سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
شيلا كولهاتكار
أصدر قاضٍ فيدرالي يُدعى “جيمس إي بواسبيرغ” في الثامن والعشرين من يونيو، ما بدا أنه توبيخ صاعق لجهود الحكومة لتفكيك “فيسبوك”، بسبب انتهاكات مزعومة لمكافحة الاحتكار، وبدا أن “بواسبيرغ” يتهم لجنة التجارة الفيدرالية، وتحالفًا من ثمانية وأربعين من المدعين العامين للولاية، وهما الطرفان اللذان رفعا دعاوى ضد الاحتكار ضد “فيسبوك”، بأخطاء أساسية وحسابات خاطئة تكاد تكون محرجة، وذلك برأيين يزيد كلٌّ منهما على 50 صفحة، مما يوحي في الحالة السابقة بأن لجنة التجارة الفيدرالية، قد فشلت في تحديد السوق الذي يعمل فيه “فيسبوك”، وفي نهاية المطاف تصرفت الولايات ببطء شديد، فصارت قضايا “فيسبوك” جزءًا أساسيًا في قلب حملة الحزبين، لتقييد شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل وأمازون وآبل، فعلى مدى العقد الماضي توسعت هذه الشركات حتى صارت كيانات مترامية الأطراف، تتوسط أو تتحكم في أجزاء كبيرة من وسائل الإعلام والإعلان، وتجارة التجزئة، والشبكات الاجتماعية، وأسواق الاتصالات.
في الخريف الماضي، رفعت وزارة العدل وعشرات الولايات قضايا مماثلة ضد جوجل، ويتوقع بعض خبراء مكافحة الاحتكار، رفع دعوى مماثلة ضد أمازون في المستقبل القريب، حيث يُعدُّ تشريع الكونجرس لمكافحة الاحتكار، الذي يستهدف شركات التكنولوجيا الكبرى، أحد المجالات القليلة التي وجد فيها الجمهوريون والديمقراطيون أسبابًا للعمل معًا – على الرغم من اختلافهم في كثير من الأحيان- في العديد من مشاريع القوانين التي هي الآن قيد الإعداد.
إن تداعي قضايا “فيسبوك” الحكومية، من شأنه أن يُمثل انتكاسة كبيرة لهذا الجهد الفائق، ومع ذلك فإن القراءة الدقيقة لآراء القاضي “بواسبيرغ”، تُشير إلى أن المعركة لم تنتهِ بعد.
أمَّا بخصوص لجنة التجارة الفيدرالية ودورها في القضية، فيقول القاضي إنه لا يرفض القضية كلها، بل يُوصي لجنة التجارة الفيدرالية بإعادة صياغتها، لمعالجة عيوبها وإعادة تقديمها في غضون ثلاثين يومًا. فمن المحتمل أن يتسبب أحد البنود على وجه الخصوص في استياء المكاتب التنفيذية لـ”فيسبوك”، فالوكالة على أرضية صلبة في التدقيق في عمليات الاستحواذ على “إنستجرام” أو “واتساب”. كتب “بواسبيرغ”: “ترفض المحكمة حجة فيسبوك، بأن لجنة التجارة الفيدرالية تفتقر إلى سلطة طلب الإنصاف القضائي فيما يتعلق بهذه المشتريات”، فيما صرحت لجنة التجارة الفيدرالية، أنها تريد من “فيسبوك” التراجع عن عمليات الاستحواذ على “إنستجرام وواتساب” لأنها كانت معادية لروح المنافسة. ويقترح “بواسبيرغ” أن المسألة مسألة مشروعة ينبغي متابعتها بغض النظر عن الرأي، وقال إن “جورج هاي”، أستاذ القانون في جامعة كورنيل، والمسؤول السابق لمكافحة الاحتكار السابق بوزارة العدل، أخبره بأن: “القاضي أعطاهم خارطة الطريق”.
وقد أمضت لجنة فرعية تابعة للكونجرس، 16 شهرًا من التحقيق في الممارسات التجارية لكل من: “أمازون، وآبل، وجوجل، وفيسبوك”، وجمعت اللجنة قدرًا هائلاً من الوثائق والأدلة المخفية، وتقدمت بتقرير مؤلف من 450 صفحة صدر في 6 أكتوبر، وخلص التقرير إلى أن: “هناك حاجة ماسة وملحة، للكونغرس ووكالات إنفاذ مكافحة الاحتكار، باتخاذ إجراءات تعيد المنافسة، وتحسين الابتكار وحماية ديمقراطيتنا”.
وبعد شهرين فقط، أي في 9 ديسمبر، رفع ثمانية وأربعون مدعيًا عامًا بقيادة المدعي العام لنيويورك “ليتيتيا جيمس”، دعوى قضائية تزعم أن “فيسبوك” كانت قد خلقت احتكارًا، وأنها خنقت المنافسة للحفاظ على هيمنتها، وقد أعادت تلك القضية إلى الأذهان الدعاوى القضائية المرفوعة، ضد شركات التبغ الكبرى في التسعينيات، والتي نتج عنها تسوية رئيسية في العام 1998، تطالب الشركات بدفع مليارات الدولارات في تكاليف الرعاية الصحية المتعلقة بالتدخين.
أثار “بواسبيرغ” برفضه قضية الولايات ضد “فيسبوك” تساؤلًا مشروعًا، يشير إلى الأخطاء السياسية التي حدثت في العقد الماضي، إذ إن الحكومة لم تفعل شيئًا يُذكر، لمنع هذه الشركات من التحول إلى تلك الشركات العملاقة التي هي عليها اليوم، فعمليًا وَبَّخ القاضي الولايات لأنها لم تتصرف بصورة عاجلة، مع أنه كانت هناك علامات تدل على وجود مشكلة في وقت مبكر من عام 2012، حيث اشترت “فيسبوك” شركة “إنستجرام” منافستها في ذلك الوقت، وقد ساعد هذا على الاستحواذ، بالإضافة إلى الاستحواذ على “واتساب” عام 2014 من المنظمين، ولم يعترض المدعي العام إلا بعد سنوات، وذلك عندما تغيرت الرغبة السياسية حول انتقاد شركات التكنولوجيا جذريًا. وأوضح “هاي”: “يبدو الأمر كما لو أن جارك يقوم بتوسيع منزله على خط ملكيتك، لكنك تجلس هناك وتنتظر حتى يكون هناك مبنى من ثلاثة طوابق، ثم تقول له عليك القيام بإزالته، فذلك غير مسموح به”.
أمَّا فيما يتعلق بقضية لجنة التجارة الفيدرالية، فقد أشار القاضي إلى أن الوكالة فشلت في معالجة مسألة أساسية، وتزعم الوكالة في شكواها المقدمة أيضًا في 9 ديسمبر، أن “فيسبوك” يحتكر “خدمات الشبكات الاجتماعية الشخصية”، ومع ذلك لا يوجد شيء يُذكر في الشكوى يُحدد ماهية هذا السوق أو كيف أصبح مشكلة رئيسية، ومع ذلك كتب: “يمكن التغلب على هذا الخلل بإعادة الترافع”، وهي ملاحظة ستبعث رسالة إلى لجنة التجارة الفيدرالية بعودة المحامين إلى حل المشاكل.
يقول “مات ستولر”، مدير الأبحاث بمشروع الحريات الاقتصادية الأميركية ومؤلف كتاب “جالوت”، والذي يعد تاريخًا من القوة الاحتكارية في الولايات المتحدة، إنه من غير المرجح أن تؤدي التطورات إلى إبطاء الزخم لتنشيط إنفاذ قوانين مكافحة الاحتكار، كما أنه قال عن أحكام القاضي: “أعتقد أن بعض الأجزاء منها مفيدة بالفعل، فحكم القاضي بأن مطالبات لجنة التجارة الفيدرالية صحيحة، ولو كنت في موقع فيسبوك، فلن أكون سعيدًا مع هذا الحكم”.
كما أشار إلى أن هذه الأنواع من القضايا تستغرق سنوات لحلها، ففي عام 1992 بدأت لجنة التجارة الفيدرالية تحقيقًا مع شركة مايكروسوفت لانتهاكات مكافحة الاحتكار، وتمَّ إغلاق التحقيق في عام 1993، وبعد ذلك بدأت وزارة العدل تحقيقًا أدى في النهاية إلى قضية احتكار، ولم يُبت فيها حتى عام 2001، وعندها توصلت وزارة العدل الأميركية والشركة، إلى اتفاق يمنع شركة مايكروسوفت من تقييد مُصنّعي أجهزة الكمبيوتر بالعمل مع مطوري البرامج الآخرين، ويطلب من الشركة فتح أجزاء من الشفرة المصدرية الخاصة بها، وعن هذا قال “ستولر”: “أعتقد أنه يضع الكثير من الضغط على الكونجرس للتصرف، إذا كانت هناك بالفعل رغبة سياسية حقيقية لتقوية تلك القوانين”.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: newyorker
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر