الطريق الصعب أمام “بايدن” بشأن العلاقات الأميركية الصينية | مركز سمت للدراسات

الطريق الصعب أمام “بايدن” بشأن العلاقات الأميركية الصينية

التاريخ والوقت : الأحد, 29 نوفمبر 2020

تشي تشون تشو

 

على الرغم من رفض الرئيس الأميركي “دونالد ترمب” الاعتراف بالهزيمة في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020، فإن نائب الرئيس السابق “جو بايدن” بدأ الانتقال الرئاسي رسميًا. ويأمل الكثيرون في بكين وواشنطن وأماكن أخرى حول العالم أن تتراجع إدارة “بايدن” القادمة عن سياسة حافة الهاوية في علاقاتها مع الصين. ولكن قد يكون ذلك من قبيل التمني أن يمكن للإدارة الجديدة كسر هذا الاتجاه بسهولة وإعادة ضبط تلك العلاقات.

فـ”بايدن”، الذي سيتم تنصيبه في 20 يناير 2021، يواجه تحديات محلية هائلة، لا سيَّما فيما يتعلق بجائحة “كوفيد – 19″، المستعصية وكذلك الاقتصاد المتعثر. فقد دعا العلماء في فريقه الانتقالي للاستعداد للعمل الشاق الذي يواجه إدارته. كما قد يكون التعاون مع الصين ضروريًا لنجاحه في معالجة هذا الوباء والمشكلات الاقتصادية الأميركية. ومع استمرار تزايد حالات الإصابة بـ”كوفيد – 19” العالمية، فإنه من الأهمية بمكان أن تعمل الحكومتان معًا لإنهاء هذه الأزمة الصحية العالمية قريبًا.

إن انتخابات واحدة لن تمحو كل الخلافات الكامنة بين الولايات المتحدة والصين؛ ذلك أن الصعود السريع للصين يمثل تحديًا لهيمنة الولايات المتحدة على عدة جبهات، من التكنولوجيا إلى الحوكمة العالمية. ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، وبغض النظر عمن هو في البيت الأبيض، فإن الولايات المتحدة في حاجة إلى بذل كل ما في وسعها للرد على تحدي الصين لقوتها ومكانتها وقيمها الليبرالية.

ويبدو أن السياسيين الأميركيين من كافة الأطياف يتفقون على شيء واحد، وهو أنه يجب أن تكون الولايات المتحدة صارمة تجاه الصين. إذ يجادل الكثيرون بأن محاولات التدخل من قبل الإدارات الأميركية السابقة قد فشلت في تغيير الصين، وأن الصين تشكل الآن تهديدًا هائلاً للمصالح القومية الأميركية.

لقد تدهورت العلاقة بين الولايات المتحدة والصين بشدة خلال السنوات القليلة الماضية لدرجة أنها لم يعد من الممكن إصلاحها بسهولة. فقد تمَّ تشغيل جميع الإشارات الحمراء في العلاقة، من تايوان إلى بحر الصين الجنوبي، ومن التجارة إلى التكنولوجيا الفائقة.

ويجب على المرء أيضًا أن يكون مستعدًا لما قد تقوم به إدارة “ترمب” في أيامها الأخيرة للعلاقة المتضررة بالفعل. فخلال مقابلة إذاعية في الثاني عشر من نوفمبر، أكد وزير الخارجية الأميركي المنتهية ولايته “مايك بومبيو”، أن “تايوان لم تكن جزءًا من الصين”، ومن الواضح أنه بذلك قد تجاوز الخط الأحمر لبكين. وقد تقوم إدارة ترمب “بتحطيم الوعاء وتحويله لأشلاء”، تاركًا وراءه فوضى ليتولى “بايدن” معالجتها.

ولا يزال البلدان يعانيان من انعدام الثقة المتبادل بسبب اختلاف أنظمتهما السياسية. فكثيرًا ما يستخدم بعض المسؤولين الأميركيين وأعضاء الكونجرس “الحزب الشيوعي الصيني” للإشارة إلى الصين. وقد جددت حكومة الولايات المتحدة هجماتها على الحزب الشيوعي الصيني وأيديولوجيته السياسية. ومع ذلك، فقد طورت القيادة الصينية، بناءً على “قناعاتها الأربعة” المزعومة، إحساسًا متضخمًا بالثقة بأن الولايات المتحدة تتراجع، وأن الصين تتجه نحو مركز المسرح السياسي العالمي.

ومن المرجح أن تجعل إدارة “بايدن” حقوق الإنسان قضية رئيسية، بالنظر إلى الأوضاع الحالية في شينجيانغ وهونغ كونغ. ذلك أن عدم مرونة الحكومة الصينية بشأن ما تعتبره قضايا السيادة، مثل تايوان والتبت، يجعل من الصعب التوصل إلى حل وسط مع الولايات المتحدة. وفي حين أن “بايدن” قد يكون أقل مواجهة وسيقدم على تحقيق درجة من الاستقرار في سياسته تجاه الصين، إلا أنه من السابق لأوانه رسم صورة وردية للعلاقة خلال السنوات القليلة المقبلة.

يشير الكثيرون إلى أن “بايدن” قد يعود إلى التعددية ويعمل مع حلفاء وشركاء الولايات المتحدة لمواجهة التحدي الصيني. فالتوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، التي تعدُّ أكبر اتفاقية للتجارة الحرة في العالم تضم الصين والعديد من حلفاء الولايات المتحدة، يشير إلى أن مثل هذا النهج قد لا ينجح مع تحرك الدول بعيدًا عن المدار الاقتصادي للولايات المتحدة.

إن العلاقات الشعبية المتبادلة تشكل حجر الأساس للعلاقات الثنائية. إلا أنه لسوء الحظ، فقد أنهت إدارة “ترمب” برنامجي فولبرايت وفيلق السلام في الصين، وفرضت قيودًا على العلماء والطلاب الصينيين الذين يجرون أبحاثًا علمية في الولايات المتحدة. كما انخرط البلدان في سباق نحو القاع لطرد الصحفيين والحد من عمليات وسائل الإعلام لبعضهما البعض.

لقد انقلب الرأي العام الأميركي ضد الصين، وهو ما يرجع جزئيًا إلى الوباء في عام الانتخابات، وكذلك السلوك الصيني. ووفقًا لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث في أكتوبر، قفزت الآراء السلبية للولايات المتحدة تجاه الصين إلى 73%؛ وهو ما يعدُّ أعلى تصنيف غير إيجابي منذ زيارة الرئيس الأميركي السابق “ريتشارد نيكسون” للصين في عام 1972.

كما أن المشاكل التي تعتري العلاقات الثنائية تنتج بالأساس عن إعادة هيكلة السلطة في النظام الدولي. وذلك بالنظر إلى الحجم الاقتصادي للصين واستثماراتها العالمية، ومن غير الواقعي أن نتوقع استمرار الصين في الحفاظ على مكانتها المتراجعة في الشؤون الدولية. فـ”مبادرة الحزام والطريق” الضخمة، وجهود الصين لتعزيز التنمية الدولية مع إبراز نفسها كقوة مسؤولة، كل ذلك تنظر إليه الولايات المتحدة بريبة وقلق. إذ تخشى واشنطن أن تحل محلها الصين كقوة بارزة في العالم.

لقد أصبحت الشعبوية الأميركية المتزايدة، بالإضافة إلى تزايد الإصرار الصيني على المضي في هذا الاتجاه، من بين العوامل الرئيسية التي تدفع البلدين نحو مسار تصادمي. ويوفر تغيير القيادة في واشنطن فرصة لبعض الباحثين عن أنفسهم فيما يخص العلاقة المتدهورة، لكن الطريق إلى الأمام لا يزال وعرًا.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: منتدى شرق آسيا

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر