سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
شاندرا موهان
كغيرها من باقي دول جنوب آسيا، تأثرت جزر المالديف هي الأخرى سلبًا بالتداعيات الاقتصادية الناجمة عن وباء “كوفيد – 19”. ذلك أنه من المتوقع أن يتقلص إنتاج هذه الدولة الجزرية الصغيرة الأرخبيلية من السلع والخدمات أو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة هائلة تبلغ 30% هذا العام، وفقًا لتصنيفات “فيتش”، بسبب اعتمادها على السياحة التي اضطرت إلى الإغلاق لمحاربة الوباء الفيروسي.
وتمثل السياحة 56.6% من الناتج المحلي الإجمالي، و59.6% من العمالة و48.5% من عائدات الحكومة باستثناء المنح، وفقًا للبنك الدولي. وستُعرف الضربة التي تعرضت لها الخزانة بسبب “كوفيد – 19” عندما يتم تقديم ميزانية بقيمة 2.5 مليار دولار في 9 نوفمبر. فقد انتعش السياح الوافدون تدريجًا منذ إعادة فتح الحدود في منتصف يوليو.
السياحة – عماد الاقتصاد
لقد تمَّ استئناف الرحلات التجارية الدولية، إذ تمَّ إنشاء أول ترتيب فقاعة اقتصادية في جنوب آسيا من قبل الهند مع جزر المالديف في 13 أغسطس. وقد بدأت الرحلات الجوية الأسبوعية الفردية لشركة الخطوط الجوية الهندية الرائدة (طيران الهند) إلى جزر المالديف من ثيروفانانثابورام، عاصمة ولاية كيرالا. وقد زار حوالي 37.468 سائحًا الدولة الجزرية بين منتصف يوليو و28 أكتوبر، بينما تمَّ استهداف 100 ألف سائح بحلول نهاية العام.
وقد صرح وزير السياحة في المالديف، “عبد الله موسوم”، أن بلاده بحاجة إلى السياحة.
ومع ذلك، فإن الانتعاش المستدام في السياحة يمثل اقتراحًا غير مناسب ويعتمد على استراتيجية احتواء الفيروس التي ستشجع المزيد من الإقدام. لكن الخبر السيئ في هذا الصدد هو أن الإصابات تتزايد محليًا. فقد أكد مركز عمليات الطوارئ الصحية في جزر المالديف، مؤخرًا، عددًا كبيرًا من حالات “كوفيد – 19” في منتجع كانديما في جزيرة “دي أتول” على الرغم من التدابير الصحية الصارمة المعمول بها، وخطط مثل “جزيرة واحدة منتجع واحد” لتشجيع الإجازات البعيدة اجتماعيًا.
وبالتالي، فإن الوباء يفرض تحديات خطيرة على حملة الحكومة لبدء السياحة لتعزيز النمو الاقتصادي العام. وبالتالي، فإن الحالة الاقتصادية للمالديف هشة وتحتاج إلى الدعم والمساعدة.
الدعم الاقتصادي الهندي جاء في الوقت المناسب
تعتبر الاستجابة السريعة من دول الجوار في هذا الصدد جديرة بالملاحظة بالنسبة للمالديف. فقد خففت الهند، التي تشترك معها في روابط عرقية ولغوية وثقافية ودينية وتجارية طويلة الأمد، قيودها المالية لتقديم المساعدة في الميزانية في الوقت المناسب وخطوط الائتمان السخية للمساعدة في بناء بنيتها التحتية والتعامل مع جائحة “كوفيد – 19”.
ففي خطابه أمام اجتماع وزراء خارجية رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي، أقر وزير خارجية جزر المالديف، “عبد الله شهيد”، بأنه تمَّ اعتماد مبلغ 250 مليون دولار كانت الهند قد تعهدت بها بالفعل وهو أكبر حزمة دعم حصلت عليها بلاده.
الشريك الثاني في جائحة “كوفيد – 19”
من المؤكد أن الهند استجابت في الماضي أيضًا لمساعدة جزر المالديف، لا سيَّما خلال محاولة الانقلاب الذي وقع في عام 1988، وأثناء أزمة تسونامي التي وقعت عام 2004، وأيضًا أزمة مياه الشرب التي شهدتها المالديف في عام 2014.
وعندما اندلعت جائحة “كوفيد – 19″، أرسلت الهند فرقًا طبية للاستجابة السريعة وقدمت الأدوية الأساسية من خلال عملية “سانجيفاني”، إذ تمَّ تقديم مساعدات مالية بقيمة 250 مليون دولار في سبتمبر من خلال استثمارات بنك الدولة الهندي في السندات الحكومية في جزر المالديف بشروط ميسرة. ووافق بنك الاحتياطي الهندي على مبادلة عملات بقيمة 150 مليون دولار أميركي لمساعدة جزر المالديف، فساعدها كل ذلك في التعامل مع الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الجائحة الوبائية.
تعدُّ الهند أيضًا أكبر مانح منفرد لجزر المالديف، فقد تم تلقي 1.4 مليار دولار أميركي في عام 2018، ومنح نقدية لمختلف المشاريع المجتمعية.
وفي اجتماع ثنائي لوزراء الخارجية في أغسطس، قدم وزير الشؤون الخارجية الهندي، “إس جايشانكار”، خط ائتمان جديدًا بقيمة 400 مليون دولار أميركي، ومنحة قدرها 100 مليون دولار أميركي للمساعدة في بناء جسر بحري لربط ثلاث جزر بالعاصمة (ماليه)، وهو ما سيخلق فرص العمل وتقوية الاقتصاد. وقد زار وزير الخارجية الهندي، “هارش فاردان شرينغلا”، جزر المالديف يومي 9 و10 نوفمبر، حيث أعلن التزامه بمتابعة التقدم المحرز في كافة هذه المشاريع.
ومع ذلك، فإن المساعدات التي تقدمها الهند في الوقت الراهن لجزر المالديف لا تخلو من الانتقادات، وخاصة من جانب المعارضة السياسية التي كانت تحتج على وجود الجيش الهندي في المالديف. إذ يشككون في كون تلك المساعدات واضحة وتخدم المصالح التنموية لجزر المالديف. وفيما يتعلق بمشروع البنية التحتية الذي يربط ثلاث جزر تابعة لها، على سبيل المثال، فقد أعلنت وزارة المالية بالمالديف عن آليات حصول الهند على 65-70% من تلك المساعدات، بما يسهل مشاركة الشركات والخدمات في جزر المالديف.
حان الوقت للتخطيط للمستقبل
ستكون هناك أيضًا عملية مناقصة دولية خاصة بالتعامل مع جائحة “كوفيد – 19″ وذلك وفقًا لـ”إن ساشيا مورثي” بمؤسسة المراقب للأبحاث Observer Research Foundation. إذ تشير الميزانية بوضوح إلى كيفية تعامل الدولة الجزرية خلال تلك الجائحة التي تركت حوالي 22 ألفًا من أبناء المالديف بدون وظائف، ما يجعل تمديد الدعم المقدم للدخل الشهري لهم أمرًا ضروريًا. وإذا تعذرت السيطرة على تلك الجائحة، فسوف يتضاءل عدد السائحين الوافدين وستستمر حالة الركود التي يعاني منها اقتصاد المالديف.
وبالنظر إلى المستقبل، فإن استراتيجية إحياء أكثر استدامة تتمثل في التنويع بعيدًا عن الاعتماد على صناعة واحدة. إلا أن أوضاع التربة التي تعاني من ارتفاع نسبة الملوحة وندرة الأراضي الصالحة للزراعة تحد من إمكانيات الزراعة. كما يمكن استكشاف المشاركة في أنشطة التصنيع كثيفة العمالة للتصدير إلى السوق العالمية من خلال تحسين المهارات المحلية.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: South Asia Monitor
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر