العلاقات الغامضة بين إدارة كلينتون – أوباما والإخوان المسلمين | مركز سمت للدراسات

العلاقات الغامضة بين إدارة كلينتون – أوباما والإخوان المسلمين

التاريخ والوقت : الأحد, 18 أكتوبر 2020

في الواقع، فإن مجموعات الضغط الإخوانية في الولايات المتحدة أكثر بكثير مما يعتقده البعض؛ فهذا البلد به 8 ملايين مسلم، 56% منهم من عائلات مهاجرة و42% من الجالية الأميركية السوداء، وعلى الأقل هناك “مليون ناخب” يمكن حشدهم؛ يمكننا أن نذكر مثلاً مؤسسة “American Islamic Trust”، التي أُنشئت عام 1971، والمعهد الدولي للفكر الإسلامي، والجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية، والمجلس الإسلامي الأميركي، الذي تأسس عام 1990، أو الجمعية الإسلامية الأميركية.. هذه الهياكل قريبة من جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة الإسلامية الباكستانية، فضلاً عن “ميلي غورو” أو الحركة الوطنية التركية.

أحد اللوبيات الإخوانية الأميركية الرئيسية: الجمعية الإسلامية لأميركا الشمالية، يرأسها أحد الناشطين في جماعة الإخوان المسلمين، وداخل الحزب الديمقراطي؛ سواء في ظل إدارة أوباما أو مع المرشح جو بايدن والمتعاونين معه. كما أن أقوى جماعات الضغط الإسلامية في الولايات المتحدة اليوم هو التحالف الإسلامي الأميركي (AMA)، ومجلس الشؤون العامة الإسلامية (MPAC)، ومجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) الذي تأسس في عام 1994 في واشنطن على يد نهاد عوض، وهو إخواني فلسطيني مقرب من “حماس”، وتراقبه المخابرات الأميركية منذ فترة طويلة؛ لكنه مع ذلك تمكن من الحصول على الجنسية الأميركية، وأصبح محاوراً متميزاً للديمقراطيين.

ويحضر مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية في جميع الولايات الأميركية، ويعمل على مكافحة “أي تهديد للحرية الدينية للمسلمين في أميركا”، ويصف نفسه بأنه “أكبر منظمة تدافع عن الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة”، كما جاء في “واشنطن بوست” في عددها الصادر بتاريخ 10 سبتمبر 2004.

يؤكد مدير الأبحاث في “كير” عباس باريزجار، أن “جماعة الإخوان المسلمين مجرد حركة اجتماعية”؛ لكن لا يمكن لأحد أن يغفل الصلات الوثيقة التي تجمع مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية بالإخوان المسلمين. لقد تم إنشاء مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية من قِبل الجمعية الإسلامية من أجل فلسطين؛ وهي مجموعة وصفها الضابط الفيدرالي في مكتب التحقيقات الفيدرالي أوليفر ريفيل، بأنها “واجهة (حماس) في الولايات المتحدة”.

ثاني أكبر منظمة إخوانية عبر المحيط الأطلسي هي الجمعية الإسلامية الأميركية (MAS)، ومقرها ولاية فيرجينيا. في موقعها على الإنترنت، تموِّه بُعدها الإخواني من خلال تقديم نفسها على أنها “منظمة خيرية ودينية واجتماعية وثقافية وتعليمية لها أكثر من 50 فرعاً في جميع أنحاء الولايات المتحدة”.

بالنسبة إلى الأوساط الأمنية، تُعرف الجمعية الإسلامية الأميركية بأنها منظمة تخريبية تدعم حركة حماس، تحت ستار “النضال الاجتماعي” و”النضال المدني” و”مناهضة العنصرية” و”الإسلاموفوبيا”، ولا تزال معادية للسامية بتعصُّب؛ بل إنها عرَّفت الجهاد على أنه “حق إلهي شرعي” للدفاع عن الإسلام ونشره.

 كلا الهيكلَين استمر في ممارسة الضغط المكثف لسنوات عبر اليسار الطلابي المتطرف واتحادات الجامعات الأميركية، ثم عبر أكثر الشخصيات “انفتاحاً” داخل المعسكر الديمقراطي.

بدأت العلاقة المتميزة للإدارات الديمقراطية مع الإخوان الأميركيين في وقت مبكر من عام 1996، عندما كانت هيلاري كلينتون الزوجة المؤثرة للرئيس بيل كلينتون، آنذاك، (الرجل الذي قرر شن الحرب ضد الصرب لصالح الإسلاميين البوسنيين والإرهابيين الألبان من كوسوفو)، لقد تمت دعوتهم لأول مرة من قِبل قادة “USMB” (واحدة من الجمعيات الإخوانية الأميركية المذكورة أعلاه)؛ لحضور حفل إفطار رمضاني في البيت الأبيض. تم الإعلان عن هذا العشاء لأغراض انتخابية بحتة، كما تكرر نشر صور هيلاري كلينتون وابنتها وهما ترتديان الحجاب الإسلامي في وسائل الإعلام العربية والباكستانية.

مع وصول باراك “حسين” أوباما إلى السلطة، تعمَّق التقارب بين الإدارة الأميركية والإخوان المسلمين. كشف دليلان عن عدم رغبة أوباما في مواجهة الإسلاموية والإخوان؛ أولاً وقبل كل شيء كان “خطابه الشهير في القاهرة” عام 2009، الذي كشف عن أن جزءاً كبيراً من حاشيته جاؤوا من خلفيات ترتكز على جماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن دعمه الثابت للإخوان خلال الربيع العربي؛ خصوصاً في مصر، القلب التاريخي للإخوان المسلمين في المنطقة.

شخصيات مثيرة للجدل

التفت العديد من الشخصيات الإخوانية حول أوباما في الماضي القريب، ولقد ترك هذا الماضي أكثر من مجرد آثار سلبية، قد يخاطر جو بايدن بإنعاشها إذا ما وصل إلى السلطة بدعم متزايد من جماعات الضغط الإسلامية المتنوعة.

من أبرز تلك الشخصيات: عارف علي خان، المحامي الهندي الباكستاني والأستاذ بجامعة الدفاع الوطني، عُيِّن في عام 2009 نائباً لوزير الأمن الداخلي، ثم مستشاراً لأوباما للدول الإسلامية. هو مؤسس منظمة الإخوان الإسلامية العالمية، وعمل كوسيط بين إدارة أوباما والحركات الإسلامية خلال “الربيع العربي”. ودافع عن وصول الإخواني محمد مرسي، إلى السلطة في مصر، وحركة النهضة في تونس.

كما هناك على سبيل المثال الأميركي- المصري محمد الإبياري، الإخواني الذي هرب والداه من قمع عبدالناصر، شغل منصب المدير السابق لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية في هيوستن، وهو الذي كتب خطاب أوباما الذي دعا فيه حسني مبارك إلى ترك السلطة لصالح الإخوان المسلمين خلال الربيع العربي، كما انتقد سيطرة المشير السيسي المناهض للإسلاميين على البلاد.

هناك أيضاً المحامي الأميركي الهندي- الباكستاني راشد حسين، الذي أصبح في يناير 2009 مستشاراً قانونياً للبيت الأبيض. علاوة على ذلك، كان هو الذي كتب خطاب القاهرة الشهير، والذي يمكن لأي خبير أن يلمح فيه كليشيهات التفوق الإسلامي المعادية للغرب في ما يتعلق بماضي الخلافة الإسلامية “المتفوق أخلاقياً” على الدول القومية و”أوروبا” غير المتسامحة.

كما هناك الأميركي من أصل عراقي سالم المراياتي؛ المدير السابق لمجلس الشؤون الإسلامية، والذي تم ترشيحه عام 2002 للانضمام إلى جهاز الأمن القومي على الرغم من الشكوك الشديدة التي طالت هذا المجلس بعد 11 سبتمبر 2001.

لا يمكن أن ننسى السوداني- الأميركي محمد مجيد؛ المتخصص في التفسير القرآني، ونجل مفتي السودان السابق الذي هاجر إلى الولايات المتحدة عام 1987، وقام بالتدريس في جامعة هوارد، ثم قام بحملة لتجريم أي “تشويه لصورة الإسلام” قبل أن يتم تعيينه عام 2011 مستشاراً لوزارة الأمن الداخلي ومسؤولًا عن مكافحة التطرف والإرهاب، ثم مستشاراً لمكتب التحقيقات الفيدرالي.

أخيراً، فإن إيبو باتيل، الهندي- الأميركي، وهو عالم اجتماع إخواني وصديق مقرب للمفكر الإسلامي هاني رمضان؛ حفيد حسن البنا، وعضو اللجنة الاستشارية الدينية لمجلس العلاقات الخارجية، والذي عُيِّن رغم ذلك مستشاراً لوزارة الأمن الداخلي وعضواً في مجلس استشارة باراك أوباما.

فضلاً عن الروابط السابقة، هناك أدلة متزايدة على العلاقة الخاصة لفريق حملة جو بايدن مع جماعة الإخوان المسلمين الأميركية. دعونا بالفعل نخشى أنه في حالة فوز بايدن فسيكون مستوى المشاركة والتأثير لجماعات الضغط الإسلامية الأميركية المرتبطة بالإخوان داخل الحكومة الفيدرالية غير مسبوقة.

ومن الواضح أن هذا لن يكون دون عواقب على السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأدنى أو الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ حيث كانت الثورات العربية، منذ عام 2010، مناسبة للإخوان المسلمين في كل مكان تقريباً بدعم متبادل من كلينتون وأوباما، واللذين أسهما في تحويل الربيع العربي الواعد إلى “شتاء إسلامي” لا تزال آثاره الضارة من حيث زعزعة الاستقرار محسوسة كل يوم في جميع أنحاء المنطقة.

المصدر: qposts

النشرة البريدية

سجل بريدك لتكن أول من يعلم عن تحديثاتنا!

تابعونا على

تابعوا أحدث أخبارنا وخدماتنا عبر حسابنا بتويتر