سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
دروفا جايشانكار
لماذا أصبحت الصين بتلك الصراحة في إدانتها للتوترات العرقية في الولايات المتحدة؟ أعرب “يانغ جيتشي”، كبير مسؤولي السياسة الخارجية في الصين، عن استيائه من رغبة وزير الخارجية الأميركي “أنطوني بلينكن” في مناقشة التطورات في شينجيانغ وهونغ كونغ خلال اجتماعهما في مارس بألاسكا، ورد “يانغ” قائلاً: “نأمل أن تقوم الولايات المتحدة بعمل أفضل في مجال حقوق الإنسان. إن التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في مجال حقوق الإنسان راسِخة، فهي لم تظهر في السنوات الأربع الماضية فقط، مثل حركة حياة السود مهمة”.
وقد نشأت “حركة حياة السود مهمة” بالولايات المتحدة ردًا على الاستغلال المنهجي للقوة المفرطة من الشرطة ضد الأميركيين الأفارقة، واندلعت الاحتجاجات مرة أخرى العام الماضي بعد مقتل رجل أميركي من أصل إفريقي يُسمَّى “جورج فلويد”، على يد ضابط شرطة “مينيابوليس ديريك شوفين”، الذي أديُن بجريمة قتل من الدرجة الثانية. ومع أخذ الشعور بالظلم بُعدًا دوليًا، ومع احتجاجات “حركة حياة السود مهمة” في طوكيو ولندن وباريس وأوكلاند، ما زالت العلاقات العرقية الأميركية عالقة، وفي ازدياد في التنافس الجيوسياسي مع الصين.
وردًا على انتقادات نظيرها الأميركي للأعمال الصينية في هونغ كونغ، العام الماضي، غردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية “هوا تشون ينغ”: “لا أستطيع التنفس”، وهو شعار مرتبط بـ”حركة حياة السود مهمة”. وقبل عامين، غرد الدبلوماسي الصيني “تشاو ليجيان”، الذي كان وقتها في باكستان وزميل “هوا” الآن: “إذا كنت في واشنطن العاصمة، فأنت تعلم أن البيض لا يذهبون أبدًا إلى منطقة الجنوب الغربي، لأنها منطقة للسود واللاتينيين”. وهناك قول مأثور: “أسود بالداخل، أبيض بالخارج”، مما يعني أنه إذا انتقلت عائلة سوداء، فسيغادر البيض، وسينخفض سعر الشقة بحدّة. وعلى الرغم من أنه حذف التغريدة لاحقًا، ردَّت مستشارة الأمن القومي الأميركية السابقة “سوزان رايس” (الآن مستشارة السياسة الداخلية لبايدن) على “تويتر”: “أنت مخادع عنصري، وجاهل بنحو صادم أيضًا”.
لا شك في أن خطاب بكين الحاد بشأن العلاقات العرقية الأميركية يهدف إلى صرف الانتباه عن النقد واجتذاب التكافؤ الأخلاقي مع الولايات المتحدة في خضم معركة الكلام المتصاعدة بينهما. ومع ذلك، فإن مثل هذه التصريحات الصينية لها سوابق الحرب الباردة.
بعد اغتيال “مارتن لوثر كينغ جونيور” في عام 1968، صرح “ماو تسي تونغ”: “أن عاصفة النضال الأفروأميركي المستعرة حاليًا داخل الولايات المتحدة هي مظهر صارخ للأزمة السياسية والاقتصادية الشاملة التي تجتاح الآن الإمبريالية الأميركية … ونيابةً عن الشعب الصيني، أعبُر بموجب هذا عن دعمي الحازم لنضال الشعب الأسود في الولايات المتحدة”.
وكان هذا مشابهًا للاتهامات التي تداولتها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في الخمسينيات والستينيات، عندما بالغت الولايات المتحدة في روايات معسكرات العمل الروسية، مثل تلك الخاصة بـ”ألكسندر سولجينتسين”، وانتقدت القمع السوفييتي في المجر. وردت موسكو بمقال نُشر عام 1957 في “كومسومولسكايا برافدا” انتقد التمييز العنصري بالمدارس الأميركية، بأن أولئك “الذين يحلمون بالأنشوطات والديناميت للأشخاص ذوي البشرة المختلفة الألوان… هؤلاء السادة لديهم الجرأة للتحدث عن الديمقراطية والتحدث كمؤيدين للحرية”.
وأحد الاختلافات عن الماضي هو أن مثل هذا الخطاب يكمل الآن قوة السوق الجديدة لبكين، ولا يتجلى ذلك في أي مكان أكثر من كرة السلة الاحترافية، فتواصل الرابطة الوطنية لكرة السلة (إن بي إيه) ورعاته، بما في ذلك مصنعو الملابس، تحقيق نمو كبير في الصين. غرَّد “داريل موري”، المدير العام لفريق هيوستن روكتس لكرة السلة، بتغريدة يدعم المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في هونغ كونغ في عام 2019، مما دفع رعاة الدوري الأميركي للمحترفين الصينيين إلى اتخاذ إجراءات عقابية ضد الدوري. وقال نجم كرة السلة “ليبرون جيمس”، وهو مؤيد صريح لـ”ـحركة حياة السود مهمة” مع حصص مالية كبيرة وصفقات تأييد في الصين، إن “موري” “لم يتعلم الوضع الحالي… لدينا حرية التعبير، ولكن يمكن أن يكون هناك الكثير من السلبية التي تأتي مع ذلك أيضًا”.
كشفت الأَحدَاث عن وجهات نظر متعارضة، بينما انتقد العديد من المعلقين الأميركيين “جيمس” لتكرار نقاط الحديث ببكين، وشعر العديد من نجوم كرة السلة سرًا أن الولايات المتحدة كانت منافقة من خلال انتقاد الصين، في حين فشلت في إدانة ومواجهة وحشية الشرطة ضد الأميركيين من أصل إفريقي ببلدهم.
تُشير تجربة صناعة السينما إلى أن تعبيرات الصين عن التعاطف مع “حركة حياة السود مهمة”، هي مجرد تعبيرات ساخرة، فمنذ تسعينيات القرن الماضي، عندما أُصدر فيلم “سبع سنوات في التبت” لـ”براد بيت” و”كوندون” عن سيرة “دالي مالي” الذاتية لـ”مارتن سكورسيزي”، تجنَّبت هوليوود إنتاج محتوى قد يسيء إلى الحساسيات الصينية الرسمية عامةً. وعلى حد قول الصحفي والمؤلف “إسحاق ستون فيش”، فإن مثل هذه الرقابة الذاتية تنبع في المقام الأول من تعرض تكتلات وسائل الإعلام الأميركية المتنوعة للسوق الصينية.
في الوقت نفسه، اعترف منتجو الأفلام بأن اختيار أفلام أميركية من أصل إفريقي أصبح أكثر صعوبة بسبب المخاوف من أن أداء هذه الأفلام سيئ في الأسواق الخارجية، بما في ذلك الصين. ووفقًا لدراسة عام 2017 نشرتها جامعة جونز هوبكنز كاري للأعمال، فإن الأفلام التي من المرجح أن تحقق أداءً جيدًا في الصين بدأت في إلقاء المزيد من الممثلين ذوي البشرة الفاتحة في الأدوار القيادية بعد عام 2012، وذلك عندما بدأت بكين في السماح بعرض المزيد من الأفلام الأجنبية.
وكثيرًا ما تقاطعت الانقسامات الاجتماعية المحلية إلى حد ما مع التنافسات الجيوسياسية. ومع ذلك، في عصر ازدياد الاعتماد المتبادل، بدأت تلميحات الصين الساخرة إلى العلاقات العرقية الأميركية في إحداث بعض التداعيات غير المتوقعة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: orfamerica
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر