سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
ويندي كاتلر
نظرًا لأن إدارة “بايدن” القادمة تنظر في أمر منظمة التجارة العالمية (WTO)، فإنها تجد المنظمة في حالة سيئة. وكانت المتاعب تنمو بالفعل قبل ولاية “ترمب”، مع فشل مفاوضات جولة الدوحة، وتزايد الإحباطات من هيئة الاستئناف، وانتكاسات أجندة المفاوضات التجارية متعددة الأطراف.
لكنَّ تراجع منظمة التجارة العالمية بدا متسارعًا بشكلٍ كبيرٍ على مدى السنوات الأربع الماضية، مع تراجع الولايات المتحدة عن القيادة، وامتدت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى جنيف، والعديد من القيود التجارية المفرطة المفروضة في جميع أنحاء العالم خلال أزمة “كوفيد – 19” العالمية. ومع الرحيل المبكر للمدير العام “روبرتو أزيفيدو”، كان انتقال قيادة منظمة التجارة العالمية منذ ذلك الحين أقل سلاسةً، إذ لم يعمل أي شخصٍ في المنصب بالنيابة، لكن الولايات عملت بالإجماع على تعيين مدير عام جديد.
لا تزال هناك بصيصٌ من الأملِ. فقد اضطلعت القوى الوسطى بأعمالٍ مهمةٍ، مثل البيان الأخير حول التجارة والصحة الصادر عن كندا والاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا وغيرها. كما أكد الرئيس المنتخب “جو بايدن” أهمية العمل مع الحلفاء والشركاء، ومن خلال المنظمات الدولية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية والاقتصادية للولايات المتحدة. ومن المأمول أن يتم اختيار مدير عام جديد قريبًا لتعزيز العمل المهم للمنظمة.
ومع وجود قائمة طويلة من القضايا التي تتطلب الاهتمام، يحتاج فريق “بايدن” إلى فرز أولوياته وفصل ما يمكن إنجازه ومتى. فعندما تنظر الإدارة الجديدة في أهداف قريبة المدى، ينبغي أن تضع في اعتبارها المؤتمر الوزاري القادم لمنظمة التجارة العالمية لعام 2021. ولإثبات الالتزام بإصلاح وتنشيط التجارة العالمية القائمة على القواعد، هناك سلسلة من الإجراءات الفورية التي يمكن اتخاذها في وقت مبكر من فترة الإدارة الجديدة.
أولاً: من خلال رفع التحفظ الأميركي عن “نجوزي أوكونجو إيويالا” لمنصب المدير العام، فإن إدارة “بايدن” ستكتسب النوايا الحسنة على المستوى الدولي فورًا. وسيتيح هذا التحرك لجنيف تحويل تركيزها نحو الجوهر في الفترة التي تسبق المؤتمر الوزاري. فالدكتور “أوكونجو إيويالا” مؤهل بشكلٍ كبيرٍ بعد أن صعد إلى قمة الخلاف، وكلما أسرعت الولايات المتحدة في الانضمام إلى الإجماع لاختيار المرشح النيجيري، يمكن إعادة توجيه الاهتمام في وقت أقرب نحو جدول الأعمال الموضوعي.
إن قيام الممثل التجاري للولايات المتحدة بزيارة مبكرة إلى جنيف من شأنه أن يساعد في تحديد نغمة مشاركة الولايات المتحدة في تنشيط منظمة التجارة العالمية. ويمكن عقد جلسات مع المدير العام المعين حديثًا، وكذلك مع سفراء جنيف، لإجراء مسح مباشر للوضع وصياغة أفكار أولية حول جهود الإصلاح ذات الأولوية. وستكون الزيارة في تناقض صارخ مع مشاركة “روبرت لايتهايزر” لإدارة ترمب في منظمة التجارة العالمية. فلم يزر جنيف أبدًا مرة واحدة بصفته الممثل التجاري للولايات المتحدة، كما أنه غاب كثيرًا عن الاجتماعات الوزارية المصغرة في بلدان ثالثة.
تتمثل الخطوة الحاسمة في إصلاح آلية تسوية المنازعات المعطلة في أن تقدم الإدارة الجديدة مقترحات لإصلاح هيئة الاستئناف، مع الاعتراف بأن النجاح يجب أن يكون مصحوبًا بمفاوضات حول قواعد جديدة في مجالات أخرى. فمنذ منع تعيين أعضاء هيئة الاستئناف الجدد، لم تشارك الولايات المتحدة وجهات نظرها حول نهج أجندة إصلاح ملموسة، وبدلاً من ذلك ضغطت على المناقشات حول وجهات النظر المتباينة الأساسية بين الوفود.
ومن ناحية أخرى، طرحت دول أعضاء أخرى، بالإضافة إلى الرئيس السابق لهيئة تسوية المنازعات بمنظمة التجارة العالمية، أفكارًا تهدف إلى معالجة مخاوف الولايات المتحدة؛ حيث ينبغي أن يستفيد فريق “بايدن” من هذه المدخلات الثرية والاقتراحات التفصيلية لخبراء التجارة الآخرين الذين تمَّ طرحهم أيضًا. وستكون المفاوضات صعبة، لكن حالة الشلل القائمة تحتاج إلى إنهاء إذا كان لمنظمة التجارة العالمية العاملة أي فرصة للبقاء على قيد الحياة.
وبينما حددت إدارة “ترمب” التحديات التي تواجه نظام منظمة التجارة العالمية الحالي التي تفرضها الاقتصادات غير السوقية، ولا سيَّما الصين، إذ أخفقت كثيرًا في تحقيق نتائج ذات مغزى. وقد أكد فريق “بايدن” على أهمية العمل مع الشركاء وداخل المؤسسات الدولية لمعالجة هذه المشاكل. وكخطوة أولى، ينبغي للإدارة القادمة إنهاء العمل الثلاثي مع الاتحاد الأوروبي واليابان بشأن الإعانات الصناعية، وتجنيد دعم دولي أوسع، وتقديم اقتراح إلى منظمة التجارة العالمية للتفاوض.
وفي حين يتم إحراز تقدم في المفاوضات متعددة الأطراف حول التجارة الإلكترونية، لا يزال التوصل إلى اتفاق أوسع بعيد المنال. إذ يعزز الافتقار إلى القواعد المتعددة الأطراف في هذا القطاع الحيوي الرواية القائلة بأن منظمة التجارة العالمية أصبحت غير ذات صلة. لدى الإدارة القادمة فرصة لإشعال النار في ظل المفاوضات. كما يمكن العمل مع الآخرين على زيادة المشاركة عالية المستوى من العواصم. وأهم من ذلك، يمكن أن تُحَفِّزَ الزخم من خلال إطلاق مفاوضات التجارة الرقمية بين البلدان ذات التفكير المماثل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
لقد أبرم الكثير من الأطراف اتفاقيات بشأن التجارة الرقمية فيما بينهم، وذلك بناءً على منصة الشراكة عبر المحيط الهادئ. لذلك، فإذا تمَّ إحراز أي تقدم إقليمي قوي، فمن المرجح أن يصبح الآخرون أكثر جدية بشأن محادثات منظمة التجارة العالمية، ولا يريدون التخلف عن مسيرة مثل تلك الاتفاقيات.
وستساعد هذه الإجراءات المقترحة بتمهيد الطريق لإدارة “بايدن” لإحداث تأثيرٍ مبكرٍ وبنّاء، على إصلاح منظمة التجارة العالمية والمساهمة في نجاح المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارة العالمية لعام 2021، لكن هذه القائمة ليست شاملة. كما أن إصلاح وضع البلدان النامية والجوانب التجارية للقضايا العالمية الأخرى، بما في ذلك تغير المناخ والصحة، قد تأخر تقديمها.
أخيرًا، لا ينبغي الاعتماد على الولايات المتحدة لحمل المسؤولية بمفردها، حتى تنجح أجندة إصلاح منظمة التجارة العالمية، وهو ما يفرض على الآخرين الارتقاء إلى المستوى المطلوب والخروج من مناطق الراحة الخاصة بهم.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: منتدى شرق آسيا
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر