سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
محمد أوزالب
يشكل المسلمون أقلية صغيرة في الولايات المتحدة، لكن ربَّما يكون لهم تأثير كبير على الانتخابات الأميركية. ومع ذلك، غالبًا ما ينقسم المسلمون الأميركيون بين خطاب الرئيس “دونالد ترمب” عن الأجانب، والتصور بأن الديمقراطيين يقوضون الأخلاق العامة في القضايا الاجتماعية.
ووفقًا لتقديرات مركز “بيو” للأبحاث في عام 2017، يقيم 3.45 مليون مسلم في الولايات المتحدة، وهو ما يمثل 1.1٪ من إجمالي السكان. وفي حين أن هذا قد يبدو صغيرا، يُقَدِّر “بيو” أن المسلمين سيتجاوزون السكان اليهود بحلول عام 2040 ليصبحوا ثاني أكبر كتلة دينية بعد المسيحيين.
يعيش المسلمون الأميركيون بشكلٍ رئيسٍ في المدن الكبيرة. فحوالي 58٪ منهم ولدوا في الخارج، كما أن 18٪ ولدوا في أميركا لوالدين أو أكثر من الجيل الأول من المهاجرين. ويعتبر حوالي ربع (24٪) الأميركيين المسلمين من مواطني الولايات المتحدة.
إن الأميركيين المسلمون من أكثر الجماعات العرقية تنوعًا في الولايات المتحدة. ذلك أن شريحة كبيرة تشكل (41٪) من المسلمين يعرفون بأنهم من البيض، وما يقرب من ثلثهم (28٪) من الآسيويين (بما في ذلك جنوب آسيا)، وخُمسهم (20٪) من السود وحوالي 8٪ من أصل لاتيني.
الناخبون المسلمون يواجهون معضلة في السياسات
يُترجم التنوع الديموغرافي للأميركيين المسلمين إلى ملف تعريف فريد عندما يتعلق الأمر بالسياسات. ففي القضايا الأخلاقية والاجتماعية، يعتبر المسلمون أقرب إلى الحزب الجمهوري المحافظ، ولكن فيما يتعلق بمسائل التنوع الثقافي والديني، فهم أكثر انسجامًا مع الحزب الديمقراطي الأكثر ليبرالية.
ووفقًا لمسح انتخابي للكونغرس، عرّف 18٪ من الأميركيين المسلمين أنفسهم على أنهم محافظون، و51٪ معتدلون، و31٪ ليبراليون. وقد وجد الاستطلاع ذاته أن 88٪ من المسلمين يؤيدون تشديد الرقابة على الأسلحة مقارنة بـ96٪ للديمقراطيين ككل.
لقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم (ISPU) في مارس 2020، أن 65٪ من المسلمين يدعمون حركة “حياة السود مهمة” Black Lives Matter، وهي الحركة التي تمثل الدعم الأكبر لجميع الجماعات الدينية في الولايات المتحدة.
كما وجد نفس الاستطلاع أن ما يقرب من نصف الناخبين المسلمين يؤيدون التحالفات مع دعاة الحريات الدينية. ويتوقع المسلمون الأميركيون أيضًا أن يُعاملوا باحترام وأن يتم قبولهم كجزء لا يتجزأ من الأمة الأميركية. ومن المرجح أن يلبي الحزب الديمقراطي هذا التوقع.
ومن ناحية أخرى، لا يدعم 55% من المسلمين الأميركيين نشاط “مجتمع الميم”، وهم أكثر ميلاً من اليهود والكاثوليك لدعم التحالفات مع معارضي الإجهاض. ويرى المسلمون أيضًا في “ترمب” فرصة أفضل للاقتصاد.
لذلك، ينظر المسلمون إلى الجمهوريين على أنهم معادون للمسلمين على أسس عرقية، لكنهم يرون أن الديمقراطيين معادون للأخلاق الإسلامية والقيم العائلية.
إن مثل هذا الموقف يسبب تنافرًا انتخابيًا بين الناخبين المسلمين. ويعدُّ هذا اللغز مسؤولاً جزئيًا عن انخفاض التسجيل الانتخابي والإقبال بين المسلمين الأميركيين.
وبدءًا من مارس 2020، تمَّ تسجيل 78٪ من المسلمين المؤهلين للتصويت. ومن بين المسجلين قال 81٪ إنهم سيحضرون يوم الانتخابات. لكن هذا أقل جدًا من المجموعات الدينية الأخرى، مثل الإنجيليين (92٪)، والكاثوليك)91%).
تغيير الأنماط في تصويت المسلمين
على مدى السنوات العشرين الماضية، تغيرت تفضيلات الأحزاب للمسلمين الأميركيين بشكل ملحوظ. فقبل الهجمات الإرهابية في 11 سبتمبر 2001، كان ما يقدر بنحو 80٪ من المسلمين الأميركيين غير الأفارقة ناخبين جمهوريين، بينما صوت غالبية المسلمين الأميركيين من أصل إفريقي للمرشح الديمقراطي “آل جور”. وقد تغير هذا النمط التصويتي في فترة ما بعد 11 سبتمبر، عندما قادت إدارة “جورج دبليو بوش” والحزب الجمهوري “الحرب على الإرهاب.”
لقد أدى خطاب الحرب على الإرهاب والمراقبة التدخلية للمسلمين بموجب قانون “باتريوت” والحملات العسكرية في أفغانستان والعراق، إلى خلق جو معادٍ للمسلمين بشكل ملحوظ في الولايات المتحدة. كما اعتبر المسلمون الحرب على الإرهاب حربًا على الإسلام والمسلمين. ونتيجة لذلك، انخفض التصويت الأميركي المسلم لـ”بوش” إلى 7٪ فقط في انتخابات 2004.
لقد بلغ التحول الكبير من قبل الناخبين المسلمين إلى الديمقراطيين ذروته في دعم باراك أوباما في انتخابات 2008. واستمر الاتجاه نفسه مع تصويت المسلمين بأغلبية ساحقة للديمقراطيين في انتخابات عام 2016، حيث ذهب 82٪ من الأصوات إلى “هيلاري كلينتون”. وبحلول عام 2018، كان دعم المسلمين للحزب الجمهوري يمثل 10٪ فقط.
ومع ذلك، أظهر استطلاع مركز “بيو” للأبحاث في مارس 2020، أن دعم الناخبين الأميركيين المسلمين لـ”ترمب” قد ارتفع إلى 30٪، حيث يعتقد الناخبون المسلمون أن “ترمب” مدير جيد للاقتصاد وغير راغب في المشاركة في حروب الشرق الأوسط.
ومن المثير للاهتمام أن استطلاع مركز “بيو” نفسه أظهر أن 31٪ من المسلمين البيض يؤيدون “ترمب” مقابل 8٪ من المسلمين السود والعرب، و6٪ من المسلمين الآسيويين.
ومن غير الواضح إن كان النهج السيئ للتعامل مع أزمة وباء “كوفيد ــ 19″ قد تسبب في انخفاض الدعم الإسلامي لـ”ترمب”. لكن لا يزال هناك عملان آخران له يتعلقان بالناخبين المسلمين. الأول هو الأمر التنفيذي رقم 13769 لعام 2017 الذي منع المسلمين من سبع دول، هي (العراق وسوريا والسودان وإيران واليمن وليبيا والصومال) من دخول الولايات المتحدة على أساس أن هذه الدول كانت تدعم الإرهاب. وعلق دخول جميع اللاجئين السوريين إلى الولايات المتحدة إلى أجل غير مسمى.
وقد أصبح هذا الأمر التنفيذي يعرف باسم “حظر دخول المسلمين”، وتعرض لانتقادات لاستهدافه المسلمين “بسبب عقيدتهم”. وكان للحظر تأثير كبير على حرية السفر للعديد من الأميركيين المسلمين الذين لم يكونوا مواطنين.
أمَّا الثاني فهو نقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس عام 2018، والاعتراف فعليًا بالقدس كعاصمة يهودية. وقد أثار هذا غضب الفلسطينيين والمسلمين حول العالم.
ومع ذلك، فإن “جو بايدن” ليس خيارًا افتراضيًا للناخبين المسلمين أيضًا. ويتوقع المسلمون الأميركيون أن يقدم “بايدن” وعودًا بمراجعة “قائمة المراقبة” إذا تمَّ انتخابه. وتعدُّ هذه هي قاعدة بيانات الحكومة الأميركية لفحص الإرهابيين، والتي تحتوي على أسماء الأفراد الممنوعين من ركوب الرحلات الجوية التجارية. ويشعر الكثير من المسلمين أن السياسة تستهدف المسلمين الأبرياء بشكل غير عادل. وبينما قدم “جورج بوش” هذه السياسة، فإن تطبيقها على نطاق واسع لم يحدث إلا في ظل إدارة “أوباما” و”بايدن.”
إن تجنب كلا المرشحين لقضايا الشرق الأوسط في الحملة الحالية وفي المناظرات الرئاسية، يعدُّ عاملاً آخر مقلقًا بالنسبة للناخبين المسلمين. إذ لم يكونا واضحَين فيما يخص موقف المرشحين في مسائل السياسة الخارجية المهمة.
ومن المرجح أن تؤدي هذه المخاوف إلى “تصويت بايدن أو لا تصويت”، أو اختيار مرشح طرف ثالث بين الناخبين المسلمين.
ويعدُّ هذا أمرًا مهمًا لأن مشاركة المسلمين يمكن أن تحدد النتائج في الولايات المتأرجحة الهامشية في فلوريدا وأوهايو وفيرجينيا وميتشيغان بشكل خاص. ويقدر عدد السكان المسلمين في ميتشيغان بـ3٪. ويعتبر هذا الرقم الهامشي كافيًا لتحديد نتيجة الولاية التي تفوق فيها “ترمب” على “هيلاري كلينتون” بنسبة 0.23٪ من الأصوات في عام 2016.
وقد يكون الإقبال الكبير من المسلمين ودعم “جو بايدن” كافِيَين لتغيير لون الولايات المتأرجحة مثل ميتشيغان إلى اللون الأزرق وتسليم البيت الأبيض للديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية لعام 2020.
إعداد: وحدة الترجمات بمركز سمت للدراسات
المصدر: كونفرزيشن The Conversation
سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!
تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر