حماية مضيق تايوان في القرن الحادي والعشرين | مركز سمت للدراسات

حماية مضيق تايوان في القرن الحادي والعشرين

التاريخ والوقت : الأربعاء, 24 فبراير 2021

بريان سي تشاو

 

أصبحت الصين أكثر حدة تجاه تايوان خلال السنوات القليلة الماضية، مما أثار مرة أخرى مسألة الدور الذي يجب أن تلعبه الولايات المتحدة في منع الصراع في مضيق تايوان وعبره.

ففي سبتمبر، دافع “ريتشارد هاس” و”ديفيد ساكس” عن تغيير في سياسة الولايات المتحدة من الغموض الاستراتيجي إلى الوضوح، إذ أكدا أن هناك التزامًا أميركيًا واضحًا بالدفاع عن تايوان لمنع الصين من إساءة تقدير عزم الولايات المتحدة وزيادة مخاطر نشوب حرب بين القوى العظمى عن غير قصد. في حين يرى آخرون أن الغموض ما زال قائمًا ويعطي الولايات المتحدة أقصى قدر من المرونة. وأمام هذا الغموض توجد نقطة أساسية تكمن في أن أي سياسة أميركية ناجحة يجب أن تعتمد على القدرة العملية لفرضها بمصداقية.

وحتى يكون الردع الأميركي ذا مصداقية، يجب أن تستمر واشنطن في الحفاظ على تفوقها في القدرات على الصين. لقد بات من غير الواضح ما إذا كان هذا ممكنًا. فقد انتهى الغموض الاستراتيجي بالفعل، وأصبحت الصين هي التي تعمل على إنهائه من خلال تضييق فجوة القدرات بطرق تنذر بالخطر. وقد يصبح الوضوح الاستراتيجي للولايات المتحدة مجازفة بأن يصبح خدعة وأقل فعالية وأكثر خطورة من الغموض الاستراتيجي الذي سيحل محله. وسيكون من الصعب أكثر فأكثر على الولايات المتحدة التغلب على جهود التحديث العسكري الصينية المستمرة للدفاع عن تايوان، خاصة أن الولايات المتحدة تعيد النظر في التزاماتها العسكرية العالمية.

وتبدو هذه القضية أكثر أهمية لأن الولايات المتحدة قد تحتاج إلى الحفاظ على نفسها كرادع لبعض الوقت في المستقبل. فتايوان تمثل مصلحة أساسية للحزب الشيوعي الصيني، الذي ربطها بالشرعية السياسية في البر الرئيسي. وقد كانت الصين على استعداد لدفع ثمن باهظ بشكل ملحوظ لمتابعة مجالات الاهتمام هذه، كما هو موضح في شينجيانغ، وهونغ كونغ، والتبت، وبحر الصين الشرقي والجنوب، وأماكن أخرى. وفي جميع الحالات، لم يفلح أي ضغط دولي في إقناع الحزب الشيوعي الصيني بتغيير سلوكه بشكل كبير.

ولا تختلف تايوان عن ذلك، فمن المستبعد جدًا أن يؤدي الردع التقليدي للولايات المتحدة، وخاصة في مواجهة التوازن العسكري المتغير، إلى تغيير طموحات بكين. إذ ستواصل الصين تحديث وبناء جيشها حتى تشعر بالثقة في قدرتها على تحقيق نجاح عسكري وسياسي ضد تايوان. ويجب أن تواكب جهود الردع الأميركية.

ولكي تفعل الولايات المتحدة ذلك بشكل موثوق يتطلب إعادة توازن كبيرة وطويلة الأجل للقوات العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع كل التحولات الدبلوماسية واللوجستية والتشغيلية والمخاطر التي تنطوي عليها. وهناك بعض الدلائل على أن الولايات المتحدة مستعدة لتحمل هذه المسؤوليات. فقد أعلنت وزارة الخارجية، مؤخرًا، عن رفع القيود المفروضة ذاتيًا على الاتصالات الرسمية بين الولايات المتحدة وتايوان، وهناك مؤيدو العلاقات العسكرية مع دعم دبلوماسي أكبر لتايوان.

لكن مثل هذه التحركات لا تقترب من الجهود القوية التي ستكون مطلوبة للحفاظ على قدرات قوية بما يكفي لردع الصين الحديثة. وعلاوة على ذلك، فإن مثل هذه التعديلات في السياسة، مهما كانت مبررة، ستزيد من استفزاز الصين وتصعيد احتمال اتخاذ تدابير انتقامية.

ويسلط ذلك المزيد من الضوء على أهمية الحفاظ على قدرة واشنطن على الصمود والتصدي للأفعال الصينية المتوقعة. فإذا لم تفعل الولايات المتحدة ذلك، فسوف تجد نفسها غير مستعدة في مضيق تايوان.

ولطالما كان لدى الصين الدافع لمتابعة أهداف سياستها، ذلك أنها حاليًا تزيد قوتها للقيام بذلك. فقد نجحت الولايات المتحدة في ردع الصين في أوقات الوضوح الاستراتيجي (قبل 1979) والغموض الاستراتيجي (منذ 1979).

وفي حالة اتجهت إدارة “بايدن” لإعادة النظر في سياسة الردع الأميركية بشأن تايوان، ينبغي التركيز على القدرات الأساسية التي من شأنها أن تجعل الردع موثوقًا به في المقام الأول.

هنا ينبغي التأكيد إن كان يتعين على الولايات المتحدة الحفاظ على الغموض أو تبني الوضوح. لكن يلاحظ أن أيًّا من السياستين لا تحظى بفرصة النجاح على المدى الطويل بدون قدرات أميركية مستدامة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ولن يستمر نجاح الردع ضد الصين، مهما كان غامضًا، إلا بوجود القدرات المناسبة.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: منتدى شرق آسيا East Asia Forum

 

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر