سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
صفية غوري أحمد وفاطمة سلمان
في العقد الماضي، أصبح الديمقراطيون والجمهوريون في الولايات المتحدة يرون الهنود الأميركيين على أنهم مجموعة ديموغرافية ذات نفوذ متزايد. وعلى الرغم من أنهم يشكلون 1٪ فقط من الناخبين، فإن الهنود الأميركيين يشكلون ثاني أكبر مجموعة مهاجرة في الولايات المتحدة (بعد الأميركيين المكسيكيين). وتتزايد أعدادهم بسرعة، فوفقًا لتعداد الولايات المتحدة، نما عدد السكان الأميركيين من الهند بين عامي 2000 و2018 بنحو 150%. ويعدُّ مجتمعهم أيضًا هو الجماعة العرقية الأعلى دخلاً في البلاد، بمتوسط دخل قدره 100 ألف دولار في عام 2015، بما يقرب من ضعف المتوسط الوطني في ذلك العام. ووفقًا لذلك، تمَّ اختيار الأميركيين الهنود كقاعدة مانحين لكلا الحزبين، حيث ساهموا بنحو 10 ملايين دولار في بطاقة الحزب الديمقراطي في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية لعام 2016.
وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2020، بذلت حملتا “ترمب” و”بايدن” جهودًا كبيرة لإذاعة إعلانات تلفزيونية تستهدف الناخب الأميركي الهندي. وتُعرض إعلانات “ترمب” و”بايدن” المتنافسة، باللغتين الهندية ولهجات إقليمية عديدة، وسط أفلام “بوليوود” وعروض هندية على غرار “تيلينوفيلا” telenovela على شبكات جنوب آسيا الشهيرة في الولايات المتحدة، مثل: “تي في آسيا” TVAsia و”قناة سوني للترفيه” .Sony Entertainment TV
باختيار “كمالا ديفي هاريس” لمنصب نائب الرئيس، كان لسناتور كاليفورنيا التي تنحدر من أم هندية وأب جامايكي، القدرة على الحشد لصالح حملة “بايدن” من الجالية الأميركية الهندية. وتتحدث “هاريس” بصوت عالٍ عن هويتها ثنائية العرق، وتعتز بجذورها الهندية، التي يكون تأثيرها أكثر وضوحًا في جامعي التبرعات. ففي حدث واحد لجمع التبرعات في سبتمبر الماضي، جمع صندوق “بايدن فيكتوري” مبلغًا قياسيًا بلغ 3.3 مليون دولار من الجالية الأميركية الهندية.
وبالطبع، افترض البعض، إمَّا بقلق أو حماسة أن الأميركيين الهنود بدأوا في التحول لدعم الرئيس “دونالد ترمب” بأعداد كبيرة، مستشهدين بصداقته مع رئيس الوزراء الهندي “ناريندرا مودي”، والأساليب السياسية المتشابهة للزعيمين وجاذبيته الشعبوية، ومواقفه المتشددة ضد تنظيم “داعش”. لكن مثل هذه التنبؤات سابقة لأوانها، على الأقل في الوقت الحالي.
لقد أظهر استطلاع للرأي أجرته “يو جوف” YouGov مؤخرًا، أن 72% من الناخبين الأميركيين الهنود المسجلين يدعمون “بايدن”. وبالمقارنة، صوت 77% لـ”هيلاري كلينتون” في عام 2016 و84 % للرئيس “باراك أوباما” في عام 2012. ووجد الاستطلاع أيضًا أن عدد الأميركيين الهنود المؤيدين لـ”ترمب” قد ارتفع إلى 22%، بعد الـ16% الذين أيدوه في عام 2016. وهكذا، بينما يواصل غالبية الأميركيين الهنود دعم الحزب الديمقراطي، يبدو أن الحزب الجمهوري يحقق بعض النجاح في الدعم المتزايد بين الناخبين الأميركيين الهنود.
كما أظهرت انتخابات عام 2016، أنه حتى التحولات الصغيرة يمكن أن يكون لها تداعيات كبيرة. ربَّما يكون الأمر الأكثر أهمية من الثراء النسبي للجالية الأميركية الهندية ومستويات التعليم العالية عمومًا، هو حقيقة وجود أعداد كبيرة من الناخبين الأميركيين الهنود في الولايات المتأرجحة الرئيسية. ويوجد في كل من تكساس وميتشيغان وبنسلفانيا مجتمعات كبيرة من جنوب آسيا، وبالنظر إلى أن هوامش النصر من المرجح أن تكون ضيقة، فحتى التحولات الصغيرة في الدعم يمكن أن تقلب التوازن.
وفي حين أن غالبية الأميركيين الهنود قد لا يزالون يعتمدون على الديمقراطيين في القضايا الداخلية، هناك أيضًا ما يسمى بعامل “مودي”. إذ يواصل الكثيرون في المجتمع دعم “مودي”، ولا سيَّما موقفه من قضية كشمير. وبعد ما يقرب من شهرٍ من إلغاء الحكومة الهندية الوضع الدستوري الخاص لكشمير، ووسط احتجاجات واسعة النطاق ضد انتهاكات حكومته لحقوق الإنسان، زار “مودي” هيوستن، وحظي بهتافات حشد من 50 ألفًا من مؤيديه، بمن فيهم “ترمب”. ويعود الفضل إلى “مودي” على نطاق واسع في جعل الهند أكثر بروزًا على الساحة العالمية. وقد رسم “ترمب” والحزب الجمهوري علاقة واضحة بين دعمهما للهند والناخب الهندي، حيث عانى الديمقراطيون أحيانًا، خاصة عندما يتعلق الأمر بسجل “مودي” في مجال حقوق الإنسان.
وفقًا لذلك، يقوم كلا الطرفين بمراهنات كبيرة عندما يتعلق الأمر بالمجتمع الهندي الأميركي. وتعتمد حملة “بايدن” على القوة النجمية للمشاهير الأميركيين الهنود. وفي وقت سابق من هذا الشهر استضافت حفلة افتراضية في جنوب آسيا تضم مشاهير مثل: “ميندي كالينج”، و”ليلي سينغ”، و”كومايل نانجياني”، في محاولة للوصول إلى الناخبين الشباب من جنوب آسيا وتحفيزهم.
وبالمثل، أطلقت حملة “ترمب”، مؤخرًا، أصواتًا هندية من أجل “ترمب”، وهو تحالف من الأميركيين الهنود في الحكومة والقطاع الخاص بقيادة “دونالد ترمب جونيور”، ومهمته “تكريم الشراكة الاستراتيجية العالمية الشاملة مع الهند” و”البناء على الشراكة بين الولايات المتحدة والهند”.
وعلى الرغم من أن الأميركيين الهنود يميلون إلى اليسار، فقد رأينا في السنوات الأربع الماضية أن ولاءاتهم الحزبية ليست ملزمة. إن عامل “مودي” ليس خرافة. فبينما يُنظر إلى الأميركيين الهنود على أنهم ليبراليون على نطاق واسع، فإن الحشود التي تجمعت في هيوستن في عام 2019، كشفت قصة مختلفة، فكأي مجموعة ديموغرافية أخرى في الولايات المتحدة، فإن المجتمع الهندي الأميركي ليس كتلة واحدة.
يحاول “ترمب” أن يلقي بظلاله على خطابه القاسي بشأن المهاجرين وبناء الجدار من خلال الربط بين دعمه للهند وتصويت الأميركيين من أصل هندي. فقد أدى تأثير المواقف الأميركية الهندية على السياسة الهندية إلى صعود المحافظين الأميركيين الهنود المولودين في الخارج الذين ينظمون تحت إدارة “ترمب” ويركزون على القضايا المحلية الهندية، حيث دفع “ترمب” بعض المانحين إلى اليمين، لا سيَّما أولئك الذين يرون في الرئيس الأميركي صورة طبق الأصل من “مودي”، “الرجل القوي الشعبوي الذي يقف على ما يبدو ضد المسلمين”. هنا يمكن الإشارة إلى أن دعم “ترمب” بين الأميركيين الهنود قد نما بنسبة 8 نقاط مئوية منذ عام 2016، وهو ارتفاع ملحوظ لرئيس حصل على أرقام موافقة منخفضة تاريخيًا بخلاف ذلك.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: مجلس السياسة الخارجية Foreign Policy
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر