سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ممدوح المهيني
تستخدم في الغالب الحكومات الطريق الأسهل مع المتطرفين، وهو الرضوخ لطلباتهم وابتزازهم؛ خوفاً منهم، أو لزيادة شرعيتهم، أو لاستخدامهم لأعداء في الداخل أو الخارج… وفي كل الحالات كانت النتائج مضرة. يسيطر المتطرفون على المجتمع ويفرضون أجنداتهم وتضعف الدولة ويتراجع الاقتصاد.
الطريق الأصعب هو الذي تحدث عنه الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، في حواره الأخير عن «رؤية 2030»؛ حيث قال إنه لا يمكن أن نحقق نمواً وازدهاراً بوجود الفكر المتطرف، ولذا تم استئصاله. والواقع أنه طريق أصعب بشكل خاص على السعودية التي تتعرض لحملات مستمرة من الجماعات الإرهابية والمتطرفة بسبب مكانتها الدينية والسياسية في العالم، وتبنّيها الصريح في الأعوام الخمسة الأخيرة الخطاب الديني المعتدل والعقلاني. نشهد الآن كيف سيكون لهذا الخطاب تأثير أوسع على مجمل العالم الإسلامي الذي عانى طويلاً من خطابات الكراهية التي لعبت فيها الحكومات الانتهازية والمرتعشة دوراً كبيراً بسبب تساهلها وعجزها عن الوقوف في وجه دعاة الكراهية.
ولي العهد السعودي منذ قال في بداية إطلاق الرؤية «سندمر المتطرفين الآن وفوراً»؛ رأينا ذلك يتجسد حقيقة على الأرض خلال السنوات، وليس دعاية سياسية أو حملة علاقات عامة موجهة للغرب. بعد 5 سنوات؛ تراجع الخطاب المتطرف وضعفت قياداته داخل السعودية، وهذا ما انعكس بشكل إيجابي خارجها. وإذا أردنا تفسيراً حقيقياً حول لماذا تشن الجماعات العنيفة المؤدلجة والمتعاطفون المتحالفون معها حملات مستمرة ضد السعودية والأمير محمد بن سلمان شخصياً، فإن السبب أمام أعيننا؛ لأنه باختصار قائد شجاع؛ لم يتراجع أو يتردد أمام الضغط الهائل، ويريد أن ينقل شعبه لمرحلة مختلفة أكثر ازدهاراً، وهذا هو التعريف الحقيقي لرجال الدولة الكبار الذين يقومون بتحولات كبرى في مصير المجتمعات.
في المقابلة أشار ولي العهد إلى أنه لا مكان للمتطرفين في المملكة، وأنه من يحمل منهجاً متطرفاً فسيحاسَب حتى لو لم يكن إرهابياً. هذه نقطة مهمة؛ لأن الحرب على المتطرفين هي في النهاية التي ستقضي على الإرهابيين. الإرهابيون يحملون خزانات من الفكر المتطرف قبل أن يصلوا إلى المرحلة الأخيرة. لهذا من الصحيح تجريم الفكر المتطرف الذي سيضع السلاح في يد الإرهابيين قبل أن يرتكبوا جرائمهم. وهذا أسلوب في التفكير والعمل يخالف الطرق القديمة التي تحارب الإرهابيين وتجامل المتطرفين وهم الأخطر.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر