سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
يونجسيوك بارك
في ديسمبر 2020 أعلنت الصين منع واردات الفحم الأسترالية بعد مواجهات سياسية متزايدة التوتر بين البلدين، وفي أغسطس 2019 عززت اليابان من القيود المفروضة على الصادرات إلى كوريا الجنوبية، بعد قرار المحكمة العليا في كوريا الجنوبية بشأن القضايا التاريخية المتنازع عليها بين البلدين، إن هذا الإكراه الاقتصادي يُلحق الضرر المتبادل لأنه يعطل التبادل الاقتصادي.
إن الإجراءات التي اتخذتها الصين ضد أستراليا تخلق حالة من عدم اليقين وتزيد من تكاليف ممارسة الأعمال التجارية، فقد جاءت الإجراءات التقييدية اليابانية بنتائج عكسية إلى حد كبير بعد أن حولت الشركات اليابانية إنتاجها إلى كوريا الجنوبية وأوروبا لتزويد السوق الكورية الجنوبية، وقد يبدو نشر التدابير الاقتصادية القسرية غير عملي في مواجهة هذه التكاليف.
من الممكن فهم الإكراه الاقتصادي بشكل أفضل من خلال منظار “نظرية الألعاب” حيث تقترح “نظرية كوس” الشهيرة: “أن الناس لن يفوتوا فرصة التعاون والتبادل المفيد للطرفين، وفي هذا العالم فالتعاون والتسويات دائمًا ممكنة دون نزاع كبير”.
مع ذلك يجادل الخبير في مجال الأسواق “باريتو” بأن: “هذه الجهود تُستخدم بطريقتين مختلفتين وهي: “موجهة لإنتاج أو تحويل السلع الاقتصادية، أو للاستيلاء على السلع التي يُنتجُها الآخرون”، قال الخبير الاقتصادي “هيرشلايفر” إن الاستيلاء على ما أنتجه الآخرون يتوافق مع قاعدة مكيافيلي الذهبية: “من سيحكم سيحصل على الذهب”.
يتم تأطير العلاقات الدولية في عالم من التوتر بين عالم كوس؛ حيث تتوفر الحماية القانونية للممتلكات والعقود القابلة للتنفيذ، والعالم المكيافيلي؛ حيث “القوة هي التي تصنع الحق”، من الصعب إنفاذ العقود في العلاقات الدولية بسبب وجود قوة فوق وطنية محدودة قادرة على محاسبة الدول القوية، حيث توفر قواعد التجارة المتعددة الأطراف قيودًا إذا دعمتها القوى العظمى، ويمكن للنظام أن يفرض عقوبات على تلك البلدان التي تنتهك القواعد.
بدون القواعد التي يتم فرضها بصرامة من قبل سلطة خارجية، يتم تحفيز الدول على الالتفاف على القواعد لتحقيق مصالحها، حيث يُسَمِّي منظرو نظرية الألعاب هذه الأجهزة بالتحركات إستراتيجية، وأحد الأمثلة على ذلك هو “الإكراه الاقتصادي Economic Coercion”.
لنأخذ على سبيل المثال الحرب التجارية بين أستراليا والصين، بافتراض أن أستراليا اختارت عدم استخدام البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس من شركة “هواوي HUAWEI” لأسباب أمنية، وستستورد الصين المنتجات الأسترالية، حيث ستظل الصين أفضل حالًا في الاستيراد من أستراليا، حتى لو خسرت سوق “هواوي” في أستراليا، هنا تحدث النتيجة الأقل تفضيلًا لأستراليا وهي استخدام أستراليا لشركة هواوي في حين أن الصين لا تستورد المنتجات الأسترالية، وفي هذه الحالة يكون من الواضح أن أستراليا ستصبح في وضع أسوأ من الصين على المدى الطويل.
فأستراليا تفضل دائمًا الحالة التي لا يتم فيها استخدام “هواوي” حيث تحدث أفضل النتائج بالنسبة للصين عندما تستخدم أستراليا شركة “هواوي” وتستورد الصين منتجات أسترالية، بينما تحدث أسوأ النتائج عندما لا تستخدم أستراليا شركة “هواوي” ولا تستورد من الصين.
إن كلا البلدين لديهما استراتيجيات هيمنة بغض النظر عن خيار الطرف الآخر، حيث ستختار أستراليا عدم استخدام “هواوي” وستختار الصين الاستيراد، وعندما تستورد الصين ولا تستخدم أستراليا “هواوي” فإن أستراليا ليس لديها حافز للقيام بخطوة استراتيجية أخرى، ومع ذلك فإن الصين لديها شيء آخر يمكنها تجربته وهو تهديد الإكراه الاقتصادي لتحقيق نتائج أفضل لنفسها.
ومع ذلك يجب على الصين أن تجعل تهديد الإكراه الاقتصادي واستعدادها لتنفيذه أمرًا ذا مصداقية، فإذا استمرت أستراليا في حظر شركة “هواوي” فقد تميل الصين إلى الامتناع عن تنفيذ التهديد بحظر الواردات الأسترالية، لأن الصين من الواضح أنها ستكون في وضع أسوأ حالًا في ظل سيناريو حظر الاستيراد المتبادل.
إذا كان حظر الواردات هو أفضل رد فعل من جانب الصين على حظر شركة “هواوي” في أستراليا، فلن يكون لدى الصين أي حافز للقيام بالتهديد في المقام الأول، ونظرًا لأن تهديد الإكراه الاقتصادي لا يزال خيارًا قابلاً للتطبيق بالنسبة للصين في الصفقة، فهو يدفع الصين إلى معاقبة أستراليا لجعل نفسها أفضل نسبيًا على المدى الطويل، ولا يزال تنفيذ الإكراه الاقتصادي مكلفًا بالنسبة للصين لأنه يتسبب في ضرر متبادل.
إن استخدام التحركات الاستراتيجية ومصداقيتها في الممارسة امر محفوف بالصعاب، ويعتمد القيام بذلك على السياق والتكتيكات المستخدمة، فكما حذر “ديكسيت Dixit” فإن استخدام مثل هذه الاستراتيجيات يكون على مسؤوليتك الخاصة”.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: East Asia Forum
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر