نشطاء الإيغور | مركز سمت للدراسات

هل تبيع تركيا الإيغور مقابل لقاح “كوفيد-19” الصيني؟

التاريخ والوقت : الأحد, 10 يناير 2021

محمد الدخاخني

 

صادقت بكّين على اتّفاقية تسليم مجرمين مع تركيا، تُحذّر جماعات حقوقيّة من أنّها قد تعرّض للخطر عائلات ونشطاء الإيغور، الفارّين من اضطّهاد السّلطات الصينيّة في حال تبنّتها أنقرة.

أُضيف الطّابع الرّسمي على المعاهدة، الّتي وُقّعت، للمرّة الأولى، عام 2017، في العطلة الأسبوعيّة في الكونغرس الشعبيّ الوطنيّ؛ حيث قالت وسائل الإعلام الحكوميّة إنّها ستُستَخدم لأغراض مكافحة الإرهاب، وفي مواجهة معارضةٍ قويّةٍ داخل البرلمان، لم تُصدّق الحكومة التّركيّة بعد على الاتّفاق، وحَثّ النّقاد الحكومة على التّخلّي عنها ومنع المعاهدة من “أن تُصبح أداةً للاضطّهاد”.

هذا، وتصاعد اضطّهاد الصّين لأقلّية الإيغور في شينجيانغ في الأعوام الأخيرة، وهو ما يرقى إلى ما وصفه خبراء بأنّه “إبادة جماعيّة ثقافيّة، ويُعتقَد أنّ أكثر من مليون شخص قد احتُجزوا في معسكرات اعتقال، وثمّة أدلّة متزايدة على برامج إعادة تثقيفٍ وقيودٍ مفروضةٍ على المعتقدات الدينيّة والثقافيّة وبرامج عملٍ قسريّ ومراقبة جماعيّة وتعقيمٍ قسريّ للنّساء.

وقدّم أفراد من الإيغور في الشّتات أدلّةً على الجهود الصينيّة المنسّقة لإعادة الناس إلى شينجيانغ، أو لاستخدام الأسرة داخل الصّين للضّغط على الأفراد في الخارج فلا يقومون بأيّ نشاطٍ مُعارِض.

الصين تنفي

وتنفي الصّين بشدّةٍ هذه الاتّهامات، وتقول إنّ السّياسات تَهدِف إلى مكافحة الإرهاب وتخفيف حدّة الفقر، كما يرفض المسؤولون بانتظامٍ كافّة التّقارير عن الانتهاكات باعتبارها مفبركة.

وفي أيّار (مايو)؛ أعربت مجموعة حقوق الإنسان، نورديك مونيتور، عن قلقها إزاء غموض نصّ المعاهدة، بما في ذلك بند مفاده أنّه “لا يهمّ ما إذا كانت قوانين كلا الطّرفين تضع الجريمة ضمن الفئة نفسها أو تصف الجريمة بالمصطلحات نفسها”.

وتسمح مواد أخرى لأحد الأطراف برفض الطّلب إذا كان يَعتقد أنّه سياسيّ أو عسكريّ بحت، أو إذا مُنح الشّخص حقّ الّلجوء.

وقال ليو لان، المتحدّث باسم منظّمة المدافعين عن حقوق الإنسان في الصّين، إنّ المعاهدة ستُعرّض بشكلٍ أكبر الإيغور لمخاطرة الإعادة إلى الصّين، حيث إنّهم قد يُواجهون الاحتجاز والتّعذيب، وذكّر تركيا بالتزاماتها الدّوليّة بعدم الإعادة القسريّة.

وصرّح لان لـ “الغارديان”: “يمكن للصّين استخدام اتّهامات غامضة للغاية ومطّاطة للأمن القوميّ لطلب تسليم أشخاص معيّنين إلى الصّين”.

الترحيب بالإيغور والمسلمين الفارّين من الصّين

تاريخيّاً، رحّبت تركيا لفترةٍ طويلةٍ بالإيغور والمسلمين المنتمين إلى الشّعوب التّوركيّة، الفارّين من الصّين، وتحدّثت علناً ضدّ الانتهاكات، ويُقدّر عدد الّلاجئين الإيغور في تركيا بـ 50,000، ممّا يجعلها أكبر مركزٍ لجالية الإيغور في العالم.

وفي أيّار (مايو)، كرّر سفير تركيا لدى الولايات المتّحدة القول بشأن الرّوابط الثقافيّة واللغويّة بين مجموعات هذه الأقلّية العرقيّة وتركيا، وصرّح، لموقع “أكسيوس”؛ بأنّ “أيّة قضية تتعلّق برفاههم لها مكانة خاصّة على أجندتنا”.

لكن، في الأعوام الأخيرة، اقتربت أنقرة من بكين، وزادت من مساعدتها في اعتقال أو استجواب الإيغور الّذين اتّهمتهم السّلطات الصّينية بالإرهاب، وبينما ترفض تركيا إعادة الإيغور إلى الصّين مباشرة، فقد اتُّهمت بإرسالهم إلى دولةٍ ثالثة، مثل طاجيكستان، حيث يكون تسليمهم إلى الصّين أسهل.

أصبح الحصول على أوراق الإقامة أكثر صعوبة، وأفاد العديد من الإيغور المقيمين في تركيا بتلقّي مكالمات هاتفيّة من الشّرطة الصينيّة، تُهدّدهم بأفراد أسرهم الّذين ما يزالون في شينجيانغ، إذا لم يتوقّفوا عن الحملة ضدّ سياسات الحزب الشيوعيّ الحاكم.

وتخرج حالياً مظاهرات يوميّة من قِبل مجتمع الإيغور خارج القنصليّة الصينيّة في إسطنبول للاحتجاج على مثل هذه المعاملة.

وقال أرسلان هدايت، وهو ناشط إيغوريّ أستراليّ يعيش في إسطنبول: “في البداية، لم يأخذ الإيغور المعاهدة على محمل الجدّ؛ لأنّ كافّة الدّول لديها مثل هذه الاتّفاقيات فيما بينها، لكن الحقيقة هي أنّ المنتمين إلى أقلّية “الهان” الصينيّة، الّذين يفرّون ويذهبون إلى الغرب، وليس تركيا، لذا فإنّ هذه المعاهدة تستهدفنا على وجه التّحديد”.

وأضاف: “لقد باعنا أناسٌ منّا، بالرّغم من الرّوابط العرقيّة والدينيّة، وهو أمر مؤلم للغاية”.

معاهدة تسليم المجرمين!

وقال ديلكسات راكسيت، المتحدّث باسم منظّمة المؤتمر العالميّ للإيغور، مقرّه ألمانيا، لوكالة “فرانس برس”: “إنّ “معاهدة تسليم المجرمين هذه ستُثير القلق بين الإيغور، الذين فرّوا من الصّين، ولم يحصلوا بعد على الجنسيّة التّركية”.

وأضاف: “ندعو الحكومة التركيّة لمنع هذه المعاهدة من أن تصبح أداةً للاضطّهاد”، مدّعياً أنّ بكين تُمارس ضغوطاً اقتصاديّة على تركيا للمصادقة على المعاهدة.

وقال ستيف تسانغ، مدير معهد “سواس” للشّأن الصّينيّ بجامعة لندن: “السّؤال الرّئيس هو ما إذا كانت تركيا ستلتزم بحماية الإيغور داخل حدودها وفق الإرشادات والشّفافية الدّولية، حتّى في مواجهة ضغوط بكّين”.

وقال تسانغ لصحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست”: “إذا لم تفعل ذلك، فإنّها ستجعل الإيغور الذين يعيشون في تركيا قلقين بشأن سلامتهم”.

وتكهّنت تقارير إعلاميّة بأنّ بكين تضغط بالفعل على تركيا للتّصديق على المعاهدة، باستخدام إمدادها الموعود بلقاحات “كوفيد-19.

وللصّين تاريخٌ في استخدام وسحب التّجارة لتحقيق أهداف دبلوماسيّة، وبحسب ما ورد، تأخّرت الشّحنة الأولى لتركيا عدّة أيّام بالفعل، بسبب مسائل تتعلّق بـ “الجمارك”.

وقالت كامير أرتيش، وهي ناشطة إيغوريّة تعيش في تركيا؛ إنّ المجتمع الإيغوريّ يؤمن بأنّ أنقرة سترفض التّصديق على المعاهدة.

وأضافت: “من المؤكّد أنّ الحزب الشيوعيّ الصينيّ سيتّخذ كافّة الإجراءات الممكنة لإجبار الحكومة التركيّة، لكنّنا لا نعتقد أنّ [المعاهدة] ستمرّ، سيقف الشّعب التركيّ والمنظّمات غير الحكوميّة ضدّها”.

وتابعت: “وفق الحزب الشيوعيّ الصينيّ،  جميعنا إرهابيّون، فهل من المنطقيّ أن تقوم الحكومة التّركيّة بترحيل هذا العدد الكبير من الإيغور؟ لن نفقد الأمل… إنّنا نؤمن بقوّة النّاس أكثر من الحكومات”.

المصدر: حفريات

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر