سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
نوح روبرتسون
بعد أربعة أشهر من التنقل في جميع أنحاء اليابان، أخيراً وصلت شعلة دورة الألعاب الأولمبية إلى طوكيو، ولكن ليس كما خطط لها.
فقد أدت الجهود المبذولة لمكافحة فيروس كوفيد-19 إلى تحويل مسار تنقل الشعلة بعيدا عن الطرق العامة واستبداله بسلسلة من الطقوس الحذرة والسرية لإشعال اللهب. وتم تعطيل حوالي نصف مراحل تنقل الشعلة عبر البلاد والبالغ عددها 47 مرحلة.
بعد أكثر من عام على تأجيلها، انطلقت دورة الألعاب الأولمبية 2020 يوم الجمعة الماضي بمشهد مغلق، حيث عادت طوكيو مرة أخرى لتعلن حالة الطوارئ، وتم منع المتفرجين من الحضور.
كل هذا يسلط الضوء على المفارقة الأساسية لألعاب طوكيو. فقد أمضى العالم عاماً ونصف العام في محاربة فيروس كورونا، ما يعزز الشعور بوحدة عالمية –وقيمة الاحتفالات العالمية. ومع ذلك، فإن بروتوكولات الصحة العامة تعني أن ألعاب طوكيو ستكون الأكثر تقييداً على الإطلاق.
وما كان يقصد به أن يكون رمزاً للتعافي –الأول منذ كارثة فوكوشيما في عام 2011، ثم الوباء لاحقاً -أصبح بدلاً من ذلك تذكيراً بحجم الانتعاش الذي يتعين تحقيقه في المستقبل. ولكن كما هو الحال دائما، فإن الألعاب الأولمبية هي مسابقة في الحكايات بقدر ما هي منافسة بين الرياضيين. وتحكي كل دورة ألعاب صيفية قصة، وقد تتغير قصة دورة طوكيو للألعاب في نهايتها. وربما تصبح هذه الدورة للألعاب الأولمبية رمزاً لمرونة المجتمع الدولي.
يقول «باتريك كوتريل»، أستاذ العلوم السياسية والخبير في شؤون اللجنة الأولمبية الدولية بجامعة لينفيلد في ماكمينيفل، بولاية أوريجون: «هناك الكثير من الآراء التي تعتقد أن الألعاب الأولمبية يجب أن تستمر، لكن من ناحية أخرى….فإن درجة الأممية في الأولمبياد تجعلها حقاً حدثاً عالمياً».
في الماضي، كان يتم إلغاء الألعاب الأولمبية في زمن الحرب. ومنذ عام 1948، كانت كل دورة ألعاب صيفية تقام وفقاً كل أربع سنوات وفقاً للجدول –على الرغم من المقاطعات والفضائح والهجمات الإرهابية.
يقول ديفيد رو، الأستاذ الفخري في «معهد الثقافة والمجتمع» بجامعة «ويسترن سيدني»، إنه في السنوات العادية، تشبه هذه الألعاب حفلة منزلية عالمية، تمتزج فيها الثقافات من جميع أنحاء العالم من خلال الحب المشترك للرياضة. وهذا أمر لا يرمز إليه الرياضيون فحسب، بل أيضا الجماهير اليقظة، المليئة بالمشجعين والأصدقاء والعائلات من جميع الجنسيات.
ولكن في هذا العام، يجب أن يتكيف هذا الشعور بالأممية مع الأحداث أو أن يواجه خطر التلاشي.
يتعين على الرياضيين الالتزام بالتباعد الجسدي ومغادرة اليابان في غضون 48 ساعة من الإقصاء أو انتهاء المسابقة. ولا يجب تشجيع العناق والمصافحة ومشاركة الوجبات معا. وأحيانا ستكون القرية الأوليمبية بمثابة منطقة حجر صحي. وللحد من الاتصال، سيرتدي الرياضيون الفائزون الميداليات بأنفسهم.
بالنسبة للكثيرين مثل البروفسيور «رو»، الذي وقع على عريضة لإلغاء دورة الألعاب، فإن هذه القيود ستمنع التفاعلات التي تجعل الألعاب الأوليمبية جديرة بالاهتمام. وهو يرى أنه لا يجب أن يكون هناك التجمع ومهرجان الإنسانية الذي يجب أن تكون عليه الأولمبياد في ظل هذه الظروف.
تظهر استطلاعات الرأي باستمرار أن غالبية الجمهور الياباني كان يفضل إلغاء الألعاب، على الرغم من ارتفاع التأييد. من دون خطر فقدان مليارات الدولارات وكذلك الضغط من اللجنة الأوليمبية الدولية، التي يمكنها مقاضاة المدن التي لا تلتزم بعقد أوليمبي، ربما تم التخلي عن الألعاب الأولمبية. ولكنها انطلقت بدلاً من ذلك.
وعلى الرغم من كل الهواجس العامة، فإن شعب البلد المضيف يساعد بشجاعة جحافل الرياضيين الزائرين وأولئك منا الذين يعملون كمراسلين أثناء التنقل -أحيانا بسهولة، وأحيانا بصعوبة -حول الأماكن الرسمية.
تعد الفترة التي تسبق كل دورة ألعاب أوليمبية هي فترة قلق. يشعر المنظمون بالقلق مع قدوم الرياضيين ووسائل الاعلام والمتطوعين الآخرين إلى المدينة المضيفة.
في الوقت الذي يتوق فيه الكثير من الناس إلى الشعور بالراحة من الوباء، كما يقول البروفيسور «كوتريل»، تقدم الألعاب الأولمبية فرصة فريدة – حتى أكثر من كأس أوروبا الذي تم تأجيله أيضا، وهو يرى أن دورة الألعاب هذه أكثر من أي ألعاب أوليمبية في العصر الحديث، تتمتع بسرد مرن، حيث تغيرت قصة ألعاب طوكيو من قبل وستتغير بالتأكيد مرة أخرى.
وبعد كل شيء، ستكون العوامل الجيوسياسية ومخاطر الصحة العامة أقل أهمية من متابعة المنافسات بين الرياضيين في مختلف أنواع الرياضة.
من الواضح الآن أن الألعاب لن تكون استعراضاً لعالم ما بعد الجائحة. ولكن على الرغم من أنها تبدو مختلفة عما هو متوقع، إلا أنها لا تزال تشبه الوقت الذي تحدث فيه مثل كل دورات الألعاب الأوليمبية الأخرى. إنه عالم لا يزال مغلقاً إلى حد كبير سيتنافس في دورة مغلقة للألعاب الأولمبية.
وسط تراجع الاهتمام باستضافة الألعاب، كما يقول البروفيسور «آلان توملينسون»، أستاذ الرياضة ودراسات أوقات الفراغ، ستختبر ألعاب طوكيو الغريبة قيمة المنصة الأولمبية وقدرتها على التكيف مع العالم من حولها. وهو يتوقع أن تحقق الألعاب أرقاماً قياسية للمشاهدة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر