكربون من جانب واحد. بعبارة أخرى، لا يبدو أن التوترات الشديدة مع الولايات المتحدة التي استمرت مع إدارة “بايدن” قد أضعفت عزيمة بكين بشأن المناخ.
إن إجراءات الصين في مجال المناخ تعكس في نهاية المطاف مصلحتها الذاتية. تدرك النخب السياسية نقاط ضعف الدولة فيما يتعلق بالاحتباس الحراري العالمي، وآثاره على الأمن الغذائي والمائي، والضغوط البيئية المزمنة والكوارث الطبيعية، كما رأينا بشكل مأساوي هذا الصيف في تشنغتشو. يدرك صانعو السياسات أيضًا أن الإجراءات المتعلقة بالمناخ تتوافق مع الأولويات الاقتصادية المحلية. والسياسة الصناعية منخفضة الكربون التي تنتهجها الصين قد جعلت من البلاد المورد العالمي الرئيسي في مجال التكنولوجيا النظيفة. وعززت البلاد أمن الطاقة لديها من خلال طاقة الكهرباء وإزالة الكربون؛ واستخدمت التحول بعيدًا عن الصناعات الملوثة لتحريك الاقتصاد “أعلى في سلسلة القيمة” ونحو الابتكار والخدمات.
في هذه العملية، حققت فوزًا بالقوة الناعمة على المسرح العالمي، وبتكلفة منخفضة نسبيًا؛ إذ قد تكون المُعاناة قصيرة المدى جعلت المطلعين على الصناعة يتذمرون، لكن اقتصاديات الطاقة تتجه إلى مصادر الطاقة المتجددة. والصين في هذه المرحلة، هي آخر رجل يحارب على تمويل الفحم. منذ عام 2013، قدمت الصين واليابان وكوريا الجنوبية 95% من هذا التمويل. وكانت الصين قدمت أكبر حصة حيث بلغت 50 مليار دولار، وهو ما يمثل حوالي 56 جيجا واط من السعة المركبة. سحبت اليابان وكوريا الجنوبية دعمهما في قمة قادة المناخ التي استضافتها الولايات المتحدة في أبريل.
لذا، ربما تكون الفواكه مُتدلية وتستطيع أن تبدأ الصين في الوصول إلى أعلى الشجرة. لكن يجب ألا ننسى الجزء الآخر من جملة “شي”، وتركيزه على توفير “الطاقة المتجددة ومنخفضة الكربون” للدول النامية، وهذا بالتأكيد لن يمر دون أن يلاحظه أحد في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية. إذ لا تريد الدعم من أوروبا وأميركا الشمالية في السنوات الأخيرة. إن مبلغ الـ100 مليار دولار في التمويل المناخي الذي وعدت به الدول الغنية للبلدان النامية في باريس لم يتحقق؛ ولا يزال الحصول على اللقاحات يشكل نقطة توتر، ويتم مناشدة البلدان لبذل المزيد من الجهد لمعالجة “الخسائر والأضرار” والتدابير مثل التعويض عندما تواجه الدول الضعيفة مخاطر مناخية مدمرة ولم يعد التكيف ممكنًا.
هناك الكثير من تلك الفاكهة التي لم يتم قطفها. وبالتالي، ستكون النتيجة الإيجابية الأخرى لتصريح “شي” هي أن الدول الغنية اعتبرتها حافزًا للبدء بشكل صحيح في إظهار تضامنها مع الناس في العالم الأكثر تضررًا من أزمة المناخ.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: theguardian
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر