سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
في 14 يناير 2021، استضاف معهد بوصلة في بروكسل ندوةً حول تداعيات جائحة فيروس كورونا على التطرف والإرهاب. وعلى الرغم من أنه بات من الثابت أن الجائحة قد أتاحت فرصًا جديدة للمتطرفين لحشد الدعم والتجنيد لأيديولوجياتهم، من خلال استغلال السخط وعدم اليقين، فإن المسألة البحثية الجوهرية للمتحدثين في الندوة التي عُقدت عبر الإنترنت هي إلى أي درجة كان كوفيد-19 مسؤولًا عن تعزيز التطرف والإرهاب.
في هذا الصدد، أشار السيد جون دنيهي، الأمين العام لمعهد بوصلة إلى أن الأحداث الأخيرة التي وقعت في الولايات المتحدة، حيث اقتحم حشد من مؤيدي دونالد ترامب مبنى الكابيتول، تشير إلى مدى تعزيز نظريات المؤامرة للتطرف والعنف، ويحذر من أن التدابير الحكومية للحد من انتشار الفيروس ربما حدَّت من الخيارات المتاحة أمام المتطرفين، ولكن في ظلِّ سلسلة القيود الوطنية والإقليمية قد تكون قد ساهمت أيضًا في زيادة عدد السرديات المتطرفة المنتشرة عبر الإنترنت، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
يعاني الناس في كل مكان العزلة والظروف الاقتصادية الصعبة بسبب كوفيد-19، وهما عاملان إضافيان يشكِّلان أرضية خصبة تسهم في زيادة التطرف. ومن وجهة نظر دنيهي، لم تتسبب الجائحة في مزيدٍ من الإرهاب، ولكننا نشهد زيادة في العوامل الأساسية التي تؤدي إلى الإرهاب: الاستقطاب، والتطرف، ونظريات المؤامرة وعولمتها، وانتشار المعلومات الكاذبة. إن قدرة المتطرفين على الاستفادة من أي حالة من عدم اليقين هي أمر ثابت في هذا العالم.
إلى ذلك، أوضح الدكتور ريتشارد بورشيل، باحث أول في معهد بوصلة، كيف يستغل المتطرفون ظروفًا مثل عدم الثقة وعدم الرضا والمظالم الجماعية، لكسب المزيد من الدعم لأيديولوجياتهم وأعمالهم، ولتعزيز المعتقدات المتطرفة والتبريرات لأولئك الذين تم تجنيدهم بالفعل.
حالة الشك وعدم الرضا والمظالم تغذِّي المشاعر العاطفية التي يعاني منها الناس، وبالتالي، يمكننا أن نقول إن جائحة كوفيد-19 تسهل التطرف. ويذكر الدكتور بورشيل، وعلى وجه الخصوص، العزلة والصعوبات الاقتصادية، العوامل التي تم ذكرها أعلاه، فضلًا عن ميل العديد من المجندين المحتملين إلى التعلق والبقاء في غرف الصدى ذاتها.
ويركز بورشيل في الجزء الثاني من مساهمته على تطور السرديات المتطرفة المتعلقة بالجائحة. في المرحلة الأولى، كانت الأنماط نموذجية، حيث ألقت الجماعات المتطرفة من جميع المشارب باللوم على أعدائها كسبب لهذه الجائحة.
ولكن سرعان ما اتضح أن الجميع قد تأثروا بها، لذا فقدت هذه الرواية حتمًا جزءًا من زخمها، وبدأت تترافق مع محاولة توصيل فكرة أن القيم المتطرفة فقط هي التي تبقي الناس آمنين: “الأنظمة الوطنية كانت غير فعّالة، لذا فإذا اتبعتنا نحن فسوف تكون في وضع أفضل”.
خلال الجائحة، تزداد الروايات المتطرفة من حيث شدتها واتساعها وعمقها، ما يجعل الأمور أسوأ، حيث أصبح بإمكان الجمهور الآن اختيار المزيد منها.
في وقتٍ لاحق، سُئل الدكتور بورشيل، الذي يمتاز بمعرفته العميقة بشؤون منطقة الخليج العربي، عما إذا كان يرى سبلاً يمكن من خلالها أن تعزِّز الشراكة الأقوى بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي تعاونًا أفضل ضد التطرف. وأكد الخبير أن الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي العربي ملتزمان التزامًا قويًا بتعددية الأطراف الفاعلة في مبادرات الحد من التطرف وانتشار الإرهاب، وهذا أمر بالغ الأهمية.
علاوة على ذلك، تراقب المؤسستان الدوليتان عن كثب القضايا المتعلقة بالمساعدات الإنمائية الخارجية باعتبارها حصنًا ضد التطرف، لا سيما عندما ترى جماعات وحركات؛ مثل “حزب الله” أو “بوكو حرام”، تصبح أكثر شرعية بسبب قدرتها على توفير الخدمات، ودرجة ما من الحكم في عدد من المجالات. ولا شك أن قيام الجماعات المتطرفة العنيفة بذلك يمثل تهديدًا خطيرًا، وينبغي على الاتحاد الأوروبي زيادة التعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي العربي لعكس هذا الاتجاه.
تتفق الدكتورة أورلا لينش؛ كبيرة المحاضرين في علم الجريمة، وعضو مجلس إدارة شبكة التوعية بالتطرف، مع ذلك، مشيرة إلى أن التطرف الذي يحدث أثناء جائحة كوفيد-19 له مجموعة من الآثار من حيث الرمزية ونظريات المؤامرة والدعاية والاستراتيجيات المتطورة. ومن المثير للاهتمام قولها إننا لا نعرف بالضرورة ما إذا كانت هذه الجائحة تسهم في التطرف أو في اتساع نطاقه، أم أنها فقط تسلّط الضوء على قضايا وانقسامات موجودة بالفعل ولم نكن منتبهين إليها بما يكفي.
وختامًا، أوضحت السيدة سارة زيجر، باحث أول في مركز هداية، الاختلافات المهمة بين المعلومات الكاذبة والمعلومات المضللة والأخبار الزائفة والدعاية. بعض الأدلة العلمية تبين أن الأكاذيب تنتشر أسرع من الحقيقة، خاصة عبر الإنترنت، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل فهم تداعيات الجائحة على الروايات المتطرفة أمرًا بالغ الأهمية.
المصدر: qposts
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر