سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أميت بهانداري
يمثل الاضطراب المستمر في أسواق النفط بسبب وباء “كوفيد – 19″، وعدم استخدام العرض، فرصة طويلة الأجل للهند لتأمين مستقبل الطاقة. إذ يمكن أن تأخذ حصصًا صغيرة في شركات النفط والغاز المدرجة في الديمقراطيات الغربية المستقرة، مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، من خلال صندوق ثروة سيادي تمَّ إنشاؤه خصيصًا. وسيسمح هذا للهند بالاستعداد بشكل أفضل خلال الأوقات التي ترتفع فيها الأسعار مرة أخرى.
ويدفع الهنود من بين أعلى أسعار البنزين على مستوى العالم، بسبب الضرائب الحكومية، حتى مع اقتراب النفط من أدنى مستوياته في عدة سنوات. هنا يثار التساؤل: كيف يمكن محاذاة هذين النقيضين؟ يمثل الاضطراب المستمر في أسواق النفط بسبب الوباء وعدم استخدام العرض فرصة طويلة الأجل للهند لتأمين مستقبل الطاقة. ببساطة شديدة، يمكن للهند أن تحصل على حصص صغيرة في شركات النفط والغاز المدرجة في الديمقراطيات الغربية المستقرة مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا، من خلال صندوق ثروة سيادي تم إنشاؤه خصيصًا.
وتعد الهند حاليًا ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم مع تزايد الطلب والإمدادات المحلية المحدودة. فقد بلغت الواردات في 2019-2020 (1.6) مليار برميل، كما أنه يتوقع أن تزداد مع توسع اقتصادها. لكن مع وجود قوة دفع عالمية ومحلية كبيرة على الطاقة الكهربائية، خاصة مع السيارات، يقول بعض المحللين إن الضغط على السيارات الكهربائية سيؤدي إلى نهاية عصر النفط.
وبالتالي، فإنه سوف تظل السيارات الكهربائية تمثل أقل من 2٪ من إجمالي السيارات المباعة في جميع أنحاء العالم مع عدم وجود بدائل كهربائية للشاحنات الثقيلة، وهي أكبر مستهلكي النفط في الهند. كما تعتمد السيارات الكهربائية على وثوقية سلاسل التوريد للمعادن الرئيسية، مثل المواد النادرة والليثيوم والكوبالت، ومعظمها من الصين أو تسيطر عليها.
وبالنظر إلى هذه العوامل، يبدو نعي النفط سابقًا لأوانه. إذ إنه من المؤكد أن طلب الهند على النفط مهيأ للارتفاع في المستقبل المنظور.
ولحسن الحظ، فإن سوق الطاقة حاليًا في صالح الهند. ويمكن أن يُعزى هذا إلى زيادة إنتاج النفط من الولايات المتحدة وكندا على مدى العقد الماضي، مما أدى إلى انخفاض أسعار النفط. فقد أضافت الولايات المتحدة 8.5 مليون برميل في اليوم إلى إنتاجها النفطي من 2008 إلى 2018، وهو ما يمثل أكثر من 70٪ من الزيادة في إنتاج النفط العالمي خلال هذه الفترة. كما أضافت كندا مليوني برميل يوميًا إلى إنتاجها النفطي في نفس الفترة. وبالتالي، إن زيادة المعروض من الطاقة وتعطل الطلب قصير الأجل الناجم عن “كوفيد – 19” يعني أن أسعار النفط ستستمر في الضعف لبعض الوقت.
وبالتالي، فإن الفرصة تتمثل في إمكانية الاستثمار في التنقيب عن النفط والغاز بأسعار رخيصة. ويمكن لمثل هذه الاستثمارات أن تحمي الهند من الزيادات المستقبلية في أسعار النفط، حيث ستزيد العائدات المالية منها بما يتوافق مع أسعار النفط. ويتناقض ذلك مع النهج التقليدي في الهند، حيث استثمرت شركات النفط المملوكة للدولة بالهند في حقول النفط والغاز للحد من تأثير ارتفاع أسعار النفط. وقد تمَّ تنفيذ معظم الاستثمارات في اقتصادات ناشئة مثل روسيا وموزمبيق وفنزويلا، فواجه الكثير منها عدم استقرار سياسي أو اقتصادي، ويبدو استثمار الهند وكأنه عديم الفائدة.
وسيؤدي الاستثمار في الاقتصادات المتقدمة، وخاصة الولايات المتحدة أو كندا، إلى تقليل المخاطر الجيوسياسية. وتاريخيًا، كانت تكلفة الأصول في الدول الغربية المستقرة تمثل رادعًا، لكن مع انخفاض أسعار النفط في السنوات القليلة الماضية، خاصة في عام 2020، تبدو الآن العديد من هذه الاستثمارات جذابة.
وللاستثمار في هذه الديمقراطيات المستقرة، يتعين على الهند إنشاء صندوق ثروة سيادي يمكنه الاستثمار في شركات النفط والغاز المدرجة، على عكس حصول القطاع العام في البلاد على الأصول أو الشركات. وهناك عدة أسباب تفسر ذلك:
أولاً، إن النفط والمال كلاهما قابل للاستبدال، إذ ستزداد توزيعات الأرباح المرتفعة من استثمارات الطاقة بالتوازي مع أسعار النفط، مما يعوض ارتفاع الأسعار. ثانيًا، لا يتم تفضيل عمليات الاستحواذ على نطاق واسع من قبل الشركات الأجنبية المملوكة للدولة سواء في الولايات المتحدة أو كندا، خاصة في البيئة الحالية للشركات الحكومية الصينية واستثماراتها المفترسة. ومن ناحية أخرى، تستثمر صناديق الثروة السيادية من جميع أنحاء العالم بشكل روتيني في الأسواق المالية الغربية، إذ يُنظر إليها على أنها مجرد مستثمرين ماليين، وليس مستحوذين. ثالثًا، هناك خطر وقوع الحوادث وبالتالي التعرض غير المحدود. فعلى سبيل المثال، اكتشفت شركة “بريتيش بتروليوم” في عام 2010 بعد كارثة خليج المكسيك، أنه لا يوجد حد أعلى للعقوبات المفروضة على الأضرار البيئية. وستكون شركة القطاع العام الهندية، وفي النهاية مساهميها، الجمهور الهندي، مسؤولين في حالة وقوع حدث مؤسف في شركة تمتلك فيها استثمارًا أو حصة تشغيلية. فالاستثمار المالي من قبل صندوق الثروة السيادية لن يكون مسؤولاً عن ذلك.
وتعدُّ النرويج مثالاً على الإدارة الحكيمة للمكاسب غير المتوقعة من ارتفاع أسعار النفط في الماضي، فقد أنشأت صندوقًا للأيام التي شهدت وفرة، وهو الآن أحد أقوى الصناديق وأكثرها نجاحًا في العالم. وتشهد الهند مكاسب غير متوقعة مماثلة، بسبب انخفاض أسعار النفط، كما أنها تحتاج إلى التخطيط للوقت الذي ستكون فيه الأسعار أعلى. لقد حان الوقت لذلك الآن.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: Gateway House
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر