سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
أنتوني رينا
أكدت إدارة “بايدن” القادمة أنها تخطط لوضع تركيز متجدد على الشراكات الدفاعية الأميركية، مع عدم إضاعة الوقت في تحديد موقعها على شبكة تحالف الولايات المتحدة في المحيطين الهندي والهادئ. فكوريا الجنوبية من بين الحلفاء الأكثر أهمية للإدارة الأميركية التي وصفت الصين بـ”الرجعية” وكوريا الشمالية بـ”المارقة”.
ولهذا التركيز المتجدد على التحالفات تداعيات متعددة على علاقات “سيول” الدبلوماسية مع كل من الولايات المتحدة وجيرانها في شرق آسيا. ويشمل ذلك الأمل في إعادة تنشيط التحالف بين جمهورية كوريا والولايات المتحدة، فضلاً عن المخاوف من التناقضات الخطيرة حول سياسة كوريا الشمالية. وقد ظهرت المخاوف من أن يكون “جو بايدن” قد يفضل اليابان على كوريا الجنوبية بالاستناد جزئيًا إلى سجل “بايدن” أثناء خدمته في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، على الرغم من أن التحليل الأعمق يكشف أن هذا ليس هو الحال.
وفي ظل هذه الخلفية، ستضطر الإدارة الأميركية الجديدة أيضًا إلى التعامل مع التقارب المزدهر بين حليف واشنطن في كوريا الجنوبية ومنافستها الاستراتيجية، جمهورية الصين الشعبية. ولم تؤثر العلاقات المتعمقة بين الصين وكوريا الجنوبية على مدى السنوات الثلاث الماضية على استعداد “سيول” لتأييد الرؤية الاستراتيجية الأميركية لاحتواء الصين فحسب، بل قد تقوض أيضًا جهود واشنطن لتعزيز التعاون الثلاثي بين سيول وطوكيو.
ويتزامن إطلاق “إعادة الضبط” للعلاقات بين الصين وكوريا الجنوبية تقريبًا مع إجراء “اللاءات الثلاث” الذي تمَّ اتخاذه ردًا على تداعيات العلاقات بين بكين وسيول في عام 2017. ومع اقتراب نهاية عام 2020، أوضحت بكين ذلك بشكل واضح.
توثيق العلاقات مع “سيول” قضية ذات أولوية
في عام أحجم فيه قادة العالم عن القيام بزيارات رسمية، أعرب رئيس الوزراء الصيني “شي جين بينغ” عن رغبته القوية في زيارة كوريا الجنوبية في موعد أقصاه منتصف ديسمبر 2020. وربَّما تكون زيارة وزير الخارجية الصيني “وانغ يي” الأخيرة إلى “سيول” هي جزء من مرحلة الزيارة الرسمية المرتقبة من “شي”، والتي تعتمد إلى حد كبير على وضع الصحة العامة في كوريا الجنوبية. وتبدو بكين حريصة على أن يجتمع “شي جين بينغ” وجهًا لوجه مع نظيره الكوري الجنوبي قبل اكتمال نقل السلطة التنفيذية الأميركية. وفي توقيت كان قريبًا تمامًا من الانتخابات الرئاسية الأميركية، اجتمع ممثلون من وزارتي خارجية الصين وكوريا الجنوبية في بكين لمناقشة رفع العلاقات الثنائية “إلى مستوى جديد”.
ويبدو أن بكين تحاول رفع مستوى العلاقات مع “سيول” قبل أن تدخل إدارة جديدة موجهة نحو التحالف إلى البيت الأبيض. لكن واشنطن قلقة من الآثار المحتملة التي يمكن أن تحدثها المشاركة الصينية الكورية الجنوبية بإضعاف احتمالات تنشيط العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية.
ستتركز المهمة الرئيسية لإدارة “بايدن”، فيما يتعلق بسياسات التحالف المشترك في شمال شرق آسيا، على تهدئة العلاقات المتوترة بين اليابان وكوريا الجنوبية. لكن السعي وراء المصالحة الدبلوماسية بين سيول وطوكيو باسم تعزيز موقف الولايات المتحدة في شمال شرق آسيا يتعارض مع المصالح الدبلوماسية للصين.
وقد يكون عدم رغبة “سيول” في النزول لدعم الحوار الأمني الرباعي الذي تقوده الولايات المتحدة خوفًا من الإضرار بعلاقاتها مع الصين، وراء تلميحات القيادة اليابانية بأن كوريا الجنوبية ليست شريكًا ذا قيمة خاصة لطوكيو.
ومن الممكن أن يسهم تعزيز العلاقات بين بكين وسيول في تعطيل العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية. وقد تجعل العلاقات الأكثر دفئًا مع الصين كوريا الجنوبية مترددة في المشاركة في إجراءات تهدف صراحة إلى احتواء القوة الصينية بغض النظر عن التحسينات المحتملة في العلاقات بين سيول وطوكيو. لقد تناثرت أخبار تزعم أن سفير كوريا الجنوبية لدى اليابان، “نام جوان بيو”، قال إن ما يسمى بـ”اللاءات الثلاثة” لا تشكل مجموعة من الوعود الملزمة. وقد يشير هذا إلى أن “سيول” لا تزال منفتحة على زيادة التعاون الأمني مع طوكيو. وفي حين لا ينبغي الاستخفاف بهذا البيان، بالنظر إلى الطريقة التي ردت بها وزارة الخارجية الكورية الجنوبية على التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها سفيرها في واشنطن، مؤخرًا، هناك ميزة في عدم افتراض أن مثل هذه التصريحات تعكس تلقائيًا سياسة حكومية ملموسة.
ومهما كانت الخطوات التي تتخذها إدارة “بايدن” لتنشيط التحالف بين جمهورية كوريا والولايات المتحدة، فمن المرجح أن يتم تعزيز نفوذ الصين في شبه الجزيرة الكورية بشكل كبير في المستقبل.
لقد كانت هناك محاولات لتهدئة المخاوف من أن تطوير العلاقات مع بكين وحجب دعمها لاستراتيجية واشنطن في المحيطين الهندي والهادئ يجب ألا يكون محل ضررٍ بالتحالف بين جمهورية كوريا والولايات المتحدة. لكن على واشنطن أن تكون واقعية بشأن مدى تطور العلاقات بين الصين وكوريا الجنوبية وكيف سيشكل ذلك استعداد “سيول” للشراكة مع الولايات المتحدة بما يتجاوز التفويض الضيق نسبيًا لردع كوريا الشمالية بشكل مشترك.
إن تصرفات إدارة “بايدن” تجاه “سيول” لديها القدرة على تشكيل نغمة علاقات كوريا الجنوبية مع كل من الولايات المتحدة والصين لسنوات مقبلة. فعلى أقل تقدير، ستضطر واشنطن إلى مواجهة مزايا ومخاطر محاولة توسيع نطاق شراكتها الأمنية مع كوريا الجنوبية في محاولتها لاحتواء الصين. وبالمثل، فمن المرجح أن تجد “سيول” أن جهودها للحفاظ على التوازن بين الصين والولايات المتحدة غير مستدامة على نحو متزايد.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: منتدى شرق آسيا East Asia Forum
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر