سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
هاني ياسين
مثَّل منتصف العام الجاري 2017، علامة فارقة بشأن مستقبل سوق النفط في المنطقة، وبالتحديد في نهاية شهر مايو/ أيار الماضي، الذي شهد زيارة مهمة من قِبل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى العاصمة الروسية موسكو، ولقاء جمعه مع الرئيس فلاديمير بوتين، وتمَّ خلال الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات في مقدمتها اتفاقيات متعلقة بمجال النفط والطاقة.
وربَّما ما كشفت عنه الإدارة الأميركية في عام 2014، بشأن مستقبل النفط، من كون احتلال السعودية المرتبة الأولى والكلمة العليا في مستقبل النفط عالميًا، بدأ يظهر عقب الاتفاقات بين المملكة وروسيا، وهو ما تحقق بالفعل عقب التعاون بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء، حيث تقع روسيا في قلب الأخيرة، وهو ما أدى إلى استقرار أسعار النفط في السوق العالمي لما يقارب العام والنصف.
وقد ينعكس ذلك مستقبلاً في عملية استقرار نسبي وانتعاش في سوق النفط خلال الأشهر المقبلة، بعد اتفاق الدول الأعضاء بأوبك وغير الأعضاء، الذي تدعمه السعودية وروسيا، عقب الاتفاق الذي شهده الطرفان ومعهما عدد من المنتجين الرئيسيين الآخرين كالإمارات والكويت الذين سيدعمون تمديد تقليل إنتاج النفط مستقبلاً.
وقد تمثَّل استقرار الأوضاع في المملكة العربية السعودية، في المساهمة بضخ نسب مدروسة من النفط الخام، على عكس بعض الدول الأخرى التي تعيش ظروفًا ذات طبيعة خاصة جعلتها غير قادرة على الالتزام بإنتاج وضخ الكميات المتفق عليها، مثل العراق وليبيا، وهو ما مكَّن المملكة وجعلها قادرة على تحقيق التوازن النسبي والحفاظ على أسعار النفط.
وفي الوقت نفسه، تعتزم المملكة وضع خطط لتغيير الطريقة التي تُحدد بها أسعار النفط لأوروبا بدءًا من يوليو القادم، وستسعى إلى نهج سوق جديد في الأشهر أو السنوات المقبلة، بعد التركيز الكامل على الأسواق الآسيوية والفرص الاستثمارية المتاحة هناك، كما هو واضح من خلال الزيارة الطويلة للملك سلمان بن عبدالعزيز إلى آسيا، وإنفاقات أرامكو التي تبلغ مليارات الدولارات.
وعلى ما يبدو، أن هناك إعادة توجيه مفاجئ لجزء من نهج الشركة المستقبلي، كما أن روسيا تحتل دائمًا وضعًا مميزًا في أسواق النفط الأوروبية، إذ إنها أكبر مورد بنسبة حوالي 32% في عام 2016، لذلك لا يمكن تجاهل السيطرة الروسية على سوق الطاقة الأوروبي، ولكن قد تتعرض موسكو للضغط إذا دخلت أرامكو السعودية، إضافة إلى العراق وإيران بشكل جدي، إلى سوقها الأكثر استقرارًا. ولذلك، فإنه من مصلحة البلدين التعاون الوثيق في مجالات النفط وفتح أسواق جديدة ومشتركة، فالمنافسة سيكون لها تأثير كبير على استقرار السوق وعلى الأسعار.
كما أن حرب الأسعار، ستؤدي إلى جذب السوق الأوروبية، وقد تجبر الأطراف على عدم تمديد اتفاقية خفض الإنتاج لمدة 6 أشهر أخرى. كما أن المملكة العربية السعودية التي تستحوذ الآن على السوق الآسيوي، تعتبر أوروبا سوقًا مستقرًا يزيد الطلب فيه على النفط الخام بدرجة كبيرة. وعلى ذلك، فإن السوق الأوروبي أصبح هو الساحة المحتملة لسيناريو حرب الأسعار، وأن المملكة لا تضع في احتمالاتها فقدان هذا السوق، لكنها في الوقت نفسه، ومعها روسيا، غير مستعدة لمواجهة الأخطار المترتبة على حرب الأسعار المرتقبة. كما أنه على المستوى السياسي، فإن مستقبل الرئيس بوتين سيتحدد في السنة القادمة، حيث موعد الانتخابات الرئاسية، في حين يعتمد مستقبل المملكة بشكل كبير على القدرة على تنفيذ رؤيتها المستقبلية وعلى نجاح الطرح العام الأولي لأسهم شركة أرامكو.
وإن التقارب السعودي مع روسيا، التي تمتلك بعض أدوات الضغط على حليفتها إيران، نظرًا للكثير من المصالح المشتركة بينهما، وعلى رأسها الأزمة السورية، قد يفرض بعض القيود على طهران في إنتاجها النفطي ومحاولة الالتزام بما هو متفق عليه من قبل الدول الأعضاء وغير الأعضاء .
ولذلك، يمكن القول إنه باستخدام نهج هادئ وخطة ذكية من الطرفين واستغلال العلاقات الإيجابية بين البلدين، يمكنهما توجيه السوق لصالحهما. فبالتعاون الروسي السعودي الوثيق، سيتمُّ توجيه حرب الأسعار ضد إيران والمحور الذي تعمل معه، ووقف التهديدات ضد منظمة أوبك، وفتح أسواق مشتركة يمكن أن تنجح فيها الدولتان معًا.
باحث مصري*
@hanyyaseen1
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر