سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
إرم حليم
وفقًا لموقع استطلاع الرأي على الإنترنت “Fivethirtyeight”، والذي يطلق عليه أيضًا مسمى “538”، فإن أقصى عددٍ من الأصوات الانتخابية التي يحتاجها المرشح هي 270 صوتًا كي يفوز بالانتخابات الرئاسية الأميركية، ولهذا فإن فوز “جو بايدن” يبدو قائمًا. إذ يتوقع الموقع انتصارًا انتخابيًا قدره 347.8 / 538 لصالح “بايدن”، مقابل نتيجة انتخابية 190/538 لـ”دونالد ترمب”. بينما تشير صحيفة أميركية أخرى، وهي “بوليتيكو” Politico، إلى أن فرص “ترمب” في الفوز في الانتخابات تستند فقط إلى “فشل استطلاعات الرأي”، حيث سيقرر الفرد والنظام كيف ستكون الإدارة الأميركية خلال السنوات الأربع المقبلة.
وبالنسبة لمؤيديه، يُعتبر الرئيس “ترمب” وطنيًا على أعلى مستوى. إذ يُنظر إليه على أنه رجل “عادي” يفهم الأميركيين العاملين “العاديين”، وهو مسيحي مخلص، ومنقذ لأمة تنزف وقدمت الكثير للعالم لكنها حصلت على القليل جدًا في المقابل. ومن وجهة نظرهم، فإن الولايات المتحدة عانت من أجندة الليبراليين التي نتج عنها حدود قابلة للاختراق وسياسات هجرة ضعيفة أدت إلى زيادة الجريمة في أميركا وأثقلت نظام الرعاية الاجتماعية بها.
أمَّا بالنسبة للأميركيين الذين يدعمون “بايدن”، فقد كان “ترمب” رئيسًا مثيرًا للانقسام، حيث أنشأ معسكرات نازية باعتبار أنها “مقرات احتجاز” للمهاجرين غير الشرعيين قبل ترحيلهم، ووضع أطفال المهاجرين غير الشرعيين في أقفاص، وخلق حظرًا غير منطقي للمسلمين أثر في الدولة ذاتها. ويُنظر إلى “ترمب كرئيس” ذي شرعية محطمة بعد أن تمت مساءلته من قبل مجلس النواب الأميركي، وهو الرئيس الذي فشل في الاستجابة لوباء” كوفيد – 19″ من خلال التقليل من تهديده وإلقاء اللوم على “فيروس الصين” الذي تسبب في مكافحة العنصرية الصينية في أميركا. لقد شجَّع هذا الرئيس الميليشيات اليمينية المتطرفة العنيفة بالفشل في إدانة كراهيتهم وعنفهم، وتوجيههم إلى “التراجع والوقوف جانبًا”.
وبالإضافة إلى المواقف السياسية المرفوضة التي يتخذها “ترمب” بجانب العيوب التي تتسم بها شخصيته، فإن أنصار “بايدن” مهتمون أيضًا بالنظام الانتخابي الأميركي، حيث لا يفوز المرشح بأغلبية الأصوات الشعبية، ولكن من خلال تأمين العدد المطلوب من أصوات الهيئة الانتخابية.
ما هي الهيئة الانتخابية؟
تستند الانتخابات الرئاسية الأميركية على نظام “الهيئة الانتخابية”. ويشير هذا “المجمع” ببساطة إلى مجموعة من الأشخاص الذي تكون وظيفتهم هي انتخاب الرئيس. وفي الواقع، عندما توجه الأميركيون إلى صناديق الاقتراع هذا الأسبوع، فإنهم توجهوا للتصويت لمجموعة المسؤولين الذين يشكلون هيئة الهيئة الانتخابية؛ حيث تحصل كل ولاية على عدد معين من الناخبين اعتمادًا على حجم سكان الولاية وعدد ممثليها في الكونغرس الأميركي (أي: مجلس النواب ومجلس الشيوخ).
ويحصل كل ناخب على صوتٍ واحدٍ، ومن المفترض أن يدعم كل واحد منهم المرشح الرئاسي الذي فاز بأكثر الأصوات شعبية على مستوى الولاية. وهناك 538 ناخبًا من جميع الولايات. أمَّا المرشح الذي يحصل على أصوات 270 من هؤلاء الناخبين، فيذهب إلى البيت الأبيض في واشنطن العاصمة كرئيس للولايات المتحدة الأميركية.
وينصب النقد الشعبي للنظام الانتخابي الأميركي في أن 538 شخصًا هم من يقررون نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية. كما يجادل البعض بأن هذا بالكاد يعكس ممارسة ديمقراطية بحتة. وخلافًا للاعتقاد السائد، لا يتم اختيار شاغل البيت الأبيض من قِبَل المواطنين الأميركيين الذين يدلون بأصواتهم شخصيًا، بل إن كان المرشح الرئاسي يحصل على المزيد من الأصوات في تلك الولايات ذات الأهمية.
لقد فاز “ترمب” في انتخابات عام 2016 عندما تأرجح هامش صغير من الأصوات من ثلاث ولايات ضد منافسته “هيلاري كلينتون”، وقد انعكس ذلك في التصويت النهائي في المجمع الانتخابي.
العاطفة وراء نداء “ترمب”
تكشف التعليقات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي أين تكمن الخيوط العاطفية لمؤيدي “ترمب”؛ إذ يتم تبجيل انعزالية “ترمب” باعتبارها سياسة “أميركا أولاً” المطلوبة، وباعتبارها وطنية على أعلى المستويات، وذلك على الرغم من حقيقة أن التدخل العسكري الأميركي في الخارج كان بمثابة إجراء للحماية ضد إعادة الخلافات إلى الوطن. ويُنظر إلى وعده بإعادة القوات إلى الوطن على أنه رعاية للجنود على الرغم من ازدرائه الصريح وعدم احترامه للضباط العسكريين رفيعي المستوى.
ويُفهم انتماء “ترمب” إلى الجمهوريين المحافظين على أنه علامة على الأخلاق والسلوك الأخلاقي، وذلك رغم حقيقة أن كراهية “ترمب” العلنية للمرأة أدت إلى 26 تهمة تتعلق بسوء السلوك الجنسي، إلى جانب سلسلة من السلوكيات غير الأخلاقية الأخرى. وقد تمَّ قبول انتقاداته لـ”بايدن” والديمقراطيين على أنهم “مؤسسة مناهضة للشرطة” بالجملة على أساس مخاوف الليبراليين الخارجين عن القانون، رغم أن “بايدن” رفض مبادرة )لا تُغَرِّمُوا الشرطة( .”Defund the Police”
وقد أفاد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (وهو مركز أبحاث مقره واشنطن العاصمة) بأنه في الفترة من يناير إلى أغسطس 2020، نُسبت أكثر من 40 حادثة عنف إلى اليمين المتطرف الذي شجعه “ترمب”، مقارنة بـ12 حادثة سابقة. وعلى الجانب الآخر، هناك أقل من خمس حوادث لجماعات جهادية عنيفة.
الفيروس مقابل السياسة
بحسب ما ورد، فقد قال كبير موظفي الرئيس ترمب، “مارك ميدوز”، لمراسل “سي إن إن” CNN، جيك تابر: “لن نسيطر على الوباء”. إذ تنتشر عدوى “كوفيد – 19” كالنار في الهشيم في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ومع ذلك، هناك اعتراض على ارتداء الأقنعة والتباعد الاجتماعي من قبل الفصائل السياسية في البلاد، حيث يقود “ترمب” حملة لا هوادة فيها لرفض المشورة العلمية والبروتوكول الخاص بـ”كوفيد – 19″. رغم أنه أصيب شخصيًا بفيروس كورونا وتمَّ نقله إلى المستشفى لبضعة أيام.
لكن الحقيقة هي أن حملة “ترمب” راهنت على السيطرة على فيروس كورونا وهزيمته، حيث لا يمكنها تغيير مسارها في هذه المرحلة المتأخرة من اللعبة دون خراب سياسي.
ويبدو أن هناك جهدًا حازمًا لرفض توفير الرعاية الصحية من قبل “ترمب” البيت الأبيض. لذا يُحَذِّر “تيموثي سنايدر”، أستاذ التاريخ في جامعة ييل، من أن “صحة أميركا السيئة هي دعوة للاستبداد”. ويلاحظ “سنايدر” أنه في “الديمقراطيات العادية، لا تقتصر الرعاية الصحية على النخبة”، بل تقتصر على السكان عمومًا. لكن الأمر على خلاف ذلك في أميركا، إذ إن الرعاية الصحية التي يتعذر الوصول إليها تُوَلِّدُ الخوف وانعدام الأمن.
وبدلاً من القلق على صحة الأميركيين عمومًا، هدَّد “ترمب” بإلغاء قانون الرعاية الميسرة والمعروف بـ”أوباما كير” Obamacare، الذي يقدم رعاية ميسورة التكلفة للأميركيين من الطبقة المتوسطة والعاملة، ويمنع شركات التأمين من رفض الرعاية للأفراد الذين يعانون من ظروف موجودة مسبقًا.
بديل “بايدن”
في حملاته الانتخابية، وعد “بايدن” بأنه سيكون رئيسًا أميركيًا لا يرى أي تمييز بين الولايات الحمراء (الجمهورية)، أو الولايات الزرقاء (الديمقراطية)، لكنه يرى فقط “الولايات المتحدة”.
ويَعِدُ “بايدن” برئاسة تقدمية، بحيث تشتمل أجندة “إعادة البناء بشكل أفضل” على بعض الميزات التالية: 6 تريليونات دولار أميركي على مدى عقد لتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية لجميع الأميركيين، وتتبع الاتصال الأكثر فاعلية لمكافحة انتشار “كوفيد – 19″، وعمليات الإغلاق الجديدة إذا لزم الأمر، وتكلفة عدم دفع الأموال للأميركيين مقابل لقاح “كوفيد – 19”.
كما ستكون هناك استثمارات بقيمة 400 مليار دولار لدعم الاقتصاد، بالإضافة إلى ضخ 300 مليار دولار للبحث في مبادرات الطاقة النظيفة، فضلاً عن 15 دولارًا أميركيًا للعمالة الفيدرالية ودعم النقابات.
ومن ثَمَّ توسيع قانون الرعاية الميسرة وفرض ضرائب أعلى على الشركات والأثرياء بجانب خطة لتنفيذ “قانون التعليم الجامعي للجميع” الذي تبناه “بيرني ساندر”، وإصلاحات العدالة الجنائية التقدمية وإلغاء عقوبة الإعدام، ورفض الحملة المناهضة للشرطة التي يتبناها اليسار.
السيناريوهات الثلاثة
في نهاية المطاف، يعتمد اختتام الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020 على كيفية مواجهة النظام الأميركي لتحديات ذلك الوقت، أي خلال جائحة فيروس كورونا والاضطراب غير المسبوق للمجتمع والاقتصاد، وغرور “دونالد ترمب”. لذلك، فإن ثمة احتمالات ثلاثة بشأن المستقبل:
السيناريو الجيد: وهو أن المرشح الذي يخسر الانتخابات سوف يستسلم بلطف لمنافسه، ويعرض ديمقراطية صحية وقوية في أقوى دولة في العالم.
السيناريو السيئ: حيث يعلن الرئيس “ترمب” انتصارًا مبكرًا، قبل وقت طويل من احتساب جميع بطاقات الاقتراع المرسلة بالبريد، وعندما يتم الانتهاء من هذه الحسابات وترجمتها إلى فوز “بايدن”، فإن “ترمب” سيفعل ذلك. وبالتالي جر وزارة العدل، وربَّما المحكمة العليا، نحو إصدار القرار النهائي.
السيناريو الأسوأ: وهو المساحة التي تتصرف فيها الميليشيات اليمينية المتطرفة بناءً على وصية من ترمب “بالوقوف
جانبًا” واعتبارها رخصة لإطلاق العنان للعنف في الشوارع الأميركية. وحقيقة أن الشرطة تستعد بالفعل للعنف وأن بعض المحلات التجارية تمت تغطيتها تحسبًا لأعمال عنف بعد الانتخابات تؤكد هذا الخوف.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر