حرب تيغراي | مركز سمت للدراسات

تحالف الدول الثلاث ضد “تيغراي” قد يعرض مستقبل إثيوبيا للخطر

التاريخ والوقت : الأحد, 31 يناير 2021

مارتن بلوت

 

تحولت حرب تيغراي إلى صراع شامل، إذ حرَّضت قوات تيغراي الموالية لجبهة تحرير شعب تيغراي على القوات الفيدرالية الإثيوبية والجيش الإريتري وميليشيا الأمهرة، كما تمَّ الكشف عن الجنود الصوماليين الأسبوع الماضي.

وعلى الرغم مما يبدو أنه خلافات ساحقة ضدهم، فإن التيجرايين يحصنون أنفسهم في أماكن واسعة من المنطقة.

وتنكر كل من إريتريا والصومال بشكل روتيني أي تورط لهما في الحرب، لكن الأدلة على وجودهما قوية.

ففي 8 ديسمبر، ذكرت وكالة “رويترز” أن “مصدرًا حكوميًا أميركيًا وخمسة دبلوماسيين إقليميين” أخبروهم بأن الولايات المتحدة تعتقد أن جنودًا إريتريين قد عبروا الحدود إلى إثيوبيا. ويدعم الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة هذا التقييم.

وأكد جنرال إثيوبي كبير أن القوات الإريترية كانت في تيغراي. ووصف اللواء “بيلاي سيوم”، قائد القيادة الشمالية، وجود القوات الأجنبية على الأراضي الإثيوبية بأنه أمر “مؤلم”.

تحالف إريتريا – إثيوبيا – الصومال

تعود أصول التحالف بين إريتريا وإثيوبيا والصومال إلى مساعي إنهاء الأعمال العدائية بين إثيوبيا وإريتريا. فقد تمَّ إنجاز الكثير من الأعمال الأساسية لهذا التقارب من قبل الولايات المتحدة، حيث لعب “دونالد ياماموتو” دورًا حاسمًا خلف الكواليس، على الرغم من أن واشنطن لم تكن لتتصور إلى أين سيؤدي ذلك.

وفي يومَي 8-9 يوليو 2018، قام رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” بزيارة أسمرة لعقد السلام بين إريتريا وإثيوبيا. وفي الشهر نفسه، ذاب الجليد بين إريتريا والصومال، بزيارة استمرت ثلاثة أيام قام بها الرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد إلى أسمرة. وتعدُّ هذه الزيارة هي الأولى لرئيس صومالي إلى إريتريا منذ حصولها على الاستقلال عن إثيوبيا في عام 1993. ولا تربط الدولتان علاقات دبلوماسية منذ ما يقرب من 15 عامًا.

وقال عبدالنور محمد، المتحدث باسم الرئيس الصومالي، على “تويتر”، إن البلاد “مستعدة لكتابة فصل جديد في علاقاتها مع إريتريا”. وقالت وزارة الإعلام الإريترية إن المخاوف الاقتصادية والأمنية على رأس جدول الأعمال، وكذلك “القضايا الإقليمية التي تهم البلدين”.

وكانت هناك زيارات ثنائية أخرى في أغسطس 2018 وأبريل 2019. وتُوِّجَت هذه الزيارة بقمةٍ بين قادة إريتريا وإثيوبيا والصومال في 27 يناير 2020 في أسمرة.

وقد ألزم البيان الزعماء الثلاثة بتدعيم “السلام والاستقرار والأمن بالإضافة إلى تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية. كما اتفقوا على تعزيز جهودهما المشتركة لتعزيز التعاون الإقليمي الفعال”.

ولم يكن هناك مؤتمر صحفي يمكن فيه شرح تفاصيل الاتفاقية. فترك الجمهور في الظلام بشأن ما يخطط له القادة.

وعُقِدَت اجتماعات أخرى في الفترة التي سبقت اندلاع الحرب في تيغراي:

قام رئيس الوزراء “آبي” بزيارة نادرة لقاعدة التدريب الرئيسية لإريتريا في سوا في يوليو 2020.

وصل الرئيس الصومالي “فارماجو” إلى أسمرة في 4 أكتوبر.

ذهب الرئيس “أسياس أفورقي” إلى إثيوبيا في 14-15 أكتوبر. تضمنت هذه الرحلة رؤية قاعدة القوات الجوية الإثيوبية في بيشوفو.

في غضون ثلاثة أسابيع، في 4 نوفمبر 2020، اندلعت حرب تيغراي. هل من المعقول أن الحرب لم تناقش استراتيجية متفق عليها بين القادة الثلاثة في هذه اللقاءات؟

أهداف الحرب

تتمثل الأولوية الأولى للتحالف في إزالة إدارة إقليم تيغراي. ولطالما كان الرئيس “أسياس” يكره الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي؛ وهو ما يعود إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي عندما اختلف الإريتريون والتيغراي حول الأيديولوجيا والتكتيكات والاستراتيجية.

كما يريد رئيس الوزراء “آبي” أن يتخلص من بقايا سلطة الحكومة الإثيوبية السابقة، التي كانت تسيطر عليها الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. إنه يحاول عكس سياسة “الفيدرالية العرقية”.

علاوة على ذلك، فقد تمَّ الكشف عن الخطوط العريضة للخطة عندما تم تسريب معلومات حول اجتماع عقده الرئيس “أسياس” قبل اندلاع الحرب.

ووفقًا للتقارير التي نقلت عن مصادر مطلعة، جمع الرئيس “أسياس” أقرب المقربين إليه عشية حرب تيغراي. وقال إن إريتريا يجب أن تقبل أن لديها اقتصادًا صغيرًا وساحلًا طويلاً على البحر الأحمر لا يمكنها القيام بدوريات بمفردها. واقترح تشكيل نوع من “الاتحاد” مع إثيوبيا، على الأقل من حيث التعاون الاقتصادي والأمن البحري.

إذا كان ذلك دقيقًا، فقد بدا أن الرئيس “أسياس” قد ردد صدى حلم “آبي” الكبير بإعادة تأسيس الدولة الإمبراطورية القديمة في إثيوبيا. ويتضمن ذلك اقتراحات بإعادة بناء البحرية الإثيوبية – وهو اقتراح أيدته فرنسا. وسيتطلب ذلك استخدام الموانئ الإريترية التي كانت في السابق موطنًا للبحرية الإمبراطورية الإثيوبية.

وقد لا تكون الفكرة شكلاً من أشكال الاتحاد بعيدة المنال كما قد تبدو، على الرغم من حقيقة أن “أسياس” قاد سابقًا حرب إريتريا التي استمرت عقودًا للحصول على الاستقلال عن إثيوبيا.

ولا ينبغي أن ننسى أنه عندما قام الرئيس “أسياس” بأول زيارة له إلى أديس أبابا في يوليو 2018، قدم ما اعتبره العديد من الإريتريين عرضًا استثنائيًا لإدارة مشتركة لكلا البلدين.

قال الرئيس “أسياس أفورقي”: “هذا يوم تاريخي لنا جميعًا”. فأي شخص يعتقد أن شعب إريتريا وإثيوبيا منفصلين يعتبر ساذجًا من الآن فصاعدًا. فقد قال “آبي أحمد” في خطاب ألقاه إن الدول اتفقت على التطور معًا وإن “أسياس” عرض المساعدة في “قيادة هذه الأمة العظيمة”. وأضاف: “لقد وجدنا أخيرًا أمتنا الشقيقة بعد سنوات عديدة من الاختباء”.

ويبدو أن هذه الرؤية – للسيادة المشتركة – أو شكل منقح من الفيدرالية وراء الصراع الحالي.

التكتلات الإقليمية

في سبتمبر 2020، عقدت إريتريا وإثيوبيا والصومال اجتماعها الثلاثي الثالث، واقترحوا تشكيل كتلة إقليمية جديدة، يشار إليها باسم “تعاون القرن الإفريقي”.

وتم التعليق على الخلل في هذا الاقتراح في ذلك الوقت. وقد يبدو إنشاء كتلة اقتصادية وسياسية حلاً لتحقيق السلام وتعزيز التجارة. لكنها تخاطر بإثارة انعدام الثقة من دول شرق إفريقيا الأخرى، ومع الهيئة الإقليمية الأخرى، وهي الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية، التي لطالما شككت إريتريا بها.

ويمكن ربط تعاون القرن الإفريقي بالطموح الأوسع للسعوديين لتوسيع نفوذهم في القرن الأفريقي. ثم تم إطلاق “مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن” في يناير 2020. ويتكون هذا التحالف العربي الإفريقي الجديد من ثمانية أعضاء، هي: جيبوتي ومصر وإريتريا والمملكة العربية السعودية والصومال والسودان والأردن واليمن.

خاتمة

تعتمد هذه الخطط على النجاح في سحق التيغراي. وفي الوقت الحالي، يبدو هذا احتمالاً بعيد المنال، على الرغم من تأكيد رئيس الوزراء “آبي” في نوفمبر أن العملية كانت أكثر بقليل من عملية “إنفاذ القانون” التي ستنتهي قريبًا.

وإذا استمرت الحرب بشكل سيئ، وانجرفت إريتريا والصومال وبقية إثيوبيا في الصراع، فقد يهدد الصراع مستقبل إثيوبيا نفسها. وقد جاء هذا التحذير من كبار الخبراء الأفارقة في معهد السلام الأميركي.

إذ قالوا “بصفتنا أعضاء في مجموعة دراسة عليا من الحزبين حول السلام والأمن في منطقة البحر الأحمر، فإننا نراقب بقلق بالغ الوضع في إثيوبيا. وفي حين أن العديد من الحقائق لا تزال غير واضحة، فإن مخاطر التصعيد مؤكدة تتمثل في الصراع داخل الدول أو بين الدول سيكون كارثيًا على شعب إثيوبيا والمنطقة وسيشكل تهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الدوليين.

كما أن تسارع الاستقطاب وسط الصراع العنيف سيكون بمثابة علامة على دق ناقوس الموت لجهود الإصلاح الوليدة في البلاد التي بدأت قبل عامين والوعد بالانتقال الديمقراطي الذي بشر به.

وكما جاء في التقرير والتوصيات الصادرة في 29 أكتوبر، فإن تقسيم إثيوبيا سيكون أكبر انهيار للدولة في التاريخ الحديث. إذ يبلغ حجم إثيوبيا خمسة أضعاف حجم سوريا قبل الحرب من حيث عدد السكان، وسيؤدي انهيارها إلى صراع شامل بين الأعراق والأديان، وضعف خطير أمام الاستغلال من قِبَل المتطرفين، وتسريع وتيرة الاتجار غير المشروع، بما في ذلك الاتجار بالأسلحة. فضلاً عن أزمة إنسانية وأمنية على مفترق طرق إفريقيا والشرق الأوسط على نطاق واسع من شأنها أن يلقي بظلاله على أي صراع قائم في المنطقة، بما في ذلك اليمن.

ونظرًا لأن إثيوبيا حاليًا هي الدولة الرائدة في المساهمة بقوات في الأمم المتحدة وبعثات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي في السودان وجنوب السودان والصومال، فإن انهيارها سيؤثر أيضًا بشكل كبير على الجهود التي يتم بذلها لتخفيف وحل النزاعات الأخرى في القرن الإفريقي”.

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: In-depth News

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر