مكافحة الإرهاب في إفريقيا يجب أن تتكيف مع الحقائق الجديدة | مركز سمت للدراسات

مكافحة الإرهاب في إفريقيا يجب أن تتكيف مع الحقائق الجديدة

التاريخ والوقت : الثلاثاء, 24 نوفمبر 2020

شيويت وولدمايكل

 

شهدت إفريقيا 1168 هجومًا إرهابيًا في الفترة من يناير إلى أغسطس 2020 – بزيادة قدرها 18% عن 982 حادثًا في نفس الفترة من عام 2019. وبعد سنوات من نشر العديد من عمليات مكافحة الإرهاب، بما في ذلك بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميصوم)، وقوة المهام المشتركة متعددة الجنسيات ضد جماعة بوكو حرام والعديد من البعثات غير الإفريقية، فإن القارة لم تعد قريبة من هزيمة التطرف العنيف أو احتوائه.

بل إن التهديد ينتشر بمناطق مثل البحيرات العظمى وجنوب إفريقيا، وإلى دول مثل موزمبيق ودول غرب إفريقيا الساحلية التي لم تشهد مثل هذه الهجمات حتى وقت قريب.

وعلى نحو متزايد، فقد أصبحت الجماعات المتطرفة قادرة على شن الهجمات العسكرية والحفاظ عليها. لقد قاموا بتطوير القدرة على تمويل عملياتهم من خلال الشبكات الدولية غير المشروعة والجرائم عبر الوطنية مثل القرصنة وأنشطة المرتزقة، إلى جانب الاتجار بالبشر والسلع المهربة والمخدرات والأسلحة النارية والموارد الطبيعية.

وفي بعض الحالات، يسيطرون على مناطق تعاني بالفعل من عدم الاستقرار. حتى أصبحت مهمتهم تبدو أسهل عندما يكون لدى الدول مؤسسات أمنية ضعيفة، وحوكمة سيئة، ومساحات كبيرة غير خاضعة للحكم. وهناك عامل آخر يتمثل في عودة المقاتلين الأجانب إلى هذه المناطق بعد سقوط تنظيم “داعش” في العراق وسوريا.

ويُظهر التهديد المتزايد الذي يشكله التطرف العنيف في جميع أنحاء إفريقيا الحاجة إلى إعادة النظر في الاستجابات القارية الحالية. وقد وجَّه رؤساء الدول الإفريقية في قمة الاتحاد الإفريقي في فبراير 2020 إلى مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي بضرورة النظر في تشكيل وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب في القوة الإفريقية الجاهزة.

لقد تمت مناقشة تلك الخطة في الاقتراح الذي قُدِّم إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي في 28 أكتوبر، حيث أقر الأعضاء بأن التطرف العنيف أصبح يحمل تهديدًا على مستوى القارة بما يتطلب تعزيز استجابات إفريقيا. لكن المجلس لم يتفق على ما إذا كانت وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لقوات الدفاع الذاتي تمثل الرد الأمثل.

لقد تمَّ تشكيل فريق عمل يضم جميع أصحاب المصلحة بما في ذلك لجنة الأركان العسكرية لمجلس السلم والأمن والآليات الإقليمية ووكالات التعاون الأمني ​​التابعة للاتحاد الإفريقي. إذ سيقوم بتقييم الآثار الفنية والهيكلية والعقائدية والمالية للوحدة المقترحة وتقديم مقترحات إلىمجلس السلم والأمن الإفريقي في الأشهر الستة المقبلة. كما ستوفر اللجنة الفنية المتخصصة للدفاع والسلامة والأمن التابعة للاتحاد الإفريقي المدخلات لذلك.

ويمكن أن تساعد وحدة مكافحة الإرهاب التابعة لقوات الدفاع الذاتي في تبسيط الطبيعة المخصصة للبعثات الحالية التي تعتقد بعض الدول الإفريقية أنها جعلت من الصعب ضبط استجابة منظمة للتهديدات الإرهابية. وفي إطار القوة الإفريقية الجاهزة، يمكن دعم عمليات مكافحة الإرهاب في الاتحاد الإفريقي من خلال هيكل السلام والأمن الإفريقي.

ويمكن أيضًا أن يتوسع رد إفريقيا على الإرهاب من خلال تركيزها العسكري المكثف الحالي ليشمل تدابير وقائية غير عنيفة تستهدف الظروف الأساسية التي تؤدي إلى التطرف والعنف.

ويجب أن تتم الموافقة على تعديل تعريف عمليات دعم السلام في عقيدة دعم السلام التي هي بالأساس قيد المراجعة في الوقت الراهن من قبل مجلس السلم والأمن الإفريقي قبل قمة الاتحاد الإفريقي في فبراير 2021. وتدرك هذه السياسة أن العمليات متعددة الجنسيات والمتعددة الأبعاد المصرح بها أو المصدق عليها من الاتحاد الإفريقي التي تمَّ نشرها هي لاستعادة أو الحفاظ على تأمين عمليات دعم السلام. وإذا تم اعتماد هذا التعريف، فستتمكن بعثات مكافحة الإرهاب التي تقودها إفريقيا من الحصول على تمويل من صندوق السلام.

ومع ذلك، يعتقد بعض أعضاء مجلس السلم والأمن الإفريقي أن الوحدة المقترحة ستحقق فائضًا بالنسبة لهم. وهو ما يرجع إلى أنه من المتوقع أن تتمتع القوة الإفريقية الجاهزة بقدرة متعددة الأبعاد للرد على التطرف العنيف.

كما يشكك الخبراء في مزايا إنشاء وحدة إضافية لمكافحة الإرهاب في إفريقيا، ويدعون إلى مراجعة الآليات القائمة. وينتقد آخرون عدم وجود مشاورات إقليمية قبل مناقشة الاقتراح فيإطار مجلس السلم والأمن الإفريقي، إذ إن كل هيئةٍ إقليميةٍ قد أنشأت بالفعل آليات لمكافحة الإرهاب. وتخشى بعض الدول من انتشار وحدات مكافحة الإرهاب المكونة من وحدات خارج تكتلها الإقليمي، وليس تحت سيطرتها المباشرة، أي في المنطقة المجاورة لها.

وفي حين طور الاتحاد الإفريقي تعريفًا عامًا للإرهاب، فإن ما يوصف بأنه تهديد إرهابي يتم التعبير عنه بشكل مختلف من قبل الدول الأعضاء. وسيصبح هذا بمثابة عقبةٍ رئيسيةٍ في تقرير ما إذا كان ينبغي نشر قوات الدعم السريع ردًا على مجموعات “إرهابية” محددة.

وللوصول إلى توافق في الآراء بشأن الوحدة المقترحة في إطار القوة الإفريقية الجاهزة، يجب علىمجلس السلم والأمن الإفريقي الموافقة على مشروع قرار للأمم المتحدة بشأن الوصول إلى المساهمات المقدرة من قبل المنظمة الدولية. كما يجب أن تقرر أيضًا أنواع التدخلات التي سيقدمها صندوق السلام، وتختتم الموقف الإفريقي المشترك بشأن التمويل.

تقول “آنيت ليجينار”، رئيسة عمليات السلام وبناء السلام في معهد الدراسات الأمنية، إن الترتيبات الخاصة تعدُّ طرقًا ذكية لمواجهة التهديد الإرهابي في المناطق الجغرافية الموجودة في مسرح العمليات في البلدان المشاركة في المهمات المخصصة. ويمكنها أيضًا تلقي تمويل من الاتحاد الأوروبي والشركاء الآخرين، وهو ما يعتبر أقل تعقيدًا من الحصول على الدعم المالي من الأمم المتحدة.

ويختلف تعريف الاتحاد الإفريقي وتفويضات عمليات دعم السلام عن تلك الخاصة بالأمم المتحدة. وبينما يعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشكل متزايد على الاتحاد الإفريقي في عمليات الانتشار ردًا على الإرهاب في إفريقيا، تواصل المنظمة العالمية الإصرار على أن عمليات دعم السلام التي تفوضها الأمم المتحدة لا يمكنها المشاركة في الردود العسكرية على الإرهاب.

كما يوجد خلاف بين مجلس الأمن الدولي وسلطة السلام والأمن بشأن تفويض البعثات النشطة مثل بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال. وفي حين أن الاتحاد الإفريقي، وبموجب أحكام الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، قد منح البعثة تفويضًا سياسيًا، إلا أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لم يعترف بذلك.

تركز مهام مكافحة الإرهاب المخصصة في إفريقيا حاليًا بشكل أكبر على الردود العسكرية على التطرف. لكن كما تظهر التجارب في جميع أنحاء العالم، فإن هذه التدخلات وحدها لا يمكنها التغلب على التهديد. إن اعتماد تعريف مختلط لعمليات دعم السلام من شأنه أن يساعد الاتحاد الإفريقي على معالجة هذه المشكلة. ومع ذلك فمن غير الواضح ما إذا كانت الأمم المتحدة ستدعم تعريف الاتحاد الإفريقي لعمليات دعم السلام.

وإذا صادق مجلس السلم والأمن الإفريقي على اقتراح تشكيل وحدة لمكافحة الإرهاب في إطارالقوة الإفريقية الجاهزة، فسيتعين عليه التفاوض على نطاق واسع مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. لذا يجب حل التباين العقائدي الكبير فيما يتعلق بنشر عمليات دعم السلام لبعثات مكافحة الإرهاب، من أجل الوصول إلى المساهمات المقدرة من قبل الأمم المتحدة.

 

إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات

المصدر: معهد الدراسات الأمنية Institute for Security Studies

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر