نهاية هجرة الاتحاد الأوروبي تعيد تشكيل اقتصاد المملكة المتحدة | مركز سمت للدراسات

نهاية هجرة الاتحاد الأوروبي تعيد تشكيل اقتصاد المملكة المتحدة

التاريخ والوقت : السبت, 24 يوليو 2021

في الأسبوع الماضي، انتهى الموعد النهائي لمواطني الاتحاد الأوروبي الذين يعيشون في المملكة المتحدة لتقديم طلب الحصول على حق الإقامة، ما أثار القلق بشأن ما سيحدث للأشخاص الذين لم يتقدموا في الوقت المناسب. لكن القصة الأكثر غرابة تتعلق بالأعداد التي تقدمت بالطلبات.

بحلول شهر آذار (مارس) الماضي، كان هناك 5.3 مليون طلب من نحو خمسة ملايين فرد للحصول على حالة “مستقر” أو “تمت التسوية مسبقا” (تقدم بعض الأشخاص مرتين). بكل المقاييس، كان هناك اندفاع في اللحظة الأخيرة منذ ذلك الحين.

لكن في عام 2019، قدرت وزارة الداخلية إجمالي عدد الأشخاص المؤهلين للتقدم بطلب للحصول على البرنامج ما بين 3.5 مليون و4.1 مليون فقط. بلغ عدد الطلبات المقدمة من أشخاص من رومانيا وبلغاريا نحو 918000 و284000 على التوالي بحلول آذار (مارس)، في حين أن أحدث التقديرات الرسمية للسكان المقيمين كانت 370.000 و122.000 على التوالي.

سيكون بعض الطلبات من أفراد الأسرة المؤهلين أو من الأشخاص الذين غادروا المملكة المتحدة. ومع ذلك، يبدو من الواضح أن تقديرات السكان والهجرة في المملكة المتحدة كانت “غير كافية على الإطلاق منذ منتصف عام 2010 على الأقل”، كما كتب الخبير الاقتصادي جوناثان بورتس.

من المثير للسخرية أننا نتعلم فقط مدى ضخامة صفقة الهجرة الأوروبية بالنسبة للمملكة المتحدة في الوقت الذي نواجه فيه الحياة بدونها. للحصول على نظرة ثاقبة حول كيف غير عصر الحركة الحرة في الاتحاد الأوروبي بعض جوانب الاقتصاد، يمكنك أن تفعل ما هو أسوأ من دراسة المصانع التي تعالج طعامنا.

كان هذا القطاع، الذي يعتمد بشكل كبير على العمال من الاتحاد الأوروبي يواجهة الحساب دائما، وذلك لأن نظام الهجرة الجديد للحكومة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد وضع حدا لمعظم الهجرة منخفضة الأجر. لكن الوباء سرع من الأزمة من خلال دفع عديد من عمال الاتحاد الأوروبي ذوي الوضع المستقر إلى العودة إلى ديارهم “لا أحد يعرف عددهم”. في مجال تصنيع اللحوم، حيث يمثل عمال الاتحاد الأوروبي أكثر من 60 في المائة من الموظفين، يشكو أرباب العمل من نقص حاد في العمالة.

غالبا ما يتحسر أصحاب العمل على أن البريطانيين لا يتقدمون لشغل هذه الوظائف. لكن إذا ألقيت نظرة على إعلانات الوظائف الحالية فإنها تقدم نظرة ثاقبة عن السبب. تعد نوبات العمل لمدة 12 ساعة في مصانع المواد الغذائية شائعة، في الأغلب في أنماط “أربع ساعات عمل، وأربع توقفات”، حيث يتوقع من العمال القيام بمزيج من نوبات النهار والليل.

يقول أحد العاملين في المخبز، “ستعمل أياما أو ليالي بما في ذلك عطلات نهاية الأسبوع لمدة 12 ساعة (كذا) المناوبة على النحو التالي، 6 صباحا إلى 6 مساء، من 6 مساء إلى 6 صباحا”. ويحذر آخر المتقدمين في نوبات العمل الليلية التي تبلغ مدتها 12 ساعة “تدفع 9.12 جنيه استرليني للساعة” من أنك “ستعمل على قدميك طوال فترة المناوبة”. يقول عديد، “سيطلب منك التحلي بالمرونة لتلبية متطلبات العمل”.

من الصعب أن ترى كيف يمكنك إدارة وظيفة بساعات طويلة ومتغيرة مثل هذه إذا كان عليك ترتيب رعاية الأطفال مسبقا، أو كان لديك بالفعل أي مسؤوليات خارج العمل. حتى لو استطعت، فهناك وظائف أقل تطلبا مع نوبات ثابتة تدفع أجرا مماثلا. ومع ذلك، فقد كان من الممكن إدارة وظائف مصانع المواد الغذائية لمجموعة معينة من العمال المهاجرين الذين جاؤوا دون معالين وعاشوا في مساكن مشتركة. يوضح نيك ألين، الرئيس التنفيذي لجمعية معالجات اللحوم البريطانية، أن هذا السبب وراء تطور الوظائف بهذه الطريقة. ويقول، “إذا كنا صادقين، فقد تطورت أنماط العمل حول وجود عمالة من خارج المملكة المتحدة، والسبب الرئيسي لهم البقاء لمدة ثلاثة أعوام، وكسب كثير من المال والعودة إلى الوطن مرة أخرى”.

ويشير إلى أن مواقع أماكن العمل قد تغيرت “من أماكن العمل الصغيرة الأصغر في جميع أنحاء البلاد إلى مجموعة أقل بكثير من الأماكن الكبيرة في المناطق الريفية (لأنه من السهل الحصول على الحيوانات هناك)”. يضيف ألين، “لقد تغير هيكل الصناعة بأكمله” على مر العقود. لقد انتهى الأمر بنمط معين ومن المحتمل أن يتغير”.

ويفيد ألين بأن رواتب التعيينات الجديدة قد ارتفعت بالفعل، “إنني أرى وظائف على مستوى المبتدئين معلنة الآن بأجر 22000 جنيه استرليني، بينما قبل عامين كانت يمكن أن تكون 18000 جنيه استرليني”. ويتحدث ألين مع الأعضاء حول تغيير أنماط عملهم، لكنه يحذر من أن ذلك لن يكون سهلا.

بينما يقول إيمون أوهيرن، مسؤول وطني في النقابة العامة، إنه لديه “بعض التعاطف” مع أرباب العمل في القطاع نظرا لأنهم شركات ذات هامش ربح منخفض وأعمالها كبيرة الحجم، ويتم الضغط عليها باستمرار من قبل المتاجر الكبيرة القوية.

تصنف اللحوم في المملكة المتحدة من بين أرخص الأسعار في أوروبا الغربية. يقول أوهيرن، “أعتقد أنه لا يمكننا إجراء مناقشة أو مراجعة لما يعنيه التوازن بين العمل والحياة في مجتمعاتنا دون معالجة القوة السوقية لتجار التجزئة”.

من المخادع أن يقول أرباب العمل إن البريطانيين لن يقوموا بهذه الوظائف على الإطلاق. ومع ذلك، من السذاجة الاعتقاد بأن مشكلاتهم ستختفي بين عشية وضحاها إذا رفعوا الأجور وحققوا ربحا أقل.

في هذا القطاع أثر عصر حرية التنقل على كل شيء من إيقاع العمل والأمن وموقعه إلى الأسعار التي اعتدنا عليها في المتاجر. شكل العمال من الاتحاد الأوروبي المملكة المتحدة بشكل عميق. إذا لم يعودوا، فإن تعلم العيش بدونهم سيعيد تشكيلنا مرة أخرى.

 

المصدر: صحيفة الاقتصادية – خدمة فايننشال تايمز

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر