سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
بن أسسيون
عندما يُصبح رئيس الوزراء الياباني “يوشيهيديه سوغا Suga Yoshihide” أول زعيم عالمي يستضيفه الرئيس الأميركي “جو بايدن” في 16 أبريل الجاري، فإن استعادة الثقة في التحالف بين الولايات المتحدة واليابان وتعميق التعاون بينهما سيتصدران جدول الأعمال، وقد ركز هذا اللقاء على التعامل مع الصين الصاعدة، ومع ملف الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، وتغير المناخ، وأزمة “كوفيد- 19”.
بعد الضرر الذي أحدثته إدارة “ترمب” رحّبَ حلفاء الولايات المتحدة بما فيهم اليابان على تركيز إدارة “بايدن” على إعادة التعاون، ومع ذلك وبسبب استمرار الصين في الصعود، نجد أن الولايات المتحدة تشجع الحلفاء على بذل جهود أكبر لتقاسم الأعباء، والتعامل مع ظهور فجوة تصورات خطيرة بين اليابان والولايات المتحدة.
لقد أظهر اجتماع المسؤولين رفيعي المستوى بين الولايات المتحدة والصين في ألاسكا في 18 مارس، عزمهم على اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه الصين وهو مسعى للحزبين في الولايات المتحدة، هذا وقد انتقد وزير الخارجية الأميركي “أنتوني بلينكين” نظرائه الصينيين بشأن حقوق الإنسان في شينجيانغ وهونغ كونغ، وفي التأكيد على تايوان وبحر الصين الجنوبي، وعلى الهجمات الإلكترونية، والإكراه الاقتصادي لتأسيس هذه المؤهلات.
وفي حين أن اليابان لديها مخاوف جدية بشأن السلوك الصيني، إلا أن نهجها كان متعاونًا أكثر من كونه مُواجهًا في السنوات الأخيرة، لقد زار رئيس الوزراء السابق “شينزو آبي” بكين في أكتوبر 2018، وقد وقعت اليابان مذكرات تفاهم مع الصين بشأن ما يزيد عن 50 مشروعًا مشتركًا للبنية التحتية في دول ثالثة، كما كان من المقرر أن يقوم الرئيس الصيني “شي جين بينغ” بزيارة رسمية لليابان في أبريل 2020 لكن تم تأجيل الزيارة بسبب الوباء.
وتحت قيادة “سوجا” يتنافس الحمائم والصقور في الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في اليابان على النفوذ، حيث يسعى الصقور لإلغاء زيارة “شي” في ضوء التطورات في “شينجيانغ” و”هونج كونج”، كما تجنب الأمين العام للحزب الديمقراطي الليبرالي “توشيهيرو نيكاي”، الداعم الرئيس لـ”سوجا” الذي قاد حملة إلغاء الزيارة، والتي من غير المتوقع أن تتم خلال عام 2021، وبينما حث وزير الخارجية “توشيميتسو موتيجي” الصين على معالجة حقوق الإنسان في “شينجيانغ”، إلا أن اليابان استبعدت فرضها عقوبات اقتصادية، بحجة افتقارها إلى إطار قانوني لذلك الإجراء.
هنا يجب أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لأن تتخذ اليابان نهجًا أكثر اعتدالًا تجاه الصين، فمن المرجح أن تعمل اليابان على الاستمرار بشكل تدريجي لزيادة أدوار ومهام قوات الدفاع الذاتي اليابانية في إطار دستورها وإطار التحالف “الأميركي الياباني”، وستسعى الولايات المتحدة إلى وضع حلول واضحة ومستمرة لردع الاستفزازات العسكرية الصينية، خاصة حول “جزر سينكاكو” التي تدّعي الصين أنها “جزر دياويو” بعد أن أقرت الصين قانونًا جديدًا الشهر الماضي، يمنح خفر السواحل الصيني سلطات أوسع لاستخدام الأسلحة.
من المرجح أن تنتهي هذه الجولة بخيبة أمل للطموحات الأميركية في أن تلعب اليابان دورًا عسكريًا أكثر أهمية تجاه الصين، ففي حين أصدرت اليابان تشريعات أمنية في عام 2015 تسمح لقوات الدفاع الذاتي بالانخراط في أشكال محدودة من الدفاع الجماعي عن النفس، حيث لا تزال القيود الدستورية تمنعها بشكل أساسي من استخدام القوة لأغراض لا تقتصر على الدفاع، علاوة على ذلك لا يزال الرأي العام يفضل “المادة 9 من بند السلام” من الدستور، والتي تلمح للقليل من الرغبة في مشاركة القوات اليابانية في المهام القتالية التي قد تؤدي إلى وقوع إصابات.
وفيما يتعلق بكوريا الشمالية يفضل كلا الزعيمان اتباع نهج صارم، وقد ميّز “بايدن” موقفه بتوبيخه “ترمب” الذي كان ودودًا للغاية مع زعيم كوريا الشمالية “كيم جونغ أون”، في حين سيحرص “سوجا” على إظهار قوته تجاه كوريا الشمالية للجمهور المحلي، بينما تطلب المساعدة الأميركية في السعي لعودة المواطنين اليابانيين الذين اختطفتهم كوريا الشمالية.
لقد سعى “بايدن” إلى إحياء التعاون الثلاثي بين الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية والذي أهمله “ترمب”، ولكن العقبة الرئيسية هنا تكمن في التوترات بين اليابان وكوريا الجنوبية حول قضايا نساء المتعة والعمل الجبري، والتي تُضعِف حماس البلدين في التعاون على الرغم من الاهتمام المشترك للسيطرة على الأسلحة النووية لكوريا الشمالية.
التخفيف من حدة تغير المناخ ومكافحة وباء “كوفيد- 19” يوفر أرضًا خصبة للتعاون بين الولايات المتحدة واليابان، ففيما يتعلق بتغير المناخ سارع الرئيس “بايدن” إلى إعادة الولايات المتحدة إلى اتفاقية “اتفاذ باريس”، والتي من المقرر أن تستضيف قمة افتراضية “لتغير المناخ” مع 40 من قادة العالم في 22- 23 أبريل، وقد ألزم رئيس الوزراء “سوجا” اليابان بانبعاثات خالية من الكربون بحلول عام 2050.
وبالنظر إلى أن المؤسسات المالية اليابانية والأمريكية تقود العالم في الإقراض الخاص لدعم الفحم، حيث تُعَدُ اليابان واحدةً من أكبر المُقرضين العامّين الذين يدعمون الفحم، في ظل القيادات الجديدة الولايات المتحدة واليابان فقط من يمتلكان المقدرة على دفع تحول الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري نحو الطاقة المتجددة، ويمكنهما إنشاء شراكة في مجال الطاقة النظيفة لتحقيق هذه الغاية.
أما فيما يتعلق بـ”كوفيد- 19″ وبالنظر إلى أن اليابان والولايات المتحدة لديهما تاريخ طويل من التعاون في مجال الصحة الدولية، فإن قلة تعاونهما لمكافحة الوباء أمرٌ مثيرٌ للدهشة، حيث تكثر المخاوف من أن تصبح دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو حدث فائق لانتشار الوباء، وفي حين لا يوافق أغلبية الرأي العام الياباني على تعامل حكومة “سوجا” مع الوباء بعد رفع حالة الطوارئ في اليابان في الوقت المناسب تمامًا لبدء إشعال الشعلة الأولمبية، ويبدو أن حكومة “سوجا” عازمة على استضافة الألعاب الأولمبية على الرغم من أن أكثر من 80% من الرأي العام الياباني يفضل إما الإلغاء أو التأجيل.
إن التبادل الأكبر للمعلومات بخصوص مكافحة “كوفيد- 19” يعد ثمار معلقة، يتضمن ذلك استخدام اليابان للكمبيوتر العملاق في أبحاث “كوفيد- 19” القائمة على الذكاء الاصطناعي، وتجربة الأطباء الأميركيين في علاج مرضى “كوفيد- 19” والخدمات اللوجستية لطرح لقاح إدارة “بايدن”، ويمكن لليابان والولايات المتحدة أيضًا تقديم دعم أكبر للجهود متعددة الأطراف مثل منظمة العالمية في الوصول إلى “مسرع أدوات كوفيد- 19” بقيادة الاتحاد الأوروبي، للمساعدة في منع الانتشار العالمي وتلقيح العالم قبل ظهور الطفرات المقاومة للقاحات.
توفر قمة “بايدن- سوغا” فرصة مهمة لاستعادة التعاون بين الولايات المتحدة واليابان إلى المسار الصحيح، بعد أربع سنوات فقط من العمل لمنع كارثة من صنع “ترمب” في علاقات التحالف، لكن من أجل تعميق التعاون بشكل أفضل ومنع حدوث فجوة في التصورات، فإن الحليفين في حاجة إلى الاقتراب أكثر من المناقشات غير المريحة.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: East Asia Forum
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر