التكنولوجيا النووية وراء صفقة الغواصات الأسترالية | مركز سمت للدراسات

التكنولوجيا النووية وراء صفقة الغواصات الأسترالية

التاريخ والوقت : الأحد, 26 سبتمبر 2021

سيلفيا فايفر- ديميتري سيفاستوبولو- آنا غروس

 

ضجَّت وسائل الإعلام العالمية، مؤخراً، بأخبار الجدل الكبير الذي نشأ عن إلغاء أستراليا صفقة شراء 12 غواصة تعمل بوقود الديزل من فرنسا بقيمة 90 مليار دولار، وشرائها عوضاً عن ذلك غواصات نووية أمريكية وبريطانية.

وقد تناولت صحيفة “فاينانشال تايمز” هذا الموضوع في مقال نشرته مؤخراً، وبحثت فيه فوائد وتحديات القرار الأسترالي بالتوجه نحو شراء غواصات تعمل بالطاقة النووية.

يبدأ المقال بالتطرق إلى المقارنة من ناحية القوة الدافعة؛ فالغواصات الفرنسية تعمل بمحركات كهربائية تغذيها محركات تعمل بوقود الديزل. ويتميز هذا النوع بأنه أصغر حجماً، ويمكن تشغيله بصمت بعد إطفاء محركات الديزل بالاعتماد على البطاريات، ومن مساوئها أنها تضطر إلى الصعود إلى السطح بانتظام عند تشغيل محركات الديزل.  وفي المقابل، تستطيع الغواصات النووية العمل لعدة عقود من دون التزود بالوقود، وهي تستخدم الحرارة الناتجة عن المفاعل النووي لإنتاج البخار الذي يشغل العنفات البخارية لتوليد الكهرباء.

كانت أستراليا في الأصل قد اختارت الغواصات التي تعمل بوقود الديزل؛ ولكن رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، قال في الأسبوع الماضي إنه أخبر الرئيس الفرنسي ماكرون، منذ يونيو الماضي، بأن بلاده لديها “شكوك حقيقية حول ما إذا كانت الغواصات التقليدية سوف تلبي احتياجاتها الأمنية”. ويقول مسؤولون فرنسيون إن فرنسا عرضت في ذلك الشهر تحويل الغواصات موضوع الصفقة إلى العمل بالطاقة النووية؛ ولكن عرضها هذا قوبل بالصمت.

ثم ينتقل المقال إلى المقارنة بين النوعَين من ناحية القدرة على التخفي؛ حيث تتفوق الغواصات النووية بقدرتها على التخفي والبقاء تحت الماء لفترات طويلة، بينما تضطر الغواصات التقليدية إلى الطفو على السطح؛ مما يعرضها إلى خطر الاكتشاف.

يقول أحد الخبراء العسكريين: “تعتبر الغواصات النووية من أكثر الآلات التي صنعها البشر؛ فهي تحتوي على مفاعل نووي في الخلف، ومتفجرات شديدة في المقدمة، وفندق في الوسط يعيش فيه الناس، وكل ذلك يبقى تحت الماء لمدة أشهر عديدة”.

ومن غير الواضح حتى الآن ما إذا كانت أستراليا ستختار غواصات أستيوت البريطانية أم غواصات فيرجينيا الأمريكية. ويتوقف القرار في ذلك على عدة عوامل؛ أهمها مستوى تقنيات التشغيل الصامت والسونار التي يقدمها كل من البريطانيين والأمريكيين للحكومة الأسترالية.

بعد ذلك يلقي المقال الضوء على القدرات التسليحية للغواصات النووية، وعلى رغبة أستراليا في تعزيز قدراتها النارية. وينقل عن رئيس مركز الأمن الأمريكي الجديد ريتشارد فونتين، قوله “إن أستراليا ستتمكن من نشر صواريخ تقليدية على الغواصات النووية التي تتمتع بحمولات أكبر من نظيراتها الفرنسية”.

ويشكل قرار أستراليا بالاستحواذ على صواريخ توماهوك إضافة كبيرة لقدراتها النارية، ويأتي هذا القرار كجزء من توجه أستراليا نحو الذخائر الأمريكية؛ بما فيها الأسلحة المضادة للسفن، مثل طوربيدات “MK48” وصواريخ “LRASM” التي يمكن إطلاقها من طائرات “F-18” المقاتلة. وستعطي صواريخ توماهوك أستراليا القدرة على ضرب أهداف في الصين في أي صراع محتمل، وهذا أمر في غاية الأهمية للولايات المتحدة وحلفائها؛ نظراً لقلة الأصول العسكرية التي يملكونها قبالة السواحل الصينية بالمقارنة مع الجيش الصيني.

وفي الإشارة إلى انعكاسات هذه الصفقة على بريطانيا، يشير المقال إلى قول ساش توسا، المحلل في مؤسسة بارتنرز: “إن صفقة أسلحة بقيمة 50 مليار دولار تمتد على مدى عشرين عاماً، لا شك أن لها فوائد كبيرة؛ خصوصاً بالنظر إلى افتقار أستراليا إلى صناعة نووية خاصة بها وحاجتها إلى توقيع عقود كبيرة للدعم الفني والإمداد بالوقود النووي لغواصاتها”.

تحظى شركة “BAE” التي تقوم ببناء الغواصات لصالح البحرية الملكية البريطانية بموقع متميز للحصول على الصفقة؛ فهي الآن تقوم ببناء فرقاطات للأستراليين، ويمكن لشركة “رولس رويس” التي تنتج أنظمة الدفع للغواصات البريطانية أن تقوم ببناء المفاعلات اللازمة للغواصات الأسترالية.

قال رئيس الوزراء الأسترالي موريسون، مؤخراً، إنه يتوقع أن يتم بناء أول غواصة نووية بحلول عام 2040؛ ولكن المقال يشير إلى وجود الكثير من الأمور التي قد تعيق ذلك، فبناء الغواصات هو عمل ضخم للغاية، وشهدت معظم المشروعات المماثلة الكثير من التأخير وتجاوز الميزانيات المقررة لها.

ربما تكون غواصات أستيوت البريطانية في غاية التطور؛ ولكن الحصول عليها سيكون تذكيراً واقعياً بأن الأمر قد يستغرق وقتاً أطول -ومالاً أكثر- مما هو مخطط له في الأصل.

 

المصدر: كيو بوست

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر