سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
محمد العريان
لقد حان الوقت ليتوقف مزيد من الحكومات الغربية عن رفض ثورة العملات المشفرة باعتبارها مزيجا من برامج المدفوعات غير المشروعة والمضاربة المالية المتهورة.
بدلا من ذلك يجب أن تكون الحكومات أكثر انفتاحا على تبني ابتكارات التشفير وتوجيهها في اتجاه أفضل للتمويل والاقتصاد والمجتمع ككل.
في الوقت نفسه، ينبغي لمؤيدي العملات المشفرة إدراك العواقب النظامية المتزايدة للاضطرابات المستمرة والمستقبلية، وتعميق مشاركتهم في القضايا التنظيمية وقضايا الطاقة. إنهم بحاجة إلى الابتعاد عن عقلية “المحصلة الصفرية” حيث لا يمكن أن تأتي مكاسبهم إلا من خسائر النظام المالي الراسخ.
بشكل عام، لا يزال الجدل في الاقتصادات الغربية حول العملات المشفرة ضيقا للغاية بالنسبة إلى أهمية القضايا الحالية والاستقطاب المفرط المتعلق بها، حيث يتحدث المشاركون لغات مختلفة. وقد أدى ذلك إلى تكثيف الصراع الأساسي بين تسارع تبني القطاع الخاص وعدم ارتياح الحكومات/البنوك المركزية.
نظرا للزيادة المطردة في تسارع تبني القطاع الخاص للعملات المشفرة، بدأنا نشهد اختلافا في العالم الغربي حول تكلفة وفوائد محاولة توجيه ثورة العملات الرقمية نحو تحسين الخدمات المالية، ما يجعل الأمور حتى أكثر تعقيدا.
على النقيض من ذلك تضغط الصين للمضي قدما في رؤية أكثر قوة وموحدة من أعلى إلى أسفل، ما يمهد الطريق للديناميكيات المتحولة التي لديها القدرة على التوسع إلى ما هو أبعد من الدولة نفسها.
ما يحدث بعد ذلك ستكون له آثار عميقة في الخدمات المالية، والسياسة النقدية، ونتائج الاستثمار، ومنصات الدفع، وشكل العملات الاحتياطية العالمية. كما سيؤثر في التحكم في البيانات الضخمة واستخدامها، فضلا عن المنافسة التكنولوجية والاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة.
تظهر ثلاثة تطورات على الأرض كيف تتشكل الأشياء.
أولا، التكنولوجيا التي تقود ثورة العملات المشفرة، بما في ذلك دفاتر الأستاذ الموزعة رقميا للمعاملات والمعروفة باسم بلوكتشين، أصبحت أكثر تعطيلا للصناعة المالية التي ظلت لفترة طويلة غير فعالة نسبيا، كما أصبحت مصدرا للأرباح المفرطة.
ولم يعد الجمع بين الخنادق التنظيمية التي ردعت الداخلين إلى الصناعة والقصور الذاتي التقليدي للعملاء قويا بما يكفي لتثبيط موجة المنافسة المدفوعة بالتكنولوجيا.
ثانيا، على الرغم من عدم استقرارها، أصبحت العملات المشفرة تدريجيا جزءا أكبر من محافظ المستثمرين من خلال التخصيصات لمجموعتين – الأصول المخففة للمخاطر التي تعد بديلا ـ على الهامش ـ للذهب وبعض السندات الحكومية، والرهانات الانتهازية على الأصول غير المترابطة.
ثالثا، تعد العملات المشفرة أيضا أكثر انتشارا إلى حد ما في نظام المدفوعات البيئي. إنه أمر مقلق بالنسبة للمدفوعات غير المشروعة (مثل العدد المتنامي لهجمات برامج الفدية) لكنه أكثر إيجابية بالنسبة لعمليات تحويل الأموال، حيث يظل عديد من القنوات التقليدية بطيئا ومكلفا. لكن التطور الأوسع والتحول إلى عملات عالمية لا يزال يقوضه تقلب الأسعار، وانعدام الثقة التامة، والمخاوف التنظيمية.
السؤال الكبير الآن هو ما إذا كان المعطلون من أصحاب العملات المشفرة والمنظمون في الغرب سينجحون في التلاقي على نهج أكثر توحيدا.
يقع العبء هنا في المقام الأول على عالم التشفير الذي يخاطر بتكرار الخطأ الذي ارتكبته شركات التكنولوجيا الكبرى – وهو السعي وراء أهداف تجارية ضيقة دون إدراك أن نجاحهم المنشود سيجعلهم مهمين بشكل منهجي.
لن يقطع عالم العملات المشفرة شوطا طويلا مع الحكومات والبنوك المركزية دون دمج ضمانات أقوى لمكافحة غسل الأموال. كما يتعين عليهم الاستجابة للقلق بشأن التآكل المحتمل لأدوات السياسة النقدية.
الحاجة إلى أن تكون الحكومات والبنوك المركزية منفتحة أصبحت أكثر إلحاحا بسبب ما تفعله الصين. لقد فهم المسؤولون في بكين القوة التحويلية لثورة العملات المشفرة ويرغبون في تبنيها بطريقة شاملة وموجهة للغاية.
من خلال ذلك، فإنها تواجه الغرب بتحد يتجاوز كون الصين أسرع في تطوير أنظمة مدفوعات أفضل وعملة رقمية للبنك المركزي – وكلها من المرجح أن تتوسع خارج الحدود. كما يمكن أن تطرح مشكلة جديدة لوضع العملة الاحتياطية للدولار، فضلا عن تزويد الصين بمزيد من التحكم في البيانات الضخمة الحساسة وسد ما تبقى من الفجوة التكنولوجية.
في غياب نهج أكثر تعاونا، قد يجد كلا جانبي عالم التشفير في الغرب أن مستقبلهما يتحدد من خلال ما تفعله الصين سريعة الحركة ـ وما تعتزم فعله.
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر